قمة كريت تطيح بحلم الفاتح وتعيد توازنات القوى في شرق المتوسط

الخميس ١١ أكتوبر ٢٠١٨ الساعة ٢:٢٢ مساءً
قمة كريت تطيح بحلم الفاتح وتعيد توازنات القوى في شرق المتوسط

يبدو أن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لا يتحرك بلا أهداف، حتى أن قمم قد تبدو للوهلة الأولى قمماً شكلية وتهدف لتحقيق مكاسب اقتصادية بحتة تضرب بجذورها عميقاً في من أجل تغيير موازين القوى وسحب البساط من تحت أقدام الداعمين للإرهاب ومموليه، تحركات تهدف للإطاحة بأحلام اليقظة للسلطان الفاتح.

وتعد قمة “كريت” السادسة التي عُقدت أمس بين قادة مصر واليونان وقبرص محاولة لترسيخ تحالف إقليمي جديد بين الدول الثلاث، يهدف إلى إعادة ترتيب توازنات القوى في شرق البحر المتوسط وردع أحلام توسعات السلطان “الفاتح” في المنطقة.

ردع الإرهاب

وفي بيان للرئاسة المصرية أمس أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي أن القمة تهدف إلى تقييم التطور في كافة مجالات التعاون ومتابعة المشروعات الجاري تنفيذها واستكمال ما تحقق في القمم الخمس السابقة في سياق تعميق العلاقات بين الدول الثلاث ودعم التشاور حول سبل التصدي للتحديات التي تواجه منطقتي الشرق الأوسط والبحر المتوسط.

وبعيداً عن الاكتشافات الهائلة من الغاز الطبيعي وترسيم الحدود البحرية يعكس حرص الرئيس المصري على انتظام القمة رغبة ملحة في بناء كيان رادع للجهات المزعزعة للاستقرار مثل تركيا والجماعات الإرهابية والهجرة غير الشرعية والحرص على تنسيق الجهود من أجل ترتيب الأوضاع الاقتصادية والأمنية في المنطقة.

الإطاحة بطموحات الفاتح

ويكبح تعاون مصر مع اليونان وقبرص جماح تركيا وأنشطتها المؤثرة في استقرار المنطقة، والتي تستهدف من خلالها استفزاز قوى مناوئة لا سيما بعد إعلان فاتح دونماز، وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي، إطلاق عملية تنقيب عن موارد الطاقة في البحر المتوسط عبر سفينة ” الفاتح” نهاية شهر أكتوبر الجاري في المناطق المتنازع عليها مع قبرص.

وقالت وزارة الخارجية التركية، الأسبوع الماضي، إنها لن تسمح لشركات الطاقة الأجنبية بمتابعة استكشاف الغاز قبالة ساحل قبرص، بعد أن ذكرت شركة الطاقة الأمريكية “إكسون موبيل” مؤخراً أنها ستبدأ الحفر قبالة قبرص مع نهاية العام الجاري في القطاع 7 من منطقتها الاقتصادية الخالصة.

ويرى مراقبون غربيون أن هذا النوع من القمم هو علاقات تستفز قوى إقليمية، وأن دعمها يضمن مواجهة التحركات الروسية والتركية المتزايدة التي تضر بمصالح بعض القوى الكبرى.

إعادة هندسة موازين القوة

وتعكس مثل هذه القمم دور مصر وما يمكن أن تضيفه لضمان مزيد من الاستقرار على جانبي المتوسط لا سيما، وأنها أصبحت شريكاً استراتيجياً مع قبرص واليونان في مواجهة مشكلات الهجرة غير الشرعية، ونجحت في إيقاف رحلات الهجرة من سواحلها إلى دول الاتحاد الأوروبي لتكون، وفقاً لمتابعين، مركزاً قوياً في حل معضلة التعامل مع اللاجئين والمهاجرين.

من جانب آخر يضيف التعاون مع أثينا وقبرص ثقلاً سياسياً لمصر يمكن أن تصبح من خلاله مركزاً إقليمياً لتصدير الغاز في المنطقة بغية التقليل من الاعتماد على الغاز الروسي الذي يشكل حوالي 40% من إجمالي الواردات الأوروبية من الغاز الطبيعي.

ويدعم هذه الخطوات توقيع مصر وقبرص رسمياً في سبتمبر الماضي على أول اتفاق لإقامة خط أنابيب بحري مباشر بتكلفة مليار دولار لنقل الغاز الطبيعي من حقل “أفروديت” القبرصي إلى تسهيلات الإسالة شمال مصر وإعادة تصديرها إلى الأسواق العالمية.

ويعد التعاون بين القاهرة وقبرص حلاً استراتيجياً لمشكلة تصدير الغاز القبرصي المكتَشف شرق المتوسط إلى أوروبا؛ ما يفتح الباب أمام نيقوسيا للحصول على موارد مالية نتيجة تطوير حقل “أفروديت” من جانب، وجني مصر لعوائد مالية كبيرة نتيجة رسوم العبور والضرائب والجمارك من جانب آخر.

وتخصم هذه التحركات من رصيد المناوئين مثل تركيا وقطر وتصب في صالح مربع القوة المصرية، وهو ما يعكسه مسار التطور الإيجابي المتنامي بين مصر والعديد من الدول الغربية التي تحاول تأمين مصادر متنوعة للطاقة.

دعم أمريكي

وتشعر واشنطن بالقلق حيال تنامي التقارب بين موسكو وأنقرة، لا سيما مع تزايد الوجود العسكري الروسي في شرق المتوسط، والذي قُدر حسب وزارة الدفاع الأمريكية بحوالي 12 سفينة حربية روسية منها ما هو مجهز بصواريخ كروز.

وكشف تقرير أمريكي صادر عن مؤسسة راند الأمريكية أن روسيا تسعى لتحقيق أهدافها الاستراتيجية بتطوير علاقاتها مع تركيا.

وتدعم واشنطن أي تحرك نحو إعادة توازنات القوى في شرق المتوسط والذي من شأنه أن يحقق مصالح مشتركة لكل من قادة الدول الثلاث المشاركين في القمة، ويضمن لهم توفير قوة سياسية تمكنهم من مواجهة التحديات التي تختلقها تركيا.

إقرأ المزيد