السعودية رقم صعب في الاقتصاد العالمي .. فعن أي اقتصاد يتحدثون؟

الخميس ١٨ أكتوبر ٢٠١٨ الساعة ٢:٠٦ مساءً
السعودية رقم صعب في الاقتصاد العالمي .. فعن أي اقتصاد يتحدثون؟

“إذا تلقت المملكة أي إجراء فسوف ترد عليه بإجراء أكبر، فاقتصاد المملكة مؤثر وحيوي في الاقتصاد العالمي، اقتصاد المملكة لا يتأثر إلا بتأثر الاقتصاد العالمي”.. لم يكن رد المملكة على الأصوات التي تعالت بمقاطعتها اقتصاديًا على خلفية اختفاء مواطنها جمال خاشقجي ردًا من فراغ، فجاء الرد واضحًا وصريحًا وحمل دلالات كبرى تتجاوز الحدث لما بعده، ويضع النقاط على الحروف ليرى كل متحدث حجمه الحقيقي، فالاقتصاد السعودي ليس كأي اقتصاد فهو يمثل ثقلًا كبيرًا ويأتي في المرتبة الـ19 ضمن أقوى الاقتصادات في العالم.

وتتمتع السعودية بمقومات تاريخية وحضارية وجغرافية أهلتها للريادة سياسيًا واقتصاديًا على المستوى العالمي فهي مركز يربط القارات الثلاث وبوابة للعالم بأسره .. فعن أي اقتصاد يتحدثون؟

نمو متواصل
ويعد اقتصاد المملكة العربية السعودية واحدًا من أقوى 20 اقتصادًا في العالم ويحظى بمتابعة دقيقية ودورية من مؤسسات التقييم باعتباره رقمًا صعبًا في الاقتصاد العالمي.
وللمرة الثالثة يرفع صندوق النقد الدولي تقديراته لمعدلات نمو الاقتصاد السعودي في تقرير ” آفاق الاقتصاد العالمي” الأمر الذي يعد مؤشرًا للأثر الحاد والإيجابي لاقتصاد المملكة في العالم، لاسيما بعد التدابير الأخيرة التي نفذتها المملكة وفق رؤية 2030 حيث نجحت بكفاءة عالية في تنويع الإيرادات غير النفطية بالتزامن مع هبوط أسعار النفط عالميًا.
وأكد الصندوق في تقريره الحديث، استمرار نمو اقتصاد المملكة العربية السعودية خلال العام الجاري 2018 و2019.
ورفعت السعودية إنتاجها النفطي إلى 10.7 مليون برميل يومياً منذ بداية شهر أكتوبر الجاري؛ بمعدل صادرات 7.7 ملايين برميل يومياً كما سجلت صادرات النفطية نمواً خلال النصف الأول من 2018 بنسبة وصلت إلى 33.9%، مقارنة بنفس الفترة من 2017، بما يعادل 103.91 مليار ريال.
وبالنسبة للأصول الاحتياطية للمملكة بالخارج فقد شهدت ارتفاعًا ملحوظًا خلال أغسطس الماضي بنسبة وصلت 2.5% بنحو 22 مليار دولار لتبلغ الأصول الاحتياطية 510 مليار دولار، مقارنة بـ488 مليار دولار في أغسطس من العام المنصرم.
رقم صعب
والمملكة عضو فعال بمجموعة العشرين ومنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وتمتلك ثاني أكبر احتياطي للنفط وأكبر مصدر نفط خام في العالم وتمتلك سادس احتياطي غاز في العالم.
وتنتج المملكة نحو 32% من إجمالي إنتاج منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” ويمثل إنتاجها نحو 12% من الإنتاج العالمي.
ويمكن للمملكة حسب تصريحات وزير الطاقة، خالد الفالح أن تزيد إنتاجها ليصل إلى 12 مليون برميل يوميًا.
وسجلت واردات أمريكا من النفط السعودي خلال شهري أغسطس وسبتمبر للعام الجاري أعلى مستوى لها في شهرين منذ مطلع 2017 إذ وصلت تسليمات الخام السعودي للولايات المتحد في سبتمبر إلى 940 ألفًا و700 برميل يوميًا فضلًا عن 1.03 مليون برميل يوميًا الشهر الفائت وفق تقرير حديث لـ”تومسون رويتر”.
وواصلت المملكة احتلالها للمرتبة العاشرة بقائمة مالكي أدوات الدين الأمريكية خلال يوليو الفائت للشهر الثاني على التوالي بنسبة استثمارات وصلت إلى 2.6% من استثمارات دول العالم في أدوات الدين.
وتستحوذ السعودية على نصيب الأسد في استثمارات الخليج وأذون الخزانة الأمريكية بنحو 58.9%. وفقًا لتقرير وزارة الخزانة الأمريكية حيث بلغ إجمالي ما تحوزه المملكة من سندات وأذون خلال يوليو الماضي 166.8 مليار دولار وهو أعلى مستوى خلال 12 شهرًا.
أما عن الاستثمارات الخارجية فحدث ولا حرج، إذ تبلغ قيمة الاستثمارات الأجنبية بالمملكة نحو 231 مليار دولار حسب بيانات هيئة الاستثمار السعودية، كما بلغ إجمالي الإنتاج المحلي وفق بيانات الهيئة العامة للإحصاء 685 ملياراً مع نهاية العام الماضي.
عواقب عالمية
يؤثر الاقتصاد السعودي بشكل كبير على الاقتصاد العالمي من خلال تمتعه بموقعين جيوسياسي واقتصادي مميزين، كما تمتلك الملكة أيادي قوية في حال تصاعدت حدة التوترات مع أي دولة “أيًا كانت” وفق ما ذكرت صحيفة “الجارديان” البريطانية.
احيتاطي المملكة من النفط يبلغ نحو 260 مليار برميل وتضخ وتنقل نحو 7 ملايين برميل يوميًا الأمر الذي يضفي نفوذًا هائلًا للسعودية في الاقتصاد العالمي، كما أنها لن تعجز عن رفع الأسعار وقادرة على التحكم فيها.
وتعد الشركات الأمريكية المستفيد الأكبر من الصفقات مع المملكة، وهي لن تجازف بخسارتها كشريك قوي كما أكد على ذلك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنفسه.
فالمملكة لن تعجز -على سبيل المثال لا الحصر -عن اتخاذ خطوات لخفض إنتاج النفط الذي من شأنه أن يدفع الأسعار إلى نسبة “غير محتملة” قدرت بأكثر من ضعف أعلى مستوى له.
ويرى خبراء في الشأن الاقتصادي أن أي إجراء ستقوم به المملكة ستكون له عواقب عميقة على المستوى العالمي ولا يرتبط فقط برفع تكلفة البنزين بل بما سيرافق ذلك من رفع سعر البضائع على الطرقات.
من جانب آخر تدعم الملكة بما تشتريه من الولايات المتحدة الأمريكية آلاف الوظائف فإذا ما رفعت يدها من هذا كله فما مصير ذلك الدعم؟
وتعد السعودية أكبر مشترٍ للأسلحة الأمريكية وتستطيع ببساطة تحويل مشترياتها إلى مصدري أسلحة آخرين رئيسيين آخرين مثل روسيا والصين، وهو الأمر الذي أشار له الرئيس الأمريكي في تصريحاته حول عدم المجازفة بخسارة المملكة كشريك اقتصادي بارز ومهم.
وتعتبر المملكة حصن الشرق الأوسط ضد التوسع الإيراني في المنطقة وهي جزء من تحالف يشكل تهديدًا على الوجود الإيراني ككل، الأمر الذي يجعل مجرد التفكير بالمساس بها من قريب أو بعيد عملية ” انتحار” سياسي واقتصادي على السواء.