مناقشات بشأن مستجدات واحتياجات التدريب التقني والمهني في مكة المكرمة 25 يومًا على دخول الشتاء أرصاديًّا موسم الرياض يطلق تذاكر نزال Fury vs Usyk Reignited يوم 21 ديسمبر النيابة: المشمول بالحماية له الحق في الإرشاد القانوني والنفسي أبرز الاشتراطات الجديدة لعمل مغاسل الملابس والمفروشات هاريس تتصل بـ ترامب فماذا دار في المكالمة؟ نيوم تستضيف لقاء هدد السنوي 2024 للحفاظ على سلالات الصقور تشغيل رادار حديث للطقس في رفحاء الأسهم الأمريكية تفتتح على ارتفاع بعد فوز ترامب يايسله: الرائد من الفرق الصعبة ولكننا نملك الحلول
منذ القدم كان حلم الخلود الهاجس الأول لدى البشر، حيث اجتهد الإنسان في البحث عن سر الخلود فـ”جلجامش” في الميثولوجيا الإغريقية تجرع الأمرين؛ بغية الوصول إلى عشبة الشباب والحياة الأبدية وعانى أشد المعاناة من أجل الوصول إليها.
ويظل البحث عن “الإكسير” المنشود حلمًا يراود الكثيرين حتى يومنا هذا والقصص والحكايات لا تعد ولا تحصى، وكم من أناس قضوا نحبهم في سبيل الوصول إلى السر الذي لم يبلغه أحد ولن يبلغه، فما هو إكسير الشباب الجديد الذي يبحث عنه المصريون؟
البحث عن الكنز:
وبدأت ظاهرة انتشار البحث عن “السائل الأحمر” أو ما يعرف بالزئبق الأحمر والذي دارت حوله خرافات عديدة عقب أشهر قليلة من شائعات ترددت عن العثور عليه في التابوت الشهير الذي عثر عليه في ضاحية سيدي جابر بالإسكندرية.
وعلى الرغم من الرد الصادم للدكتور مصطفى وزيري أمين عام المجلس الأعلى للآثار المصرية بعد أن أكد أن السائل الذي وجد بداخل التابوت ليس عصيرًا للمومياوات به إكسير الحياة” أو الزئبق الأحمر، بل هو “مياه صرف صحي” تسربت إلى التابوت إلا أن جنون البحث عن الزئبق ظل منتشرًا في أسواق الباحثين عن الكنوز.
اختلفت مسميات إكسير الخلود وأشكاله بين العصور فعندما فقد الإنسان الأمل في الوصول من خلال الأسطورة تارة والعلم تارة أخرى إلى “الخلطة” التي تضمن له الخلود بدأ في الاتجاه إلى الواقع ليرى في المال والثروة إكسيرًا لا مثيل له للخلود.
وسرعان ما عاد هوس البحث عن “الزئبق الأحمر” إلى صعيد مصر، وراح المشغولون بالوصول إلى السائل الأحمر يبحثون عنه في كل حدب وصوب حتى وصل بهم الحال أن يبحثوا في أعشاش الخفافيش.
الأمل في الثراء السريع قاد البعض للبحث الحثيث عن الزئبق المزعوم وفقًا لشهود عيان؛ إذ ربط البعض بين الزئبق الأحمر والخفاش جراء انتشار أعشاشه وسط أعمدة وأسقف المعابد المصرية القديمة في مدينتي أسوان والأقصر.
وباتت المادة الحمراء أسطورة يرى كثير من الأثرياء، أنها تطيل العمر وتجعل من يتناولها يعيش في شباب دائم.
أسرار شراب المومياوات:
شاع بين الكثير من أوساط الناس قصة وجود كميات من الكنوز المدفونة تحت الأرض والمحروسة من قبل الجن وقدرة الدجالين على تسخير الجن لاستخراج هذه الكنوز وارتبطت هذه المعتقدات بمادة “الزئبق الأحمر” الذي اختلفت التكهنات حول حقيقة وجوده.
ويعتقد البعض أن الجن يطلبون من اتباعهم المشتغلين في الأعمال السفلية أن يجلبوا لهم إكسير الخلود، فالشائع أن هذه المادة يتغذى بها الجن وتساعده في إطالة عمره وتمنحه الشباب والقوة ولن يكون للزئبق الأحمر أي مفعول إلا إذا حصل عليه الجن عن طريق الإنسان ليكافئ الجن بعد ذلك جالب الزئبق بإعطائه الكثير من الأموال التي يسرقها من البنوك ومطابع العملة في البلدان.
خرافات انتشرت بشكل كبير وترسخت عند أوساط كثيرة في الصعيد المصري ومن قضايا الزئبق الأحمر، تلك القضية الشهيرة التي ضبط فيها الأمن المصري طالبًا ومدرسًا بحوزتهما قارورة تحتوي على الزئبق الأحمر زعما أنهما بواسطته استدلا على آثار مدفونة تحت الأرض.
والمدهش أن النيابة عثرت بالفعل على قطع أثرية معهما تنتمي لعصور مختلفة وتقدر قيمتها بـ7 ملايين جنيه، فضلًا عن السائل الأحمر، حيث قالا في التحقيقات: إن شخصًا ثالثًا استعمل الزئبق الأحمر في تحضير الجن، وأن هذا الجن هو الذي قادهما إلى الآثار المدفونة تحت منزل أحدهما.
وإلى الآن لم يثبت وجود مادة تدعى “الزئبق الأحمر”، حيث اختلفت التفسيرات بشأنها إذ ذهب البعض إلى أنها موجودة بالفعل وتستخدم في صناعة القنابل.
ومن بين التكهنات أيضًا أنه اسم سري أو (كود) لبرنامج عسكري نووي لإحدى الدول العظمى أو اسم مادة تستخدم في طلاء الطائرات العسكري كي تتفادى رصدها من الرادار.
وآخر التكهنات ذهبت إلى أنها مادة وهمية من خلالها تتم عمليات الاحتيال المخابراتي على الجماعات الإرهابية التي قد تعتقد أنها تستطيع تصنيع أسلحة نووية اعتمادًا على هذه المادة فتهرول الجماعات لشرائها بأثمانٍ كبيرة، وهي في الحقيقة زهيدة الثمن، وتهدف المافيا من خلال بيعها للإرهابيين الاحتيال عليهم بمزيج من أكسيد الزئبق وثنائي يوديد الزئبق المخلوط بصبغة حمراء ويستند هذا التكهن إلى ما عثرت عليها قوات الشرطة مع المهربين الذين اعترفوا بتهريب المادة.
خرافة الزئبق المصري:
وكان عالم الآثار المصري الشهير زاهي حواس قد تحدث عن الزئبق الأحمر وعن أصل قصته يقول في حوار له مع الشرق الأوسط: في بداية الأربعينات تم اكتشاف زجاجة تخص أحد كبار قواد الجيش في عصر الأسرة 27 “آمون. تف. نخت” الذي تم تحنيطه في داخل تابوته نتيجة عدم التمكن من تحنيط جده خارج المقبرة؛ بسبب أحداث سياسية مضطربة في عصره.
وبدأ الحديث عن الزئبق الأحمر في الأصل بعدما عثر الأثري المصري زكي سعد على سائل ذي لون بني يميل إلى الاحمرار أسفل مومياء “آمون. تف. نخت” قائد الجيوش المصرية خلال عصر الأسرة (27)، ولا يزال هذا السائل محفوظًا في زجاجة تحمل خاتم وشعار الحكومة المصرية، وتوجد داخل متحف التحنيط في مدينة الأقصر.
وتعتبر هذه الزجاجة السبب الرئيسي في انتشار كل ما يشاع عما يسمى بـ”الزئبق الأحمر المصري”، وأدى انتشار خبر اكتشاف هذه الزجاجة إلى وقوع الكثير من عمليات النصب والاحتيال منها ما تداولته الصحف عن تعرض شخصية مرموقة لعملية نصب عندما نصب عليه البعض بيع زجاجة تحتوي على الزئبق الأحمر المصري بمبلغ 27 مليون دولار.
وحول حقيقة الزئبق الأحمر، قال الدكتور محمد يحيى عويضة، المدير العام لمنطقة آثار الأقصر: إن الزئبق الأحمر مجرد خرافة، وإن قدماء المصريين لم يعرفوا هذا السائل ولم يثبت استخدامهم له.
وأضاف أن ما يسمى بالزئبق الأحمر المصري، أو الفرعوني، هو شيء لا وجود له، وأنه لا علاقة بين الزئبق الأحمر والفراعنة، وأنه لا يوجد أي بحث أثري أو علمي يثبت استخدامهم له حتى في عمليات التحنيط حتى اليوم، وأن الذين عملوا في حقل الحفريات والتنقيب الأثري لم يسجلوا أي حالة واحدة لظهور شيء اسمه الزئبق الأحمر المصري.