قصة تسمية المملكة العربية السعودية .. برقيات رفعت من المواطنين ثم أمر ملكي

السبت ٢٢ سبتمبر ٢٠١٨ الساعة ٢:٥٧ مساءً
قصة تسمية المملكة العربية السعودية .. برقيات رفعت من المواطنين ثم أمر ملكي

في هذه الأيام المجيدة يحتفل الوطن قيادة وشعبًا، بذكرى قيام المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله، بتوحيد المملكة، والقضاء على الفرقة والتناحر، وبناء أمة موحدة تحت راية التوحيد وسُنة النبي صلى الله عليه وسلم، باسم المملكة العربية السعودية وذلك في يوم 23 سبتمبر من عام 1932م والذي يوافق 17 جمادى الأولى عام 1351 هـ.

في هذا اليوم المجيد، أصدر الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله، مرسوماً ملكياً يقضي بتحويل اسم الدولة من (مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها) إلى المملكة العربية السعودية.

خضوع جميع الأقاليم للملك المؤسس

ويذكر المؤرخون أن كافة أقاليم ومدن المملكة خضعت لقيادة الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن منذ بداية عام 1344هـ، وذلك بعد أن بايعه أهالي هذه الأقاليم بمدنها وقراها.

وكانت البلاد حينها تسمى “مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها”، ولُقب قائدها الملك عبدالعزيز “ملك الحجاز وسلطان نجد وملحقاتها”، وفي 12 من جمادى الأولى 1351هـ رأى بعض المواطنين في مدينة الطائف وبعض أعضاء مجلس الشورى ضرورة تحويل مسمى البلاد إلى “المملكة العربية السعودية” عبر برقية رفعوها للملك عبدالعزيز الذي وافق على المقترح بناءً على ما رفع من برقيات مماثلة حول المسمى الجديد.

وقد شارك في صياغة هذا الخطاب عدد من وجهاء البلد وعلمائها ومفكريها ذكرهم فؤاد حمزة في كتابه (البلاد العربية) ومنهم: فؤاد حمزة، صالح شطا، عبدالله الشيبي، محمد شرف رضا، عبدالوهاب نائب الحرم، إبراهيم الفضل، محمد عبدالقادر مغيربي، رشيد الناصر، أحمد باناجه، عبدالله الفضل، خالد أبو الوليد القرقني، محمد شرف عدنان، حامد رويحي، حسين با سلامه، محمد صالح نصيف، عبدالوهاب عطار.

نص خطاب تسمية المملكة:

وجاء نص الخطاب المرفوع للملك عبدالعزيز جاء على النحو التالي: (الحمد لله وحده إنه لما كان في هذا اليوم الثاني عشر من شهر جمادى الأولى من عام الواحد والخمسين والثلاثمائة والألف من هجرة صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم، اجتمع الموقعون أدناه للبحث والمذاكرة في أمره، فيه عز ومنعة وشرف وألفة، ووضع قرار يرفعونه إلى سدة حضرة صاحب الجلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود، نصره الله وأيد ملكه، ذلك أن الله سبحانه وتعالى قد خص هذه البلاد بين شقيقاتها الأقطار العربية، فكانت أشرف صقعاً وأوسع رقعة، وأعز نفراً، وأظهر استقلالاً وسؤدداً، وأقدر على مواجهة الملمات والكوارث، وأسبق إلى الغايات والمصالح، ووهب أهلها مزايا لم تكن لسواهم فجاءوا عنصراً عربياً، واحداً في أصله، واحداً في عاداته وتقاليده، واحداً في دينه وإسلامه، واحداً في تاريخه وعنعناته، ففي البلاد بأجمعها ما يوحدها ويجعلها وحدة عنصرية كاملة ويجعل أهلها أمة واحدة، لا فرق بين من أتهم منهم ومن أنجد، ومن أحجز وأيمن.

فلما كانت حال البلاد وأهلها كما مر، وكان لها هذا المقام الممتاز بين سائر الأصقاع والأمصار التي يقطنها العرب، وكانت أوضاعها الحكومية الراهنة لا تتلاءم مع طبيعة الوحدة التي هي وأهلوها عليها، وكان أسمها الحاضر وهو “المملكة الحجازية النجدية وملحقاتها” لا يعبر عن الوحدة العنصرية والحكومية والشعبية الواجب إظهارها فيها، ولا يدل إلا على مسميات لأصقاع جغرافية لبعض أقطار العرب، تقصر عن الإشادة بالحقيقة الواقعة المشار إليها آنفا، ولا يرمز إلى الأماني التي تختلج في صدور أبناء هذه الأمة، للاتحاد والائتلاف بين جميع الناطقين بالضاد، على اختلاف أقطارهم وتباعد أمصارهم.

ولما كانت الأوضاع الشكلية المشار إليها، لا تدل على الروابط العميمة الكائنة بين أفراد السكان، ولا على التضامن الموجود بينهم، على ما فيه عز البلاد وتعاليها -كما ظهر ذلك جلياً في التضامن في حوادث ابن رفادة الأخيرة – ولا على الارتباط الحقيقي بين شقي المملكة المهيبين تحت ظل جلاله الجالس على العرش.

فإن المجتمعين، يرفعون بكمال الخضوع، إلى سدة صاحب الجلالة أمنيتهم الأكيدة، في أن يتكرم بإصدار الإدارة السنية، بالموافقة على تبديل أسم المملكة الحالي إلى اسم يكون أكثر انطباقا على الحقيقة، وأوضح إشارة إلى الأماني المقبلة، وأبين في الإشادة بذكر من كان السبب في هذا الاتحاد، والأصل في جمع الكلمة وحصول الوحدة وهو شخص جلاله الملك المفدى، وذلك بتحويل أسم “المملكة الحجازية النجدية وملحقاتها” إلى “المملكة العربية السعودية” الذي يدل على البلاد التي يقطنها العرب، ممن وفق الله جلاله الملك عبدالعزيز آل سعود إلى توحيد شملهم وضم شعثهم.

هذا ولما كان الاستقرار والديمومة والثبات من الشروط الأساسية التي تستهدفها الأمم في حياتها السياسية والاجتماعية والتي لا أمل بمواجهة صروف الحدثان وكوارث الدهر إلاّ بها، والتي لا تقوم لبلاد ولا لأمة بدونها قائمة، كما هو مشاهد في تاريخ الأمم والحكومات والدول التي أهملت مثل هذا الأمر الخطير، وما آلت إليه من سوء المنقلب والمصير.

فإن المجتمعين يتقدمون إلى سدة صاحب الجلالة، الجالس على العرش، أطال الله بقاءه وأمد في حياته، باستعطاف آخر، مواده: أن يتفضل جلالته بإصدار الأمر الكريم بالموافقة على سن نظام خاص بالحكم وتوارث العرش، لكي يعلم الجميع من صديق وعدو، قريب وبعيد، أن هذا الملك موطد الأركان ثابت الدعائم لا تزعزعه العواصف ولا تثني عوده الأيام. وجلالته أطال الله عمره من يقدر أهميه هذا الأمر الخطير وفوائده العميمة في داخل البلاد وخارجها، وتقويه مركزها الأدبي والمادي. والله تعالى نسأل أن يوفق جلالة الملك المفتى إلى ما فيه الخير والصلاح.

الأمر الملكي التاريخي

وعليه أصدر الملك عبدالعزيز في 17 جمادى الأولى عام 1351هـ الأمر الملكي الآتي تحت رقم (2716) بعد الاعتماد على الله، وبناء على ما رفع من برقيات من كافة رعايانا في مملكه الحجاز ونجد وملحقاتها، ونزولاً على رغبة الرأي العام في بلادنا، وحباً في توحيد أجزاء المملكة العربية أمرنا بما هو آت:

المادة الأولى: تحول اسم “المملكة الحجازية النجدية وملحقاتها” إلى اسم “المملكة العربية السعودية”، ويصبح لقبنا بعد الآن “ملك المملكة العربية السعودية”.