زلزال بقوة 5.3 درجات يضرب جنوب أفريقيا ديوان المظالم يعلن فتح باب التقديم للتدريب التعاوني فلكية جدة: قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم الصحة: إحالة 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية 3200 طالب وطالبة بتعليم جازان يؤدون اختبار مسابقة بيبراس موهبة 2024م تنبيه من هطول أمطار وهبوب رياح شديدة على جازان زلزال بقوة 6.1 درجات يضرب جزر فانواتو تنفيذ حُكم القتل في مواطِنين خانا الوطن وانضما إلى كيانات إرهابية طقس شديد البرودة وتكون الصقيع على عدة مناطق التعادل يحسم مباراة الإمارات وقطر
حذر الكاتب والإعلامي تركي الدخيل من اكتئاب الشتاء، خاصة لدى النساء، حيث أوضح أن معدلات الانتحار تزيد في ليالي الشتاء في الغرب، فواحدة من كل خمس سيدات تصاب باكتئاب الشتاء.
وأضاف الدخيل في مقال له بصحيفة “الشرق الأوسط” بعنوان “خزنوا فرح الصيف لاكتئاب الشتاء!”، أن انعدام الشهية وزيادة الوزن مع القلق غير المبرر، كلها علامات أولية على قدوم اكتئاب الشتاء.
وتابع أن العلماء أرجعوا، سبب كراهية النساء – بالذات – لفصل الشتاء، وشعورهن بالاكتئاب لأسباب من أهمها قصر وقت النهار حيث إنهن لا يقدرن على القيام بواجباتهن اليومية، بالإضافة إلى أنهن يعانين من حالة الصمت التي تسيطر على الأسرة بعد العاشرة مساء.. وإلى نص المقال:
«لا تنسَ المظلة وانتبه من اكتئاب الشتاء»، كانت أولى وصايا أهل أوريغون – شمال غربي الولايات المتحدة الأميركية – حتى قبل وصولي إليها، لأطمر جهل لغتي!
كنت أضحك من كل قلبي وأقول: ألا يدري هؤلاء أننا نصلي لقدوم المطر، نرحب به، بل ونستعد لقدومه، باختيار اتجاهاتنا في الصحراء، نوقد النار ونضع القهوة على النار في انتظار ضيف قادم من بعيد.
وصلت إلى تلك المدينة – حيث تمطر نحو 11 شهراً ـ وكنت أظنني وجدت ضالتي، حتى مضت بضعة أشهر، فبدأت علاقتي مع الشتاء والمطر بالاضطراب!
المطر الذي كنا ننتظره في نجد أصبح حاضراً حضوراً طاغياً، ولا أقول عنه شيئاً كي لا يغضب أصدقائي الذين يتركون مكاتبهم ليسمعوا أنشودة المطر كلما طرق المطر نافذة البيت!
فجأة، اعتدت البلل، وليالي الشتاء الطويلة، كانت تجربة جديدة لرجل ارتبط الشتاء عنده بالخروج من المدينة والذهاب للبحث عن الصحراء التي لا يحتفل بالمطر مثلها في نجد!
فجأة، خلت شوارع أوريغون ليلاً من المارة، أضواء خافتة من شرفات البيوت، والباقون بعد السابعة مساء إما باحثون عن مشرب دافئ، أو متململون يبحثون عن أقصر طريق للبيت.
كانت تلك أول مصافحتي لاكتئاب الشتاء، حيث يدخل الناس في التخمة والكحول وساعات النوم الطويلة، مع غياب عن العمل أو سفر باتجاه الشمس، واليوم تزداد الدراسات التي تتحدث عن معدلات الانتحار التي تزيد في ليالي الشتاء، فواحدة من كل خمس سيدات تصاب باكتئاب الشتاء، ولست هنا لأخيف أحداً ولكنها وصايا الأطباء: لاحظوا أبناءكم، تحدثوا مع زوجاتكم أكثر بعد العاشرة مساء، فانعدام الشهية وزيادة الوزن مع القلق غير المبرر، كلها علامات أولية على قدوم اكتئاب الشتاء. أرجع العلماء سبب كراهية النساء – بالذات – لفصل الشتاء، وشعورهن بالاكتئاب لأسباب: «من أهمها قصر وقت النهار حيث إنهن لا يقدرن على القيام بواجباتهن اليومية، بالإضافة إلى أنهن يعانين من حالة الصمت التي تسيطر على الأسرة بعد العاشرة مساء».
وينصح الدكتور حسين زهدي الشافعي أستاذ الأمراض النفسية والعصبية، بأن الاكتئاب الشتوي يحتاج في بدايته إلى متابعة مباشرة مع الطبيب، خصوصاً أن مرضى الاكتئاب الدوري مهيأون للعلاج بمادة يتناولها المريض ليلاً، ويتم ضبط معدلها بالدم في أوقات متفرقة وتسمى «منظِمات المزاج».
ولئن كان لاكتئاب الشتاء حضور وصبوة، فإني زاعم أن اكتئاب ما بعد كأس العالم أصاب واحداً من كل ثلاثة رجال في هذا الكوكب، فكل اعتياد يصبح فقداً أليماً إذا زاد على أسبوعين. كان صيفاً عظيماً مع كأس العالم هذا العام، اعتدنا متابعة المباريات، أخبار اللاعبين، الاستمتاع بالأهداف، ومفاجأة ضعف الأقوياء، وفجأة – وكل المشاكل تبدأ بعد هذه الكلمة – انتهى كأس العالم، فغابت المتعة دون سابق إنذار، رغم أن الجميع يعرف وقت النهاية!
لا بد من دراسة تشرح لنا ما يحدث قبل وأثناء وبعد كأس العالم كل أربع سنوات، لا بد من طبيب نبيه يرصد أمزجة الناس، ويوصي بأن تقام كأس العالم في فصل الشتاء كي يقصر من ليله الطويل الحزين.
وعوداً على اكتئاب الشتاء، نقل إلينا السادة المترجمون بعض التعبيرات الغريبة على الذهن العربي من اللغة الإنجليزية مباشرة، فمترجمو شكسبير مرروا إلينا التحايا الدافئة، تعبيراً عن حرارة الاستقبال، وهو ما قد يقوله شكسبير، محال أن يقوله طرفة بن العبد. فالأول يعيش في بلاد باردة، فيصبح للدفء قيمة، والثاني يعيش في صحراء الجزيرة العربية فلا يرحب إلا بالنسمة أو المطر! لذلك فمن ميزات سكان الجزيرة العربية أنهم لا يصابون باكتئاب الشتاء، بل ترى البسمات علت الوجوه في الشتاء، وينتقل التسامح في القيادة، وترى أسنان السائقين، التي قد لا يراها إلا أطباء الأسنان!
رحم الله صالح العزاز، في كل الفصول، لا أذكره إلا وهو يبتسم ويقول: لا أعرف أرضاً تمتثل لقوله تعالى: «وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَة فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِ زَوْجٍ بَهِيج»، مثل نجد العذرية، بعد المطر الذي يحولها من صحراء قاحلة إلى بستان زهور!
وتلك روح صالح الإنسان، التي ترى الجمال في كل شيء، وعين المصور الفنان، فالماء أول كل شيء في نجد، فهو يسيل الوديان، ويلون الصحاري الصفراء إلى حمراء، ويكسوها بالأخضر المريح للعين، ويطلق الترحال في كل الاتجاهات، وينعكس أثر ذلك على النفوس فلا ترى إلا مبتهجاً جذلاً مسروراً ينتظر ضيفاً أو واقفاً على قارعة الطريق يدل رفاقه على أرض لم يطأها زائر من قبل للمتعة بها والأنس.
والماء نزيل الشتاء، وإن مر بنا في الصيف أيضاً احتفلنا به، فشح الشيء وقلته يعلمنا فضيلة الاشتياق إليه.
لم نفكر يوماً في الجزيرة العربية في اقتناء مظلة تقينا المطر، ولم نتلفت متململين في ليل الشتاء نتيجة لتوقف حديث ما بعد العاشرة، كان أجدادنا ينامون على أمل المطر، ولا يزال أحفادهم كذلك… بينما في أوريغون وباقي جهات الأرض طويلة الشتاء، يتحسس كلٌ مظلته حينما تتلبد السماء بالغيوم.
تفقدوا أحبابكم في كل الفصول، لكن في فصل الشتاء مرتين، حاولوا ألا يتوقف الحديث الدافئ على مائدة العشاء فجأة بعد العاشرة، خزنوا من فرح الصيف ما يقيكم شر اكتئاب الشتاء، واستبشروا بمطر يروي القلوب، قبل الأرض العطشى!