الأخضر تحت 20 عامًا يفوز على الكونغو الديمقراطية وديًّا كثافة عالية من المعتمرين والزوار في المسجد الحرام الليلة فراس البريكان يختار أفضل مهاجم في التاريخ نادٍ أمريكي مهتم بضم دي بروين المرور: يجوز لغير السعوديين امتلاك مركبات خاصة بما لا يزيد على اثنتين ميتروفيتش يُعلق على إهداره ركلة الجزاء ضد سويسرا صرف دعم الحقيبة المدرسية يكون مرة واحدة بداية كل فصل دراسي جديد سالم الدوسري يتوج بجائزة جديدة الأرض تُعاند أصحابها في مجموعة الأخضر انهيار مبنى في تنزانيا والبحث بالأيدي والمطارق عن الناجين
في مكان بارز وسط منطقة جدة التاريخية؛ يجلس محمد اليوسف ذو الخمسين عامًا في “المركاز” الذي أعد له مرتديًا الزي الحجازي ومجسدًا دور “العمدة” الذي كان الناس يعودون إليه لحل خلافاتهم وتقديم العون لهم، هذا المشهد كان معتادًا قبل عقود من الآن، وقد أعادته فعالية تاريخنا مسك إلى المكان نفسه أمام زوارها الذين توقفوا كثيرًا أمامها بحنين إلى الماضي.
كانت هذه أحد ملامح القرية القديمة في فعالية تاريخنا مسك المقامة في جدة التاريخية في الفترة من ٢٠- ٢٣ سبتمبر الجاري بالتزامن مع الذكرى الثامنة والثمانين لليوم الوطني؛ حيث تضمنت القرية مسرحًا مفتوحًا لتجسيد مهن أهالي جدة القديمة عبر مشاهد استعادت “زمن الطيبين” وأداها عدد من الممثلين من سكان المنطقة؛ والذين جسدوا أكثر من 20 شخصية قديمة لم يعد لها وجود في العصر الراهن.
وعبر محمد اليوسف عن سعادته بتجسيد دور العمدة لحارة جدة القديمة في تاريخنا مسك مع عدد من الممثلين، مشيدًا بدور هذه المشاهد في ربط الجيل الجديد بتراث أجداده. مؤكدًا على أهمية دور العمدة في الماضي حيث كانت تنتهي عند سدة منزله الكثير من الخلافات والشكاوى، وهو ما يخفف الضغط على المحاكم الشرعية والقطاعات الأمنية.
وأكد اليوسف أن أهالي جدة تميزوا بالعصامية والقيام بأي مهنة توفر لهم لقمة العيش مهما كانت مشاق تلك المهن، واستشهد هنا بمهنة “فرقنا” والتي يجوب صاحبها الحواري القديمة حاملًا على ظهره ما تسمى بـ”البقشة”، والتي تحتوي على أنواع من الأقمشة وبعض من مستلزمات البيوت في ذلك الزمن.
واستعرض العمدة اليوسف مهنة أخرى، فـ”السقا” وهو بائع الماء يجوب أزقة الحواري ليروي عطش أصحابها مقابل مبالغ رمزية عبر عربته الخاصة التي كانت عادةً تجرّها البغال؛ فيما كانت مهنة “المزين” الذي يقوم بدور الحلاق حاليًّا؛ بجانب أنه كان قديمًا أشبه بالطبيب المختص بعلاج بعض الأمراض البسيطة والمعني بالقيام بعمليات الختان للصغار.
وتطرق اليوسف كذلك إلى مهنة “الكندرجي” التي اختفت في شكلها التقليدي المتمثل بالبسطة وتطورت مع ارتفاع مستوى المعيشة وقد كانت تتعلق بتنظيف الأحذية وتخريزها لتصبح تجارة أكثر اتساعًا في هذا المجال.
كانت المقاهي جزءًا اجتماعيًّا هامًّا في حياة جدة القديمة بحسب ما أوضحه اليوسف الذي يضيف: كان أصحاب المهن جميعًا يجتمعون فيها لتناول الشاي بالنعناع والينسون التي يقدمها “القهوجي”، وهو الصبي الذي يجلب طلبات الزبائن؛ فيما تتميز هذه المقاهي كذلك بوجود “الحكواتي” أو”الراوي” المعروف بسرد القصص حيث يلتف الزوار حوله للاستماع إلى حكاياته وأحاديثه المتنوعة في محتواها بين الإرث المحلي والعالمي.
ومن جانب آخر، وبحسب القائمين على الفعالية فإن الأفضلية في تمثيل أدوار الشخصيات وأصحاب المهن تعطى لسكان المنطقة التاريخية الذين لا يزالون مقيمين فيها، وقد تضمنت هذه المهن منها إلى جانب العمدة، كلا من القهوجي واللبان، والكركون، وهو قسم الشرطة سابقا، إضافةً إلى مهن السقا وساعي البريد والترزي وغيرها.
وتهدف مسك الخيرية من خلال هذه الفعالية التي تتزامن مع احتفالات المملكة باليوم الوطني 88 إلى تجسيد روح الانتماء وربط الماضي بالحاضر ليكون شاهدًا على نهضة كبيرة شهدتها البلاد وترسيخ مفهوم التراث المهني الذي كان الأجداد يمارسونه ليزرعوا في أذهان الجميع أن القدماء لم يكونوا يتحرجون من القيام بأي مهنة شريفة.
يشار إلى أن فعالية تاريخنا مسك تعد إحدى الفعاليات التي ينظمها مركز المبادرات التابع لمؤسسة محمد بن سلمان بن عبدالعزيز “مسك الخيرية” ضمن دورها في تشجيع الإبداع وتعزيز القيم الوطنية لدى الشباب والمجتمع بشكل عام، وذلك من خلال تأكيد هذه الفعالية على ربط الأجيال بالتاريخ كمحفز ملهم للانطلاق نحو مستقبل واعد.