اليامي: تقرير لجنة الخبراء البائس افتقر للمهنية وتجاهل المرجعيات الأممية

الإثنين ٣ سبتمبر ٢٠١٨ الساعة ٦:٠٨ مساءً
اليامي: تقرير لجنة الخبراء البائس افتقر للمهنية وتجاهل المرجعيات الأممية

أكد رئيس المركز العربي للحقوق الرئيس السابق للجنة حقوق الإنسان بجامعة الدول العربية، الدكتور هادي بن علي اليامي، أن تقرير لجنة الخبراء الصادر عن المفوضية السامية لحقوق الإنسان، حول الأوضاع في اليمن جاء مفتقراً للمهنية القانونية الواجب توفرها، وتجاهل المرجعيات الأساسية التي أقرتها الأمم المتحدة وفي مقدمتها، القرار رقم 2216 الصادر عن مجلس الأمن الدولي بإجماع أعضائه.

وقال إن اللجنة تجاوزت حقيقة بديهية هي أن تشكيل التحالف العربي في اليمن ليس مرتبطاً بأي مطامع، بل تم تشكيله بطلب رسمي من الحكومة الشرعية التي يقودها فخامة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، للحفاظ على اليمن واستقراره وعلى الهوية والتراث اليمنيين وحماية المواطن اليمني، فمن أين استمد فريق الخبراء السلطات التي تخوله تجاوز المرجعيات الأساسية للأزمة ؟ ولمصلحة من تم خلط الأوراق بهذه الصورة الغامضة ؟.
ووصف اليامي صيغة التقرير والطريقة التي كتبت بها بنوده وفقراته بالبائسة، متسائلاً إن كان من أشرفوا على تلك الصياغة يدركون حقيقة التعبيرات والأوصاف القانونية التي استخدموها أم لا، وقال: معلوم أن كل كلمة تحمل – في الشأن الحقوقي والقانوني – دلالات معينة، وترمز إلى وضع بعينه، وتهدف إلى إيصال معنى محدد، لكن للأسف غابت كل هذه البديهيات في ذلك التقرير، الذي لا يرقى إلى كونه تقريراً صادراً عن خبراء دوليين، يفترض أنهم ذوو باع طويل في القانون الدولي ويتوجب عليهم التقيّد بالمعايير الدولية في إعداد مثل هذه التقارير، لكن تغيب الدهشة إذا علمنا أن غالبية أعضاء الفريق هم عبارة عن نشطاء في مجال حقوق الإنسان، وليسوا مختصين في القانون الدولي لحقوق الإنسان لذلك جاءت صيغة بتلك الصورة التي تفتقر إلى المصداقية وتبتعد عن المهنية المطلوب توفرها في مثل هذه الحالات.
وأوضح اليامي أن اللجنة تجاوزت صلاحياتها، ولم تلتزم بالهدف الذي أنشئت من أجله، مشيراً إلى أن لجنة الخبراء التي تم تشكيلها في ظروف معينة تدركها جميع أطراف الأزمة، ليست معنية بإدانة أي من الأطراف، وليس من اختصاصاتها إنحاء اللائمة على أي جهة، بل إن مهمتها الرئيسية تتركز في رصد الانتهاكات، وتوثيقها، وتحديد ماهيتها وتواريخ وأماكن وقوعها، بعيداً عن أي تفاصيل أخرى، لكنها تجاوزت كل ذلك، ونصَّبت نفسها قاضياً يصدر الأحكام القاطعة، ويحدد المسؤوليات الجنائية، والأطراف المسؤولة، وهو ما لا يتسق كما ذكرت مع طبيعتها وقدراتها ومؤهلات أعضائها، لذلك كان تقريرها مليئاً بالسلبيات والدوافع غير الموضوعية.
وبيّن أن من أكبر عيوب ذلك التقرير الفوضى التي صاحبت تحديد صفات أطراف الأزمة، وقال: ما دام أن المجتمع الدولي برمته يقر بشرعية الرئيس هادي وحكومته، فمن البديهي أن الوصف الذي ينطبق على الطرف الآخر الذي ينازع تلك الحكومة الشرعية هو أنهم انقلابيون، إلا أن التقرير وصف زعيم الانقلابيين بأنه “قائد للثورة”، وأطلق على ميليشياته صفة “قوات وسلطة أمر واقع”، بالمخالفة لما صدر عن لجنة الخبراء التابعة لمجلس الأمن التي أصدرت قراراً يتضمن تسمية عبدالملك الحوثي معرقلاً للعملية السياسية، ووضعته على قائمة المطلوبين والمجمدة أموالهم.
وتساءل كيف يأتي تقرير اللجنة التابعة للمفوضية السامية بوصف يخالف تماماً القرار الذي أصدره مجلس الأمن، مؤكداً أنه مما يثير الأسى والشفقة أن يصف التقرير قوات الجيش الوطني اليمني بأنه “ميليشيات موالية لهادي”، ويطلق على عملية تحرير الحديدة التي يدعمها التحالف العربي الذي تأسس بطلب رسمي من الحكومة الشرعية وأيدته الأمم المتحدة ودعمته الدول الكبرى بأنها “عدوان”، وقال: كل ذلك يؤكد حقيقة واضحة هي أن تقرير تلك اللجنة لم يكن سوى انطباعات مسبقة تكونت لدى أعضاء الفريق تلقتها من متعاونين من داخل اليمن تعاقدت معهم المفوضية السامية لتجميع المعلومات مقابل مكافآت مقطوعة ولم يكن ناتجاً من معطيات حقيقية على أرض الواقع”، وهذه نقطة جديرة بالاهتمام والتمحيص لمعرفة خلفيات اختيارهم.
واستغرب اليامي عدم تطرق التقرير للانتهاكات التي ترتكبها الميليشيات، واستغلالها للمدنيين والأطفال دروعاً بشرية، واعتداءاتها بالصواريخ الباليستية الإيرانية على المدنيين، وعدم توجيه الإدانة الكافية للدور الإيراني السالب، المتمثل في تزويد المتمردين بأدوات الموت ووسائل الدمار، كما لم يتطرق التقرير الأممي الذي أعدته لجنة الخبراء لا من قريب أو من بعيد للصواريخ البالستية التي تطلقها ميليشيات الانقلاب الحوثية المدعومة من إيران على أراضي المملكة العربية السعودية بشكل عشوائي مستهدفة الكثير من المواطنين في القرى والمدن، بحجة أنه خارج عن ولاية الفريق.
ولفت الانتباه إلى أن التقرير أسرف في الانحياز الأعمى للميليشيات الانقلابية.
وأبدى اليامي أسفه لتراجع دور الأمم المتحدة في اليمن، والطريقة التي تتعاطى بها المنظمة الدولية مع تلك الأزمة التي تسهم للأسف في تأجيجها واستمرارها، عبر تشجيع الانقلابيين على مواصلة انتهاكاتهم بحق المدنيين، وتحريضهم على التعنت قبل أيام قلائل من انطلاق مشاورات جنيف، ومنحهم أوصافاً لا يستحقونها، وهو ما يمكن تفسيره على أنه إشارة لهم بالتمسك بنفس مواقفهم التي أفشلت جولات الحوار السابقة، والإصرار على البقاء في نفس المربع القديم.
وشدد على أن مهمة التحالف العربي ليست عسكرية فحسب، ويشهد على ذلك الدور الكبير الذي يقوم به مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، الذي تؤكد الأمم المتحدة أنه الداعم الأكبر لليمنيين في هذه الظروف الصعبة، والمورد الرئيسي للمساعدات الإنسانية والمواد الطبية بميزانية وصلت إلى عدة مليارات من الريالات.
وقال رئيس المركز العربي لحقوق الإنسان: إن المفوضية أوصت – للأسف – بتمديد ولاية فريق الخبراء، وينبغي عدم الموافقة عليه من المجلس، بل إن الحل يكمن في إعادة تقييم أعمال هذه اللجنة من قبل فريق مؤهل متخصص في القانون الدولي، وليس من مجرد ناشطين حقوقيين تدفعهم الانطباعات المسبقة والآراء غير المبنية على معطيات واضحة، على أن تشارك في ذلك خبراء من جامعة الدول العربية ومن منظمة التعاون الإسلامي، ومراعاة الإلمام بالواقع اليمني، وحينها يمكن التوصل إلى نتائج إيجابية تعيد الأمور إلى نصابها الصحيح” وتسهم في إعادة الاستقرار لليمن الشقيق وتمكين اليمنيين بكل فئاتهم من تقرير مصيرهم.

إقرأ المزيد