رصانة: العقوبات الجديدة ستجبر النظام الإيراني على تغيير سياساته الداخلية والخارجية

الأحد ٥ أغسطس ٢٠١٨ الساعة ٨:٢٠ مساءً
رصانة: العقوبات الجديدة ستجبر النظام الإيراني على تغيير سياساته الداخلية والخارجية

خلصت دراسة تحليلية أعدها المعهد الدولي للدراسات الإيرانية – رصانة إلى أن الأداء الاقتصادي الإيراني تَبَايَن خلال العامين التاليين لتفعيل الاتِّفاق النووي.

فخلال عام 2016 كان أغلب المؤشرات الاقتصادية على المستوى الكلي جيدًا نسبيًّا، مدفوعًا في الأساس بطفرة عودة صادرات النِّفْط، بالإضافة إلى ازدهار التجارة الخارجية والعودة الجزئية للاستثمارات الأجنبية الهاربة، في حين شهد العام ذاته تراجع الاحتياطي الأجنبي، وزيادة كبيرة في تسريب الإيرانيين لرأس المال المحلي خارج البلاد، مما يعكس نظرتهم السلبية إلى المستقبل على الرغم من توقيع الاتِّفاق النووي.
وفي العام الثاني من الاتِّفاق النووي، أي 2017، تراجع مستوى الأداء الاقتصادي الكلي مع هدوء دفعة نموّ الصادرات النِّفْطية للناتج المحلي الإجمالي، كما ازداد عجز كل من الموازنة وميزان المدفوعات، وارتفعت معدَّلات كل من البطالة والتضخُّم وطبع النقود دون ضوابط.
وفي كلا العامين لم يظهر أثر النموّ الاقتصادي الكلِّي على الوضع الاقتصادي اليومي للمواطن الإيراني بصورة ملموسة، بل على العكس ازدادت أوضاعه الاقتصادية سوءًا وتُرجم ذلك في زيادة معدَّلات البطالة، وتكلفة المعيشة، وفشل السياسة النقدية في الحفاظ على مستويات الأسعار أو تقليل الفجوة بين سِعرَي الصرف الرسمي والموازي، مِمَّا غذَّى وقود احتجاجات نهاية عام 2017 التي غطت أغلب محافظات إيران. أما بعد الانسحاب الأمريكي من الاتِّفاق النووي في الثامن من مايو 2018، فقد تعرض الاقتصاد لصدمات عنيفة للغاية تُرجمت في صورة انخفاض كبير في معدَّل الصادرات النفطية للخارج، وسرعة خروج الشركات الاستثمارية العاملة في مجالات حيوية كالنفط والغاز والشحن البحري والتأمين والبنوك والطيران، كما تعرضت العملة المحلية لسلسلة انهيارات حادَّة أفقدتها أكثر من 45% من قيمتها من مايو حتى نهاية يوليو.
وتناولت الدراسة سيناريوهين لمستقبل الاقتصاد الإيراني في ضوء المستجدات، أحدهما يتبنى أن العقوبات الجديدة ستقود إلى نقص حادّ في الموارد سوف يخلق على الأرجح “أزمات اقتصادية” مع تبعات اجتماعية وسياسية غير مسبوقة ستضغط على النظام الإيراني لإحداث تغيير في سياساته الداخلية والخارجية.

والسيناريو الآخَر -وهو أقلّ ترجيحًا- يتناول فرضية انهيار الاقتصاد الإيراني التي تتطلب لتحققها افتراضات قاسية، لا نتوقع أن النظام سيدعها تصل إلى هذا الحد دون تدخل أو تقديم إصلاحات داخلية، وتنازلات خارجية تضمن بقاءه، وهو خيار يجيد النظام الإيراني لعبه، كأحد الخيارات الواسعة المطروحة أمامه لضمان بقائه، والتي منها الدعوة إلى الاقتصاد المقاوم، والتحايل على العقوبات بطرق شتى، وتشكيل تحالفات اقتصادية مع بعض الدول، وربما التهديد بتقويض أمن واستقرار قطاع الطاقة العالمي ودول الجوار، لكن رغم ذلك تظلّ قدرة هذه الخيارات على جلب الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في إيران محدودة للغاية في ظلّ قسوة العقوبات وشراسة الإدارة الأمريكية في التعامل مع النظام الإيراني لتغيير سياسته الخارجية.

أخيرًا ينبغي الإشارة إلى امتلاك الدولة الإيرانية مقدَّرات اقتصادية هائلة تؤهِّلها لأن تكون في مصافّ الدول المتطورة، إذ تحوي أرضها مقدَّرات طبيعية ضخمة من النفط والغاز وركائز بشرية شابة والأصول الرأسمالية المتنوعة، لكنها إلى الآن لم تترجَم في شكل نهضة اقتصادية وتنمية بشرية متكاملة، وهو ما ينبغي أن يلتفت إليه صُنَّاع القرار الإيراني بدلًا من توجيه ثروات وموارد البلاد المالية والبشرية بما لا يعود بالنفع على الشعب الإيراني، وبما يثير الصراعات الإقليمية، وتختزل بضعة مؤشرات اقتصادية الوضع دون تنظير، على مدار نحو 40 عامًا نما فيها الناتج المحلي الإجمالي لإيران بمتوسط 2% سنويًّا، وهذا أقلّ من المعدَّل السنوي لنموّ السكان البالغ 2.4% سنويًّا، أي أن تَوَسُّع حجم الاقتصاد لا يكفي ولا يتناسب مع نموّ السكان، وانخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بمعدَّل 0.4% سنويًّا في المتوسط، والأخير مؤشِّر على الإنتاجية وتطوُّر مستوى معيشة الفرد الإيراني عبر قرابة 40 عامًا.

ولقراءة الدراسة بالكامل يمكن زيارة موقع رصانة عبر هذا الرابط (هنا)