مشروع محمد بن سلمان يُجّدد مسجد النجدي في فرسان ويستعيد جماليات عمارته
مؤشر سوق الأسهم السعودية يُغلق مرتفعًا عند مستوى 11760.32 نقطة
مجلس إدارة مكتبة الملك عبدالعزيز يناقش السياحة الثقافية ويستعرض الإنجازات
الأوقاف تدعم المصليات المحيطة بالمسجد الحرام لخدمة أكثر من نصف مليون مصلٍّ
مستفيدو كيان للأيتام يؤدون العمرة في رمضان ضمن مشروع قيمي
مركز الملك سلمان للإغاثة يسلم 50 طنًّا من التمور لإثيوبيا
ترامب لـ الفيدرالي الأمريكي: خفضوا أسعار الفائدة
ما الكمية الصحيحة لشرب الماء؟
مركز الملك سلمان للإغاثة يوزّع 150 سلة غذائية في حماة السورية
موعد تطبيق التوقيت الصيفي في مصر
أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور صالح آل طالب بتقوى الله في السر والعلانية، فهي الباعث على الصلاح والحاجز عن الإثم، وهي العدة والرابط الوثيق على القلوب عند الفتن، وهي الزاد للآخرة (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون) وما التكاليف إلا لتحقيق العبودية وتقوى الله سبحانه (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) ألا وإن شهركم قد أخذ في النقص فزيدوا أنتم في العمل ، ولئن قارب أن يتصرم ثلثاه، فقد بقي خيره وأزكاه ، عشر ليال من آخر رمضان هي مغنم الرابحين ومضمار السابقين.
أيها المسلمون: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان) نزل القرآن في شهر رمضان، فكان مطلَعَ الصبحِ الصادق، في ليل الإنسانية الغاسق، ومن سنا القرآن وجذوته تتبدد الظلم، وبالتماس الأمة هديَها من هداه وريها من رُواه يجمع الله لها شعث أمرها ويبدد حالك ليلها، وحقيق بالأمة أن تعود إلى هذا القرآن في كل حين، فتنهلَ منه نَهْلَ الظامئين، لا عودةً إلى قراءته فحسب، ولكن إلى تأمل معانيه، وتدبر آياته، وبثِّ حقائقه في حياة الناس، لتكون قضايا القرآنِ الكبرى هي قضايا الناس، كقضايا التوحيد والبعث والرسالة، ولنعظمَ ما عظمه القرآن من العقائد والشرائع والأخلاق، ونعطيَ كل قضية بقدر ما أعطاها القرآن.
عباد الله: ومن قرأ القرآن العظيم رأى قضيةَ الإيمان باليوم الآخر والبعثِ والنشور، حاضرةً فيه أتمَّ الحضور، كررها الله تعالى في مواضع من كتابه، وأعاد القرآن فيها وأبدى، وضرب لها الأمثالَ والآيات، وجادل فيها المشركين، وأمر الله نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أن يقسم عليها، في ثلاثة مواضع من كتابه، قال الله تعالى: (زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير)، وقال سبحانه: (وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم عالمِ الغيب)، وقال عز وجل: (ويستنبئونك أحق هو قل إي وربي إنه لحق وما أنتم بمعجزين).
أيها الناس: خير الأدواء لأمراض القلوب المواعظ، ومن أعظم العظات تذكر اليوم الآخر، يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم، ما لهم من الله من عاصم، يومٌ تذوب فيه بين العالمين الفوارق، وتبين فيه وجوه الحقائق، يومٌ تنطفئ فيه من النفوس حظوظها، وانتصارُها لآرائها وأفكارها، يوم يعرضُ العبد على ربه ليس معه أحد، ولا تخفى على الله منه خافية، ويكون فيه اللقاء الأعظم والمواجهة الكبرى، إنها مواجهة الإنسان بكل ضعفه مع الله جل جلاله، حيث لا تخفى عنه يومئذ خافية، والأسرار في علمه سبحانه ظاهرةٌ علانية.
وأوضح فضيلته بأن الإيمان باليوم الآخر وبالبعث والنشور كفيلٌ بتصحيح مسار الحياة، وأن تنبعث الجوارح إلى الطاعات، وتكفَّ عن المعاصي والسيئات، وآيات القرآن تبين هذا المعنى وتظهر علاقة الإيمان باليوم الآخر بفعل الطاعات والكف عن المعاصي.
فمن آمن باليوم الآخر حقَّ الإيمان، وكانت الآخرةُ حاضرةً في قلبه، كفَّ عن الحرام، وابتعد عن الآثام، قال الله عز وجل: (وإلى مدين أخاهم شعيبا فقال يا قوم اعبدوا الله وارجوا اليوم الآخر ولا تعثوا في الأرض مفسدين).
وأبان الدكتور آل طالب بأن الإيمان باليوم الآخر يصنع إنسانًا جديدًا، له أخلاقه وقيمه، ونظرته إلى الحياة، لا يلتقي إنسان يؤمن بالآخرة ويحسب حسابها مع آخرَ يعيش لهذه الدنيا وحدها، ولا ينتظر ما وراءها، لا يلتقي هذا وذاك في تقدير أمر واحد من أمور هذه الحياة، ولا قيمةً واحدة من قيمها الكثيرة، ولا يتفقان في حكم واحد على حادث أو حالة أو شأن من الشؤون، فلكل منهما ميزان، ولكل منهما نظر يرى عليه الأشياء والأحداث والقيم والأحوال.
واختتم فضيلته خطبته قائلاً: المؤمنُ بالله واليوم الآخر مرتاحُ الضمير، مطمئنٌ إلى مستقبله النضير، يؤمِّل رحمةَ الله وعفوه وإحسانه، ويخشى ربه ويخاف عذابه، يدرك أنَّ بعد هذا اليوم يومًا، وأن وراء الدنيا آخرة، إن فاته شيء من الدنيا فهو يرجو العوض في الآخرة، وما وقعت عليه من مصيبة فإنه يحتسبها، وإن رأى نعيمًا في الدنيا تذكر نعيم الآخرة، يقرأ قول الله: (وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون)، يعمل في دنياه كما أمره الله، ويحسنُ إلى الناس، ويعمرُ الأرض، يؤمن أن الآخرة تُعدِّل ما مال في هذه الدنيا من موازين، وتخفضُ ما ارتفع من الباطل: (إذا وقعت الواقعة * ليس لوقعتها كاذبة * خافضة رافعة)، اللهم اجعلنا ممن يؤمن بالآخرة أعظم الإيمان، ويوقن بها حق اليقين، واجعلنا عند الفزع من الآمنين، وإلى جناتك سابقين.