الكاتب محمد الساعد لأردوغان: لست الفاروق ولن تكون خليفة

الإثنين ٢٨ مايو ٢٠١٨ الساعة ١١:٣١ صباحاً
الكاتب محمد الساعد لأردوغان: لست الفاروق ولن تكون خليفة

أكد الكاتب محمد الساعد، أن أكبر مشكلة تواجهها الجماعات والتنظيمات الإسلامية هو وقوعها في فخ محاولة إعادة إنتاج التاريخ، بل حتى إعادة إنتاج الزعامات والشخصيات الاستثنائية من جديد، اليوم يجاهد تنظيم الإخوان لإعادة إنتاج الخلافة حسب فهمهم وفقههم الإخواني المصلحي، وهو بالمناسبة فقه خاص يرى كل من هم خارج الجماعة كافرين، لقد بذلوا المال والجهد وأدخلوا الأمة في صراعات وحروب ومزقوها من أجل حلم ليسوا أهله ولا وكلاءه.

وأضاف الساعد، في مقاله المنشور اليوم الاثنين في صحيفة عكاظ، أن من هنا جاء دور حزب العدالة والتنمية التركي الذي يترأسه رجب طيب أردوغان الذي أوكل إليه ليس إعادة إنتاج الخلافة كما هي في العقل الرومانسي العربي، بل إعادة إنتاج السلطنة العثمانية بكل تفاصيلها التركية، وهما بالمناسبة نموذجان مختلفان متفارقان بالكلية، وكتب التاريخ مليئة بالقصص الكارثية لما فعله الأتراك في البلاد والشعوب التي احتلوها.

وتابع أن “لدى أردوغان وحزبه قناعة مضللة بأنهم حزب الله السني في منطقة تعج بالكافرين، وأنهم يد الله عند العرب، ومن هنا يؤمن أردوغان أنه الوصي المفوض بالتصرف في الأمصار العربية، فهو يتدخل في الشأن المصري والليبي والسوري والصومالي وكأنها ولايات تحت تصرفه وحكامها مجرد قائمي مقام، ويريد التدخل في الشأن السعودي والإماراتي والبحريني والفلسطيني والعراقي، صحيح أنه يستطيع فعل ذلك في قطر؛ كونها ارتضت احتلاله لها وربما بعض المدن السورية، إلا أن ذلك من المستحيل عند الرياض وحلفائها”.

وأردف: “أردوغان عامل توزيع اللبن الذي انخرط مبكرًا في تنظيم الإخوان المسلمين استطاع أن يخترق حزبه ويرتقي في سلمه الإداري بالالتجاء لمظلة أربكان الذي قاده نحو رئاسة بلدية إسطنبول ومن ثم رئاسة الوزراء، إلا أنه ما لبث وانقلب عليه مرتميًا في أحضان الزعيم التركي غولن ثم انقلب على غولن متحالفًا مع الجيش ثم ضرب غولن بالجيش في الانقلاب المزعوم ليتخلص من الاثنين معًا”.

وأشار الكاتب إلى أن “هذه الميكافلية السياسية التي يلعب بها أردوغان قد يرضى بها البعض وقد يرفضها البعض الآخر، لكنها خياراته في بلده، تكمن خطورتها في محاولته فرضها في الفضاء المحيط به”.

ولفت الساعد إلى أن “عندما تولى أردوغان السلطة في بلاده اتجهت عيناه نحو أوروبا الغربية وحاول جاهدًا الانضمام للاتحاد الأوروبي وقدم نفسه كزعيم علماني غربي، وسمح بكل المظاهر الغربية المتطرفة بالتعاظم، فنوادي المثليين وأندية القمار والملاهي الليلية ودور الدعارة وشواطئ العراة ازدادت بشكل كبير، لقد أعطى إسطنبول وبقية مدنه شكلًا غربيًّا متطرفًا أقرب إلى أمستردام ولاس فيغس”.

وقال الكاتب في مقاله: “بالطبع لم يقبل به الاتحاد الأوروبي وأكدوا له أن بينه وبين أن يكون أوروبيًّا كما بين السماء والأرض، فأردوغان كان يتوهم أنه قادر على أن يكون زعيمًا شرقيًّا لأوروبا الغربية بكثير من (الثرثرة) السياسية، فهم الأوروبيون ذلك وأبقوه عند الباب”.

ونوه بأن “فضاء تركيا الواضح والحقيقي يمتد من تركستان الشرقية حتى بلغاريا، أما أوروبا والعالم العربي فما تفعله تركيا أردوغان ليس سوى مغامرات سياسية كبدت الأتراك خسائر فادحة، أردوغان لم يقبل بانتمائه العرقي لذلك الفضاء وحاول أن ينسلخ منه باتجاه أوروبا، وها هو اليوم يحاول أن ينسلخ مرة أخرى ولكن باتجاه العالم العربي”.

ورأى أن “الأحلام الإخوانية تلاقت مع الطموحات التركية لإقامة سلطنة جديدة عاصمتها أنقرة تهيمن على المنطقة الممتدة من البحرين وحتى المغرب على سواحل المحيط، على الرغم من أن العالم العربي تخلص فعليًّا من هيمنة كل القوى الاستعمارية، إلا أن التفكير الما ورائي الذي يقوده أردوغان وتسوقه جماعة الإخوان يريد إعادة المنطقة إلى لحظات دخول عثمان أرطغرل لتخوم العالم العربي العام 1299 مؤسسًا إمارته التركية التي تمددت حتى تحولت لسلطنة عثمانية هيمنت على معظم الفضاء المحيط بها”.

وشدد الكاتب على أن “المشكلة الأردوغانية وربما التركية هي أنها لم تقدم أردوغان كزعيم تركي صديق للعرب، بل كسلطان للأتراك ولديه رعايا عرب، كما أن الآلة الإعلامية الإخوانية حاولت تصويره على غير وجه الحقيقة كخليفة جديد أو لنقل عمر بن خطاب هذا العصر، فلا هو الفاروق ولا هو خليفة ولن يكون سلطانًا”.

وأوضح أن من المفيد اليوم أن تعي تركيا حجمها الطبيعي في المنطقة، وأن تعرف أيضًا أن للعالم العربي والإسلامي بوابة واضحة هي الرياض، وأي محاولة للتعالي أو التآمر أو فرض الهيمنة هي كمن يحفر قبره بيده، كما حفر الفرسان العرب لأجداد أردوغان قبورهم في صحارينا.

إقرأ المزيد