ذوقي شأني لا شأنك!

الأحد ١ أبريل ٢٠١٨ الساعة ١١:٣٣ مساءً
ذوقي شأني لا شأنك!

بعد مدة ليست بالقليلة، والتي قضاها الشاب في زيادة مدخراته من أجل شراء واقتناء سيارته المفضلة، والتي لطالما رسم الأماني وعلقها بتحقيقها. وأثناء توقيع استلامها وتسليم المبلغ للشركة كانت فرحته قد بلغت عنان السماء فالحلم تحقق، وما كان خيالًا بالأمس أصبح اليوم واقعًا.

عشية يومه التالي أراد من قريب له مشاركته فرحته فاتصل به وحدد معه وقتًا ليستقله بمركبته الجديدة مركبة الحلم، وصل عند قريبه، وبمجرد أن فتح الباب كان صاحبنا يظن أنه سيجد المباركة، وأن يفرح بمثل فرحه وأكثر، وأن يدعو له بخيرها ويكفيه الله شرها. ولكن ما حصل أن رمقه بنظرة تعجب واستنكار أتبعها بكلمات: لم تجد إلا هذه السيارة؟! ولماذا لم تقتني غيرها كتلك التي أمتلكها؟! مسكين أنت أضعت أموالك في سيارة لا تستحق!! حتى تسلل الحزن بداخله واستوطن مكان الفرح، وبدأ شكه بسوء اختياره، وعاش فترة لا يدري أيصدق عقله وقلبه اللذان أرشداه لهذه السيارة؟ أم يأخذ بكلام هذا الرجل؟ أسئلة كثيرة بإجابات مبهمة! ولكن ما هو مؤكد أن فرحته قد سُرقت وتمّكن الشك من حسن اختياره!

وأجزم بأنك أنت قد مررت بمثل هذا الموقف أو مشابه له وعشت لحظاته وتفاصيله. فمن يسلك هذا المسلك ليعلم أن لديه خللًا في التفكير؛ فلكل إنسان منا ذوقه الخاص، فمن حقه عليك أن تحترم ذلك حتى ولو لم يوافق هواك. فكما تطالب الناس باحترام ذوقك واجب عليك أن تبادلهم الأمر نفسه! وتخيل لو كان الشخص المُقلل من ذوقه هو أنت فماذا تَراك صانعًا؟ أيضا ذوقك ليس يوحى إليك به من السماء السابعة حتى تغتر به وتظن بأنه هو الأفضل والأكمل وتسعى لإقناع الناس به وتسقطه عليهم دون مراعاة لظروفهم ورغباتهم.

وهل تظن أنه لو كان الناس على ذوق واحد سيصلح الحال؟ بالتأكيد لا! وقد قيل: لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع! فالله- عز وجل- قد خلق الناس بقدرات ورغبات وإمكانيات مختلفة، وجعل الأذواق مختلفة كذلك لتستقيم الحياة بأكمل أنواع التوازن. إضافة إلى أن الذوق يعتبر من ضمن الخصوصيات، ومحاولتك بالتقليل من شأن اختيارات الآخرين هو من قلة الذوق والأدب، وفيه تجاوز لحدودهم وحرياتهم السليمة. وأنا أتحمل قرارات ذوقي ولن تتحمل نتائجه عني ولن يؤثر في حياتك لا من قريب ولا من بعيد حتى تحاول فرض ما تراه علي.

وختامًا: الذوق مثل الرأي لا يمكن أن تنتزعه من غيرك لتتفرد به!

* كاتب ومهتم بتنمية وتطوير الشخصية
@TurkiAldawesh

إقرأ المزيد