106 مليارات دولار تفاجئ العالم في مكافحة السعودية للفساد.. هذا عدل تسويات الريتز كارلتون

الأربعاء ٣١ يناير ٢٠١٨ الساعة ١٠:١٧ مساءً
106 مليارات دولار تفاجئ العالم في مكافحة السعودية للفساد.. هذا عدل تسويات الريتز كارلتون

منذ الرابع من تشرين الثاني/نوفمبر 2017، وأعين العالم متوجّهة نحو الريتز كارلتون في الرياض، لاسيّما بعدما تحوّل إلى محتجز  موقوفي  الفساد، من أمراء ووزراء ورجال أعمال، وصولاً إلى استرداد أكثر من 106 مليارات دولار، لخزينة الدولة، كان الفاسدون قد تحايلوا بغية الاستحواذ عليها.

مكافحة الفساد بنظرية الهرم المقلوب:

ولأن المملكة تسير بخطى ثابتة نحو الشفافية في سياساتها، لم تترك حجر عثرة في الطريق إلا وقررت مواجهته بحزم القانون، ومن هنا جاء قرار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، المتمثل في إنشاء اللجنة العليا لمكافحة الفساد، برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

اللجنة العليا لمكافحة الفساد، اعتمدت سياسة الهرم المقلوب، لتبدأ عملها من القمة لا القاعدة، وتحوّل مسار مكافحة الفساد، من الصغار إلى كبار المفسدين، مرجّحة استرداد 100 مليار دولار من هذه العملية إلى الخزانة العامة للدولة.

النتائج تفوق التوقّعات:

وتجاوزت القيمة المقدرة لمبالغ التسويات ممن تم استدعاؤهم بشبهة الفساد في السعودية الـ 400 مليار ريال، وهو ما يعادل 106.6 مليار دولار، متمثلة في أصول بينها عقارات وشركات وأوراق مالية ونقدية، فيما جرى التحفظ على 56 شخصًا من أصل 381 شخصًا تم استدعاؤهم.

وأوضح النائب العام الشيخ سعود المعجب، وهو عضو اللجنة العليا لمكافحة الفساد، أنَّ العدد الإجمالي لمن تم استدعاؤهم من قبل اللجنة برئاسة الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد، هو 381 شخصاً من تاريخ الإعلان عن اللجنة، إضافة إلى عدد كبير منهم تم استدعاؤهم للإدلاء بشهاداتهم.

من الاتّهام إلى التسوية عدل وحكمة:

وأشار المعجب إلى أنّه “جرى استكمال دراسة كل ملفات من تم اتهامهم، ومواجهتهم بما نسب إليهم من التهم، وانتهت مرحلة التفاوض والتسويات، وتمت إحالة الجميع إلى النيابة العامة لاستكمال الإجراءات النظامية”.

وتم تمكين الموقوفين، من الاجتماع بمحاميهم، والاستعانة بالفرق القانونية، فضلاً عن تمكينهم من إدارة استثماراتهم، على الرغم من احتجازهم في منتجع الريتز كارلتون الفاخر في الرياض، ما يعكس العدل الذي انتهجته اللجنة العليا لمكافحة الفساد، وصولاً إلى الاعتراف بالتهم المنسوبة، وتسوية الشأن المالي، وذلك بناء على ما توفر من أدلة وبراهين إضافة لإفادات الشهود، والإفراج تباعاً عمن تمت التسوية معهم بعد إقرارهم بما نسب إليهم من تهم فساد.

قضايا جنائية تطيح بـ 56 فاسدًا:

وكشف المعجب، أنه جرى التحفظ على 56 شخصًا ممن رفض النائب العام التسوية معهم، لوجود قضايا جنائية أخرى، وذلك لاستكمال إجراءات التحقيق، وفقًا لما يقضي به النظام، فيما تم اتخاذ الإجراءات اللازمة حول المتهمين، بالتزامن مع الإفراج تباعاً عمن لم تثبت عليهم تهمة الفساد.

التسويات تموّل البدلات:

وكشف وزير المالية محمد الجدعان أنَّ “التسويات النقدية التي جرت مع محتجزين في إطار حملة سعودية على الفساد ستساعد في تمويل حزمة قيمتها 50 مليار ريال (13.3 مليار دولار)، لمساعدة المواطنين في مواجهة ارتفاع تكاليف المعيشة”، مرجّحًا أنَّ “عام 2018 سيكون فارقًا وإيجابيًا، لاسيّما على صعيد الاقتصاد غير النفطي في السعودية”.

وأوضح الجدعان، على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في “دافوس” السويسرية، أنَّ “صندوق النقد الدولي رفع بالفعل توقعاته للنمو الاقتصادي في السعودية بنسبة كبيرة”.

وفي شأن تكلفة الأوامر الملكية لدعم المواطنين، بيّن أنّها “تقدر بنحو 50 مليار ريال”، مشيرًا إلى أنّها “لن تصرف دفعة واحدة، وستمول من خلال الوفر في الميزانية، ومن خلال ما تم تحصيله من حملات مكافحة الفساد”.

وشدد على أن “ما تقوم به المملكة من إصلاحات ومكافحة للفساد يهدف إلى خلق بيئة تنافسية عالية للمستثمرين، وهي رسالة قوية بأن المملكة لن تقبل الفساد في أجهزتها ومنظومتها”.

الاقتصاديون يستبشرون:

ورأى محللون اقتصاديّون، أنَّ الفائدة الكبرى للاقتصاد السعودي من الحملة تكمن في تكريس سابقة جديدة ترفع درجة الشفافية مستقبلاً، وتضع معايير جديدة في التعامل مع المال العام، بعد عقود التراخي في إرساء العقود والأعمال الحكومية.

وبيّن الاقتصاديون أنَّه “يمكن قياس ردود فعل الأوساط الاقتصادية والمالية من خلال ردود فعل البورصة السعودية، التي ارتفع مؤشرها الرئيسي الثلاثاء بنسبة 0.83%، لتعكس ترحيب المتعاملين بتلك الأنباء”.

ويأتي ذلك بعدما أثارت التوقيفات، قلقًا لدى المستثمرين من أن تؤدي إلى انسحاب رؤوس الأموال من البلاد، وإبطاء الإصلاحات التي تهدف لتنويع الاقتصاد وتخفف الاعتماد على النفط، لكن نتائج التسويات مع المتهمين بدّدت تلك المخاوف.

محمد بن سلمان يطوي التقليدية في الحكم:

مراقبون للشأن الاقتصادي السعودي، أكّدوا أنَّ ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، طوى صفحة ممارسات تقليدية في ممارسة الحكم، تعود إلى عقود خلت، تبنّاها أسلافه، وذلك عبر قيامه بحملة التطهير غير المسبوقة التي استهدفت أمراء ومسؤولين، لافتين إلى أنَّه “سبقت حملة ولي العهد الشاب ضد الفساد خطوات جريئة أخرى، بينها إصدار مرسوم ملكي يسمح للنساء بقيادة السيارات، وافتتاح دور السينما، ما يؤكّد انفتاح المملكة على أحدث أسس الحياة المجتمعية”.