صحف عالمية: المملكة وقعت ضحية نظريات المؤامرة في قضية هجمات 11 سبتمبر

الثلاثاء ٢٣ يناير ٢٠١٨ الساعة ١٢:٤١ مساءً
صحف عالمية: المملكة وقعت ضحية نظريات المؤامرة في قضية هجمات 11 سبتمبر

قررت محكمة مانهاتن الأميركية رفض الأدلة المقدّمة إليها حول مزاعم تورّط حكومة المملكة العربية السعودية في هجمات 11 سبتمبر. وقد رفض القاضي جورج دانييلز تحميل السعودية المسؤولية عن إرهاب القاعدة، لا سيّما وأن الأدلة جميعها لا تدين السعودية بأي بشكلٍ من الأشكال. ولكن، ما الذي دفع بعض عائلات ضحايا الهجمات إلى الاعتقاد بأن السعودية متورطة؟

وأكدت مجلة “فورين بولسي جورنال” الأميركية أن السعودية وقعت ضحيّة التضليل الإعلامي الناتج عن نظريات المؤامرة، التي أعقبت صدور كتاب “اليوم الحادي عشر”، الذي يزعم تورّط الحكومة السعودية في هجمات 11 سبتمبر.

وادعى مؤلفا الكتاب البريطانيان -أنتوني سامرز وروبين سوان– أن السعودية متورّطة في تلك الهجمات من خلال دعم القاعدة بشكلٍ مباشر. واستند ادّعاؤهما على مزاعمٍ مفادها أن “هناك صلات خفية بين النظام السعودي والخاطفين الإرهابيين، لا سيّما وأن 15 منفذًا من أصل 19 سعوديون”.

وسخرت المجلة الأميركية من ادعاءات منظّري المؤامرة حول “التورط السعوديّ المزعوم”، قائلة إن “الرواية السعودية الرسمية تبدو أكثر منطقيةً من الشائعات الأميركية التي تبلورت بفعلِ كتاب”. وحثّت المجلة الشعب الأميركي على “قراءة التفسير السعودي بدلًا من الاعتماد على القصص من هنا وهناك”.

وأضافت المجلة أن “ما يثير السخرية هو نقل المسؤولية عن هجمات 11 سبتمبر من أسامة بن لادن إلى الحكومة السعودية”. بل وألمحت إلى تحمّل الكونغرس الأميركيّ المسؤولية الكاملة عن ادعاءات التورّط السعوديّ المزعوم في الهجمات، بسبب إصداره تقريرًا كاد أن يتسبب بحربٍ دبلوماسيةٍ بين البلدين.

وقالت إن “الكونغرس استند في تقريره إلى إشاعاتٍ، وليس إلى معلوماتٍ حول انخراط الحكومة السعودية في دعم القاعدة آنذاك”.

وما زاد الطين بلة، وفقًا للمجلة، أن عددًا وافرًا من الكتاب والصحفيين الأميركيين تحدّوا الرواية الرسمية الأميركية التي برأت السعودية من تلك المزاعم، وذهبوا إلى حدِّ تحريض الناس على رفع قضايا ضد النظام السعودي، للمطالبة بتعويض عائلات الضحايا.

وأنهت المجلة قائلةً “إن الأميركيين يواجهون اليوم تضليلًا معلوماتيًا خطيرًا يهدف إلى حماية القصة الزائفة حول هجمات 11 سبتمبر، بهدف إقناع الأميركيين بكذبة التورّط السعوديّ، وتوجيه غضب الجمهور إلى الحكومة الأميركية التي تستّرت على السعوديين”.

أما معهد “غلوبال سيرتش” الكندي للأبحاث الإستراتيجية، فقد نفى أي منطقٍ وراء مزاعم التورّط السعوديّ، إذ أكد في تحليلٍ عميقٍ له “أن ليس هناك ما يفسر وجود رغبةٍ سعوديةٍ بهجماتٍ إرهابيةٍ على الولايات المتحدة، في ظلّ علاقاتها الطويلة والوطيدة مع واشنطن، وبأسرة الرئيس الأميركي آنذاك”. وقال “إن السعودية ليس لديها أي مصلحةٍ في إذلال الولايات المتحدة من خلال مجموعةٍ من الشُّبان المسلحين”.

وأشار المعهد الكندي إلى اعتماد الأميركيين على نظريات مؤامرة بشأن هجمات 11 سبتمبر، ووقوع السعودية ضحيةً لها، إذ قال “إن المنظّرين ادعوا في البداية أن الولايات المتحدة هي من خططت ونفذت الهجمات، بهدف إيجاد مبررٍ للسيطرة والهيمنة على الشرق الأوسط. وحينها، جرى إلقاء اللوّم على أسامة بن لادن والقاعدة وطالبان، ثم صدام حسين والعراق، ثم إيران، والآن، حصلت السعودية على دور الشّرير”.

وأنهى المعهد تحليله بالقول “إن الأميركيين دائمًا ما يخرجون بوثائقٍ مشبوهة، ويدّعون أن بحوزتهم أدلة لا يستطيعون إظهارها للجمهور”.

ومن جانبه، أشار “تلفزيون آي تي في” البريطاني -في حلقةٍ خاصةٍ حول الهجمات– إلى وجود تناقضٍ بين روايتي الحكومة والكونغرس الأميركيّين بخصوص التورّط السعوديّ، الأمر الذي دفع عائلات الضحايا إلى التخبّط، وتصديق أقاويل، ورواياتٍ متعددة.

وقال التلفزيون البريطاني “إن الحكومة الأميركية أصدرت بيانًا نهائيًا لا يفيد بأن السعودية تعمدت دعم القاعدة لتنفيذ هجماتٍ على الولايات المتحدة، وفي الوقت ذاته، أكد السيناتور البارز بوب غراهام شكوكه حول ما إذا أدّت العلاقة الأميركية السعودية الوثيقة إلى دفن القصّة الحقيقية”.

أما “قناة سي إن إن” الأميركية، فقد ألقت باللوّم على تحقيق الكونغرس الذي أثار بلبلةً كبيرة في بادئ الأمر، حين أشار إلى “تواطؤ” سعوديّ في الهجمات. وأكدت أن “حذف صفحاتٍ” من التقرير أدى إلى تعزيز تلك المزاعم في صفوف الشعب الأميركيّ، قبل أن يتم تبرئة السعودية في التقرير النهائي المكون من 28 صفحة.

وقد أجرت القناة الأميركية مقابلة مع رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، جون برينان، الذي أكد بشكلٍ قاطعٍ أن “لجنة التحقيق لم تعثر على أي دليل يدين السعودية في الهجمات؛ لا على مستوى الحكومة كمؤسسة، ولا على مستوى المسؤولين كأفراد”.