ارتبطتْ بالإبل شعارات وطباع تُبرِز مدى علاقة العربي بها منذ القِدَم، وقد اتخذ العرب سمات وبصمات رمزية كالوسوم، وصوتية كالتدوية، تُبرِز أصالة البدوي، وعمق موروثه الثقافي.
وأوضح المتحدث الرسميّ باسم المهرجان سلطان البقمي أنَّ مهرجان الملك عبد العزيز للإبل الثاني يهتم بتأصيل تراث الإبل وتعزيزه في الثقافة السعودية والعربية والإسلامية بفعالياته المتنوعة التي تُظهِر العمق الحضاري والوطني.
ولَفَتَ البقمي إلى مكانة رعي الإبل في حياة البدوي حيث يشكل الطريقة الأمثل لاستغلال ما تجود به بيئة الصحراء الفقيرة ومناخها الجاف من موارد شحيحة، مبينًا أصالة استعمال الوسوم والتدوية بما تشكله من أدوار محورية في حياة العربي وعلاقته بالإبل.
وأضاف البقمي أنَّ الوَسْم علامةٌ يخلفها أثر الكَيّ أو الحرق بغير المكوى، أو أثر قَطْع أو قرم أو حَزّ الجلد، أو علامة في غير ذات الجسد تُعلَّق في أذن البعير أو عنقه، مضيفًا أنه يعد تقليدًا عربيًّا قديمًا، أقرَّه الإسلام وتوارثه الخَلَف عن السَّلَف، والعمل به سنةٌ ثابتة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
وذَكَر البقمي أن الأمثال العربية تؤكد مكانة الوسم حيث يُعدُّ هوية البدوي، وهو الدال على أصل المرء ونَسَبه، لذلك يقول البدو: “وسمك أصلك”، ويقولون أيضًا: “وسومها على خشومها”؛ لأن القبيلة تلتزم بوسم واحد وإن تباعدت ديارها، كما تبرز الوسوم أنماطًا من مختلف ضروب الصور وأشكالها، والمراد به أن يُعلّم الشيء بشيء يؤثر فيه تأثيرًا واضحًا، وأصله أن يجعل في البهيمة ليميزها عن غيرها، إلا أنّ ذلك يشمل غير البهائم كالديار وسائر الممتلكات، كما أن للوسم أسماء أخرى منها الكَيّ والرَّسم والشارة.
وعن التدوية قال البقمي: إنَّ لكل صاحب ذود “تدويهه” الخاص بذوده الذي يرثه عنه أبناؤه ويختلف عن غيره بكلماته ونغماته، حيث يقود الرعاة أذوادهم وقطعانهم “السرح” إلى المرعى في الصباح، وفي المرعى تختلط القطعان والأذواد، وحينما يقترب المساء ويحين وقت الرواح إلى منازل العرب فإنه -بدلًا من استخراج إبله واحدة تلو الأخرى- يركب الراعي على رحوله ويبدأ “يشايع” و”يدوّه” لإبله وتعني: النداء المميز مثل الوسم، وحينما يتعرف ذودُهُ عليه يتركون المرعى سائرين خلفه.
وأبان أنَّ صاحب الإبل قد ينادي كل ناقة من نياقه باسمها الذي تعرفه، وإذا سمعت الإبل نداء صاحبها توقفتْ عن الرعي إن كانت ترعى، أو عن الشرب إن كانت تشرب والتفتت نحوه، وبدأتْ بالحنين وانطلقتْ تاركة وراءها الماء والمرعى، ولا أحد يستطيع أن يمنعها من العودة إليه، وربما قطعتْ عقالها أو القيد إن كانت مقيدة.