كشف الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح كواليس الدور الإيراني والقطري في دعم الميليشيا الإرهابية والتي أدت إلى تدمير اليمن وتخريبه مؤكدًا أن قطر مولت الحوثيين وإيران دعمتهم بالسلاح نكاية في المملكة.
وأوضح صالح في حوار أجرته معه صحيفة عكاظ عام 2014 في قصره بالعاصمة صنعاء، ونشرته اليوم أنه لم يدعم الحوثيين ولكن تحالفه معهم يأتي ضمن تحالف حزب المؤتمر مع 13 حزبًا وجماعة سياسية في اليمن.
فإلى نص الحوار الذي أجراه الزميل عبدالله آل هتيلة :
وصلت إلى صنعاء متنكرا، في محاولة لتفادي رصاصة طائشة أو قنبلة متفجرة، خاصة في ظل الانفلات الأمني الذي تعيشه العاصمة اليمنية آنذاك (1 محرم 1436هـ)، بسبب سيطرة مجاميع حوثية على أغلب شوارعها وميادينها، تدعي حفظ أمنها والمحافظة على مؤسساتها من المخربين والمفسدين، وهي -أي هذه المجاميع الحوثية- من أجبرت كل القوى الأمنية على التواري عن الأنظار تاركة وراءها فراغا أمنيا أزهق الأرواح البريئة وخرب ممتلكات الدولة.
أمام هذا الوضع الأمني المتدهور الذي ضاق به الشعب اليمني ذرعا، والتساؤلات التي تمحورت حول مدى قدرة الحوثي على فرض وصايته على العاصمة اليمنية دون مقاومة، وفي ظل الغياب التام لمؤسسات الدولة العسكرية والأمنية، ذهبت سهام اتهامات بعض الأحزاب وجزء من الشعب إلى الرئيس اليمني السابق ورئيس المؤتمر الشعبي العام علي عبدالله صالح، والتي تمحورت حول مساندته للحوثي عسكريا وماديا، بل واعتباره سببا في الوضع الأمني المتردي في العاصمة اليمنية ومحافظات أخرى، يدفعه إلى ذلك تحقيق مكاسب سياسية، والنيل من خصومه وتصفية حساباته معهم.كل هذه التساؤلات والاتهامات التي قابلها صمت كامل من قبل المتهم الأول، فهو لم يظهر للعلن شخصيا لنفيها أو الاعتراف بها –آنذاك- عبر أي وسيلة إعلامية، مكتفيا بتصريحات خجولة صدرت من بعض أعضاء حزبه، أو بيانات رسمية تتجاهل الخوض في التفاصيل، هذه الأسئلة الحائرة كلها طرحتها «عكاظ» في مواجهة مباشرة مع علي عبدالله صالح في مسكنه الفاخر بأحد الأحياء الراقية في العاصمة اليمنية، وسط حراسة أمنية مشددة للغاية .
علي صالح الذي كان آنذاك في دائرة الاتهام أسئلة «عكاظ» من وجهة نظره بأنها «استجواب» واتهامات طالته شخصيا، وأنها كما قال لا تمت للحقيقة بصلة، نافيا دعمه للحوثي ماديا وعسكريا، وأنه – على حد قوله – غير راضٍ عن التدخل الإيراني في اليمن لتمكينهم من دعم الحوثي، معتبرا هذا التدخل تهديدا لأمن المملكة واستقرارها، ومحاولة من إيران تنفيذ مخططها المتمثل في الهلال الشيعي.
ورغم اللاءات التي كرّرها علي عبدالله صالح من خلال إجاباته على المواجهة، قال إنه لن يستفز الحوثي وجماعته، ولن يدخل معهم في حرب نيابة عن الدولة، بحجة أنه لا يملك جيشا ولا مالا، وقال «بأن الدولة هي المسؤولة عن إخراج الحوثي من صنعاء ومختلف المحافظات لأنها – على حد قوله – من جاءت به وسهلت دخوله». ورغم تشاؤم علي صالح من الوضع الراهن هناك، إلا أنه دائما ما يكرر بأن المملكة بحكمتها وحنكتها، وبما تحظى به من احترام شديد لدى جميع الأطراف، ولما لها من مكانة في قلوب اليمنيين، قادرة على حلحلة الأمور والسير باليمن إلى بر الأمان.
وأوضح أن «السعودية تعتبر الدولة الوحيدة التي يحق لها أن تتدخل في الشأن اليمني بحكم العلاقات التاريخية والجوار ووشائج القربى»
.وفيما يلي نص المواجهة التي أجريت قبل ثلاثة أعوام تقريباً والتي تكشف بعض تقلبات ومغامرات رئيس اليمن السابق:
هناك حديث قوي في الشارع اليمني وبعض وسائل الإعلام عن خلافات شخصية بينكم وبين الرئيس هادي، كيف هي العلاقة بينكما حاليًا؟
●الرئيس يرى بأن علي عبدالله صالح يشكل بعبعاً بالنسبة له، أنا تركت السلطة طوعا وعن قناعة، وكانت بيدنا الشرعية الدستورية والشعبية والقوة والإمكانات، وذلك لتجنيب وطننا إراقة الدماء والدمار ولإرساء تقاليد انتقال السلطة سلميا، وقلت في خطاب تسليم السلطة بأنني ما زلت مواطناً يتمتع بكافة الحقوق السياسية التي كفلها الدستور والقوانين، وليس فقط بصفتي رئيس حزب هو عمود التسوية، ويمكن في إطار الممارسة السياسية الديموقراطية أن يكون هناك خلاف أو تباين في وجهات النظر على مصالح الشعب سواء مع الرئيس أو مع الآخرين بنفس الوسائل الحضارية التي أرسينا قواعدها، والرئيس الانتقالي كان نائباً لرئيس الجمهورية، ونحن من اخترناه ليكون رئيسا للجمهورية وتسلم أمانة المسؤولية لقيادة البلاد، ودعوت أثناء وجودي للعلاج في الولايات المتحدة الأمريكية كل أبناء الشعب اليمني وفي مقدمتهم أعضاء وأنصار المؤتمر الشعبي العام للمشاركة الفاعلة في انتخابه كرئيس انتقالي، ولهذا فإنه لا يجب أن يضيق من نقد أو تباين في وجهات النظر فاختلاف الرأي لا يفسد للود قضية، والتباينات إذا وجدت فهي من أجل الوطن وتحقيق مصالحه العليا، نحن مثلا كانت لنا وجهة نظر حول ما سمي بهيكلة الجيش لأنها في الحقيقة دمرت الجيش وبعثرت قدراته.
أنتم متحالفون مع الحوثيين وساعدتموهم في السيطرة على اليمن؟
●موقف المؤتمر الشعبي العام واضح من الأحداث فهو يقف على مسافة واحدة من الجميع، ونرفض الانجرار لأي صراع، وكل الأحداث التي جرت في اليمن بدايتها من «الإخوان المسلمين»، وهم من سلم الحوثيين كل المناطق التي استولوا عليها ابتداء من حاشد ودماج وانتهاء بجميع المحافظات التي هم متواجدون فيها الآن، والمؤتمر الشعبي يرفض كل المعلومات الزائفة حول هذا الموضوع، ويرفض أن يكون أي طرف مهما ملك من القوة والإمكانات بديلا للدولة وأجهزتها، كما أننا نرفض الاستيلاء على أي منطقة بقوة السلاح من أي طرف كان أو تحت أي شعار كان، لأن هناك دولة يجب عليها أن تقوم بواجباتها في بسط نفوذها على كل مناطق اليمن، وطالبنا بإخلاء المدن والمناطق من كافة المظاهر المسلحة من أي طرف كان ومكافحة الإرهاب وأن تضطلع الدولة وأجهزتها العسكرية والأمنية بمسؤوليتها في الحفاظ على الأمن والاستقرار، وبالتالي فإنه لا يمكن أن نتحالف مع طرف ضد طرف آخر، وذلك حرصاً على سلامة الوطن وهو ما أثبتناه في أزمة عام 2011 عندما قبل المؤتمر الشعبي العام مشروع المبادرة الخليجية وأصر على وضع آلية تنفيذية لها، ونحن من دفع بالتسوية السياسية حرصا منا على تجنيب اليمن ويلات الصراعات والحروب، ونحن من تعاون مع المجتمع الدولي في تحقيق الاستقرار ومكافحة الإرهاب. وعلى الجميع التحلي باليقظة إزاء العمل المنظم الذي يستهدف بلداننا وأمتنا ومنطقتنا والتي يقف وراءها عقل مدبر لما يسمى بـ «الربيع العربي»، نحن تحملنا منذ عام 2011 كل صور التعدي والإسراف في الهجاء والإساءات والحملات الإعلامية الممنهجة، وأثبتت الأحداث صوابية موقفنا وسلامة رؤيتنا تجاه الأحداث، وكل الاتهامات الباطلة التي تأتي من هنا وهناك مردودة على أصحابها لأنها لا تستند على أي حقائق، بل هي أكاذيب وشائعات سرعان ما يتكشف زيفها، ونحن دعاة مصالحة وطنية شاملة تضمن الشراكة الوطنية وتتيح فرص الإسهام الفاعل في العمل الوطني للجميع باعتبار أن اليمن ملك الجميع ويتسع للجميع، ونحن نؤمن بأنه في النهاية لن يصح إلا الصحيح مهما بالغت بعض وسائل الإعلام في الإساءة لنا ولمواقفنا الواضحة التي ظلت حريصة على خدمة مصالح اليمن وصيانة أمنه واستقراره ووحدته وتنظيم التعاون مع جيرانه وفي مقدمهم المملكة العربية السعودية التي هي جزء منا ونحن جزء منها، ووقفت دائماً إلى جانب اليمن في السراء والضراء، ومهما سعى البعض للنيل من تلك العلاقة الأخوية المتينة والمتميزة فإنهم لن ينجحوا أبدا وسيخيب ظنهم وتفشل مساعيهم والتي تسعى للإساءة لليمن ولعلاقاته بأشقائه في المملكة.
الحوثيون يتوسعون في محافظات اليمن بشكل لافت، ويسيطرون على مؤسسات مدنية وعسكرية، والمواطن اليمني ضاق ذرعًا من تصرفاتهم، فما هو موقف علي عبدالله صالح من هذا الزحف بصورة واضحة ومحددة؟
●لست ضدهم، ولن أحاربهم نيابة عن الدولة، فأنا مواطن ولا أملك مالا ولا جيشا، وإذا كان هناك من يريد أن نحارب نيابة عن الدولة فهذا أمر غير وارد، لأن الدولة هي من يأتمر الجيش بأمرها وهي من تملك الأموال وعليها أن تحارب الحوثي إذا أرادت ذلك، أما علي عبدالله صالح فلن يقبل أن يعتدي عليه الحوثي، ولن يحارب الحوثي طالما مواجهته تتطلب تدخل الدولة بصفتها حامية للشعب اليمني.
ولماذا لم يتحرك أحد لمواجهة الحوثيين؟
●هذا السؤال يوجه للدولة التي تلقت دعما ماليا من المملكة تجاوز ثلاثة مليارات وسبعمائة مليون دولار، وما زال هذا الدعم مستمرا لإنعاش اليمن كما هي عادة المملكة من منطلق وفائها لليمن في كل أزماته.
إذن أين يكمن الحل من وجهة نظركم؟
●بكل صراحة المملكة هي الدولة الوحيدة القادرة على حل هذه الأزمة، بحكم الخصوصية والعلاقات المتميزة مع الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وجميع الفعاليات، وإن ظلت متوترة مع الحوثيين منذ مواجهات الحدود، لذلك أؤكد بأن المملكة هي العنصر المؤثر بفضل دعمها المستمر لليمن.
ألا تسعون لتهيئة نجلكم أحمد لرئاسة اليمن وتتحالفون مع الآخرين لهذا الغرض؟
●هذا غير صحيح، وهو لا يجوز شرعا، لأن اليمن حاليا متشظٍ، وكل حزب يرى بأنه يمثل دولة لوحده، وكل حزب يغني على ليلاه، بما في ذلك الحوثيون والقاعدة والحراك الجنوبي.
كيف تصفون علاقتكم مع الأحزاب والقوى السياسية؟
●تحالفنا قائم مع 13 حزبا يتحالف مع المؤتمر الشعبي العام.
كيف تصف علاقتك مع دول الخليج؟
●علاقاتي جيدة مع دول الخليج ما عدا قطر، وخلافي معهم وصل إلى أبعد مدى عندما كنت رئيسا ولا زال، لأنهم دعموا الحوثي أولا والإخوان المسلمين ثانيا، وتدخلهم في الشأن اليمني ثالثا، علما بأن هذا الدعم القطري مستمر حتى يومنا هذا، ولا أخفيك بأن القطريين كانوا منزعجين من العلاقات المتميزة مع المملكة، وأفهمناهم بأن المملكة جارة لليمن ترتبط بحدود وعلاقات وصلات قربى، ويجوز لها ما لا يجوز لغيرها، وقلنا لهم بأنه لا يمكن مع قطر بأي حال من الأحوال إقامة أي علاقات معهم ترتقي لمستوى علاقاتنا مع المملكة.
أنت تستهجن «التدخل القطري» وتتعامل مع الحوثيين وهم يتلقون دعمًا «غير عادي» من الإيرانيين الذين يتدخلون بشكل سافر في الشأن اليمني، وكل يمني يدرك أبعاده وأهدافه؟
●لست مع التدخل الإيراني، وقد اختلفنا مع الإيرانيين ولا زلت مختلفا معهم على خلفية دعمي للعراق في حربه مع إيران، وبصراحة فإن الدعم الإيراني للحوثيين حاليا كفصيل هو من أجل الإضرار بالمملكة وليس اليمن فقط، فإيران تسعى إلى تحقيق حلمها في تشكيل الهلال الشيعي.
هناك من يتهمكم باتباع سياسات في اليمن الجنوبي أدت إلى المطالبة بالانفصال؟
●من سعى إلى تحقيق الوحدة لا يمكن أن يتسبب في تدهور الأوضاع هناك إلى الحد الذي ظهر فيها من يطالب بالخروج على الوحدة.
الجنوبيون يقولون إن الدولة في عهدكم استولت على كل شيء وحرمتهم من كل شيء؟
●سامح الله من يقول هذا، وإذا كانت هناك أخطاء، فإن الدولة آنذاك لا تتحمل كل ذلك وإن كان ذلك لا يبرر المطالبة بفك الارتباط، لأن كل شيء يظل قابلاً للعلاج.
تتحدث عن المملكة واهتمامها بالشأن اليمني من منطلق العلاقات الأخوية التاريخية بين البلدين والشعبين وليس لأي هدف آخر، كما يعلم الجميع ذلك، لكن اليمن ظل يعاني سواء في عهدك أو لاحقاً!
●نحن نتطلع إلى أن تلعب المملكة دوراً قوياً كما عملت في عام 2011 بتبنيها المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية التي جنبت اليمن الانزلاق نحو حرب أهلية طاحنة، والمملكة قدمت لليمن دعماً سخياً ولها بصمات كبيرة في التنمية في اليمن، كما أن الشعب اليمني بكل فئاته السياسية والاجتماعية الذي جبل على الوفاء والاعتراف بالجميل لا يمكن أن يتنكر أو يتناسى بأن المملكة كانت الدولة الأولى التي أوفت بكل التزاماتها التي أعلنت عنها في مؤتمر المانحين، بل وزادت على ذلك، والشعب اليمني يثمن كل عون صادق يقدم له، وهو ما أثبتته مواقف المملكة التي تقدم العون بسخاء وصدق لأشقائها في اليمن لمساعدته على تجاوز الظروف الصعبة التي يمر بها وخاصة في الجانب الاقتصادي والتنموي.
أنتم جزء من مشكلة اليمن.. كيف الوصول إلى حل بالتعاون مع حلفائكم؟
●ما زلت مصراً على أن علي عبدالله صالح وراء مشاكل اليمن! وهذا جزء من الفهم السائد والمغلوط، المهم الآن، كيف يتعاون الجميع لإنقاذ اليمن.
سجلت دول مجلس التعاون الخليجي مواقف إيجابية مع الحكومة والشعب اليمني بهدف السعي إلى ترسيخ الاستقرار؟
●لا يمكن أن ينسى الشعب اليمني هذا الجميل للمملكة ولبقية دول مجلس التعاون، التي وقفت بصدق وتجرد مع اليمن في المحنة التي مر بها منذ عام 2011.
أنت تشيد بهذه المواقف في وقت يواصل الحوثي عملياته، ولا يلتزم بتنفيذ المبادرات لتجاوز هذه الأزمة؟
●الحوثيون كانوا حلفاء سياسيين لأحزاب «اللقاء المشترك» أثناء فترة الأزمة عام 2011 حيث رحبوا بهم للانضمام إليهم في ساحات الاعتصامات بعد أن كانوا متواجدين في نطاق جغرافي ضيق في محافظة صعدة، وعندما وجد الحوثيون فراغاً في الساحة أرادوا أن يملؤوه داخلياً وخارجيا، وكان «المؤتمر الشعبي العام» هو الطرف الوحيد الذي تقدم بالعديد من المبادرات، ولكنها للأسف لم تجد الآذان الصاغية ولا العقل المدرك لخطورة وأبعاد الأحداث المأساوية، التي تدفع اليمن إلى منزلق لا يمكن لأحد في المنطقة أن يتحاشاه أو يتجنب آثاره المدمرة، ولقد دعونا كل الأطراف إلى ضرورة تحكيم العقل، والعمل على تنفيذ المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني وتنفيذ اتفاق السلم والشراكة الوطنية، وكون ذلك هو المنطلق لاختبار مصداقية الجميع، والابتعاد عن الدفع بالبلد نحو صراع مذهبي بغيض، وأن تقوم الدولة بتحمل مسؤولياتها وواجباتها في ترسيخ التعايش والتسامح بين أبناء المجتمع الواحد.
لو كنت في السلطة الآن.. ماذا ستفعل؟
●كنت سأسعى إلى جمع الفعاليات اليمنية.. ومنع انهيار الدولة وسقوط اليمن في براثن الشر.. ومنع سعي الإيرانيين الحثيث لتحويل اليمن إلى عدو للمملكة وخطر عليها.
كيف تنظرون إلى إفرازات ما يسمى بالربيع العربي؟
●ما سمي بـ «الربيع العربي» حمل اسم الشعوب العربية زورا وبهتانا، فهو ربيع عبري تآمري دمر الأوطان وقتل الشعوب وبدد الإمكانات، وخلق صراعات جهوية ومذهبية وأجج النزاعات الحزبية التي أضعفت مناعة المجتمعات ووسع دائرة الإرهاب، وأصبحت القاعدة وغيرها من الجماعات المتطرفة كداعش وأمثالها وعمليات التخريب والاغتيال السياسي والمعنوي، بمثابة محرك للمشهد السياسي، كما أن هذا الربيع سرع في انهيار الدول وتدمير الجيوش الوطنية والأمنية وقوض كل صور الشرعية في هذه الدول، وجرف كل مكاسب التأسيس الديموقراطي لدول العالم الثالث.وما يسمى بهذا الربيع المسموم اقترن بالخراب والكوارث، والمنطقة تحتاج لعقود لتجاوز آثاره السلبية، وهؤلاء يقولون أنتم عاجزون بدوننا أن تكونوا حكاما، ومن جهة أخرى يقولون لهم لقد انتصرتم على بن علي والقذافي وصدام ومبارك وصالح، لكن القرار يبقى لسفراء ثلاثة توزع بينهم الأدوار، فهذا ربيع الإخوان; والمخابرات وحلم عودة الاستعمار بوجه جديد.
تردد أن علي صالح استخدم ورقة «القاعدة» في وقت من الأوقات لضمان الاستمرار في الحكم ويستخدمها الآن ضد الدولة اليمنية؟
●هذا كذب، ولا تعليق لي عليه أكثر من أن كل ذلك حدث ويحدث نتيجة هشاشة الوضع في البلاد، وأنا أحمّل الدولة مسؤولية كل ذلك.
وما هي مسؤوليتك أنت.. وحزب «المؤتمر الشعبي»؟
●أنا الآن مواطن.. ومسؤوليتي هي مسؤولية أي مواطن يريد لبلاده الخير ويحاول بإمكاناته المحدودة أن يمنع عنها الشر.. ولكنه لا يستطيع ضمانه وفق ما أصبحت «القاعدة» رخوة.. والأمور بهذا الدرجة من التعقيد.
ألا تخاف على نفسك من تطورات الوضع في اليمن؟
●ولمَ الخوف، فأنا خدمت اليمن، وجاء من يعمل ضده، ولم يجد من يقاومه!
خصومك يتحدثون على أنك السبب في تدهور الوضع بالبلاد.. وتعطيل جهود المصالحة.. وضرب الأطراف المختلفة بعضها ببعض؟!
●هذا افتراء لا أقبله.. المتسببون في تدهور اليمن معروفون، هم من عرضوا شعبه للخطر.. ومن حاول إنقاذ اليمن كذلك معروفون.
من تقصد تحديداً؟
● أقصد الدولة اليمنية، ولا أبرئ إيران وآخرين مما يحدث.. وما تهدف إلى تحقيقه من تصفية حسابات مع جيران اليمن ولاسيما المملكة.. كما لا أعفي بعض الأطراف اليمنية من كل ما حدث ويحدث حتى الآن.. إنها إخفاقات شارك فيها الجميع..
من تقصد بالجميع.. هل تعترفون بأنكم ساهمتم في ذلك؟
●ربما.. بسبب قبولي غير المشروط بالانسحاب بإرادتي من تحمل أعباء المسؤولية.. وكنت أرى المشهد أمامي غير مطمئن.. لكنني أردت بالتوقف ألا أظهر وكأني ضد التغيير الذي جلب لليمن الدمار.
هل تفكر في مغادرة اليمن في أي وقت من الأوقات وإلى أين؟
●لا، لن أغادر اليمن؛ لأنني لا أخاف من شيء وإن كنت أخاف عليه وأرجو من الله أن لا يصيبه مكروه، لم يطلب أحد مني ذلك، لكنني لن أتخلى عن بلادي، ولن أتردد عن القيام بأي عمل يجنبه الأخطار التي تقترب منه.
هل هناك ما تود أن تقوله أخيراً؟
●اسألوا وأنا أجيبكم..
لم تجبنا بصراحة على كل ما وجه ويوجه لكم من اتهامات، فهل هناك ما تخبئه؟
● إذا لم يكن هذا اتهاماً.. فما هو الاتهام إذاً.. الأمور إن شاء الله ستسير لصالح اليمن إذا أزيلت الأسباب التي دفعت به حتى الآن إلى الهاوية.. وإن كان المخلصون لليمن من أبنائه سيحولون دون ذلك.. وأطمئن الجميع بأن اليمن أقوى من أن تهزه الريح