الرئيس اليمني: الميليشيا لا ترى اليمن وشعبه إلا قربانًا قدموه لأسيادهم في إيران

الخميس ٣٠ نوفمبر ٢٠١٧ الساعة ١٢:٢٧ صباحاً
الرئيس اليمني: الميليشيا لا ترى اليمن وشعبه إلا قربانًا قدموه لأسيادهم في إيران

قال الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي: إن الميليشيات الانقلابية لا ترى في اليمن سوى بطونها المنتفخة وأرصدتها المتزايدة من قوت الشعب وأسواقها السوداء، ولا ترى باليمن وشعبه إلا قربانًا قدموه لأسيادهم في إيران، ولا تكترث لمصير الشعب وحالة المواطن وما سببته من الدمار والخراب.

وأضاف في خطاب وجهه لأبناء الشعب اليمني بمناسبة الذكرى الـ50 للاستقلال الوطني في 30 نوفمبر 1967م، أن مواجهة الانقلاب وهزيمته أمر لم يعد منه مهرب، ولقد فعلنا كل ما من شأنه حفظ الدم اليمني، ومددنا أيدينا بالسلام مرارًا وتكرارًا، مضيفًا: أوقفنا المعارك العسكرية لفترات طويلة تحولت فيها الهدنة إلى فرصة للتزود الأسلحة وإعادة التموضع، وشاركنا في مشاورات طويلة قبلنا فيها أن نجلس مع من انقلب علينا على طاولة واحدة؛ حرصًا على حياة الأبرياء وسعيًا لنزع فتيل الحرب.

وفيما يلي نص الخطاب:

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم.

الإخوة المواطنون الكرام.. يا صناع فجر الثورة اليمنية الخالدة.. يسرني أن أخاطبكم في مناسبة عزيزة غالية علينا جميعًا، ممثلة في الذكرى الخمسين ليوم الثلاثين من نوفمبر الأغر.

وبهذه المناسبة الخالدة، أتقدم لجميع أبناء الشعب اليمني بأطيب التهاني والتبريكات، داعيًا الله- عز وجل- أن تتجدد الاحتفالات بهذه المناسبة المجيدة، وقد تحقق لشعبنا ووطننا ما يصبو إليه من تنمية واستقرار ونماء.

أبناء شعبنا اليمني العظيم رجالًا ونساء:

لقد كللت ثورة 14 أكتوبر، التي انطلقت وثابةً عارمة في 1963م من جبال ردفان، الشماء نضالات طويلة شاقة وباسلة خاضها الشعب اليمني، منذ أن وضع الاستعمار البريطاني أولى خطواته في شواطئ عدن في العام 1839م، ورسمت في نهاية المطاف، بدماء الشهداء الطاهرة، وبعرق وشجاعة المناضلين وتضحياتهم وبسالتهم، فجر الاستقلال الذي أطل بهيًّا في الثلاثين من نوفمبر 1967م.

ونحن إذ نحتفل بهذه الذكرى والمناسبة الخالدة، فإننا نحتفل بالمآثر العظيمة التي سجلها أبطال النضال اليمني التحرري على مدى 129 عامًا زخرت بمقاومة أبناء شعبنا اليمني بكل فئاتهم ومشاربهم، واحتشدت بالثورات والانتفاضات المناهضة للاستعمار في مختلف مناطق اليمن المحتل، حتى تتوجت باندلاع ثورة 14 أكتوبر التي أشعلت الكفاح المسلح، ووسعت جبهة النضال ضد الاستعمار، وسطرت أروع ملاحم البطولة والفداء، في مواجهة أكبر آلة حرب استعمارية في العالم آنذاك.

وستبقى ذكرى هذه الثورة حية في نفوس وضمائر وعقول الأجيال اليمنية، تمنحهم الفخر بما تم تحقيقه في سبيل الحرية والاستقلال، وتعزز ثقتهم بالنفس، وإيمانهم بقدرة شعبنا على تحقيق ما يصبو إليه من أهداف وطموحات مهما كبرت التحديات وهذا ما جسدته ثورة الشباب في فبراير المجيد، والتي انطلقت لتؤكد أن أبناء سبتمبر وأكتوبر لن يحيدوا عن مسيرة آبائهم وتكللت تضحيات الآباء والأبناء بمخرجات حوار وطني جسدت مشروعهم وأهدافهم التي ضحوا لأجلها خلال الخمسين عام الماضية.

ونجدد العهد بأننا سنظل سائرين على درب الثورة اليمنية، متمسكين بمبادئها وأهدافها، أوفياء لدماء وتضحيات شهدائها وأبطالها.

أبناء شعبنا اليمني الكرام:

إن ذكرى نوفمبر ليس مجرد ذكرى لحدث في الماضي، ولكنها حكاية كفاح وطني كتب أبجدياته شعبنا اليمني العظيم، تعمد وارتوى بدماء شهدائنا الأبرار الذين قدموا الغالي والنفيس لنير دروب الحرية والانعتاق، لصنع قصة وطن ومسيرة كفاح.

إنها ذكرى مستمرة تلهمنا استقلال الإرادة والقرار، إنها وصية الأولين للآخرين أن الحرية والاستقلال والعيش بكرامة لا يأتي إلا معمدًا بالفداء والتضحية والبطولات.

وها نحن اليوم نبدأ فصلًا جديدًا وقصة وطنية أخرى، في محراب العزة والكرامة والدفاع عن حياض الوطن في وجه القوى الانقلابية الغاشمة التي رفضها شعبنا اليمني وأعلن عليها الثورة والكفاح، وسنستمر حتى الأبد نناضل لنظل أحرارًا كما خلقنا الله يوم ولدتنا الأمهات.

أيها الشعب الكريم:

إن احتفالاتنا اليوم تأتي بعد فصول من التحولات والتضحية والنضال الذي نخوضه معًا في معركة استعادة الدولة بعد أن غدر بها وانقلب على الإجماع الوطني تحالف الشر المشدود إلى ثقافة الماضي سعيًا وراء أوهام السلطة والولاية والانتقام، بعد أن مثلت التسوية السياسية المتمثلة بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية مخرجًا سليمًا وآمنًا للبلاد وتهيأت مرحلة جديدة على أساس من الاحتكام للشعب الذي بدأه شعبنا بعد أن قال كلمته الفاصلة عبر صناديق الاقتراع في انتخابات 21 فبراير التي مثلت علامة فاصلة ومحطة وطنية تاريخية هامة عبرت باليمن من النفق المظلم إلى آفاق أكثر إشراقًا وأمنًا واستقرارًا، وجسدت الحل المتفق عليه وطنيًّا والمدعوم إقليميًّا ودوليًّا للخروج باليمن من أخطر الأزمات وخاض مرحلة توافق وحوار وطني شامل أفرزت مخرجاته دستور دولة اليمن الاتحادي الجديد التي ارتد عنها الانقلابيون في إعلانهم حربًا شاملة على الدولة ومؤسساتها.

ولقد تحدثت من على منصة الأمم المتحدة قبل انطلاق مؤتمر الحوار الوطني الشامل أن إيران تعمل على إعاقة مسيرة التسوية السياسية في اليمن وتنفيذ استحقاقات المبادرة الخليجية وإفشال مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي سينعقد بمشاركة كافة أطياف المجتمع اليمني من خلال أدواتهم في الداخل، في محاولة لنقل التجربة الإيرانية العقيمة إلى اليمن، تلك التجربة التي يرفضها ويلفظها المجتمع اليمني كله من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، لقد أرادت تلك القوى الانقلابية عودة اليمن إلى ما قبل السادس والعشرون من سبتمبر والرابع عشر من أكتوبر وإنهاء النظام الجمهوري والارتداد عن منجزات نضال شعبنا اليمني طيلة الفترة الماضية.

ولم يكن أمامنا وأمام شعبنا سوى الإمساك بمقود الأوضاع الملتهبة والسير إلى الأمام بدعم وإسناد من دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة مهما كانت التحديات، حفاظًا على وطن موحد يلبي طموحات شعبنا المشروعة في التغيير والحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية والشراكة في السلطة والثروة.

يا أبناء شعبنا العظيم:

إن مواجهة الانقلاب وهزيمته أمر لم يعد منه مهرب، ولقد فعلنا كل ما من شأنه حفظ الدم اليمني ومددنا أيدينا بالسلام مرارًا وتكراًرا، وأوقفنا المعارك العسكرية لفترات طويلة تحولت فيها الهدنة إلى فرصة للتزود الأسلحة وإعادة التموضع، وشاركنا في مشاورات طويلة قبلنا فيها أن نجلس مع من انقلب علينا على طاولة واحدة حرصا على حياة الأبرياء وسعيًا لنزع فتيل الحرب.

غير أن الميليشيات الانقلابية لا ترى في اليمن سوى بطونها المنتفخة وأرصدتها المتزايدة من قوت الشعب وأسواقها السوداء، ولا ترى باليمن وشعبه الا قربان قدموه لأسيادهم في إيران، ولا تكترث لمصير الشعب وحالة المواطن وما سببته من الدمار والخراب.

إنها حرب فرضت على شعبنا وسيخوضها للدفاع عن حقوقه ومكتسباته الوطنية وعن مشروعه الوطني المتمثل بمخرجات الحوار الوطني، ولن تكون نهايتها إلا كما يقرره شعبنا، وكما تقتضيه إرادته وحتى تتجسد الدولة المدنية الاتحادية واقعًا في حياته.

يا أبناء شعبنا العظيم:

إننا اليوم- وكنتيجة موضوعية لما نتج عن إسقاط الدولة ومؤسساتها- نخوض حروبًا عديدة في وقت واحد، فالوطن يخوض حربًا ضد الميليشيات التي اغتصبت الدولة وصادرت السياسة ونهبت السلاح واجتاحت المدن وعرضت حياة المجتمع اليمني للخطر الجسيم، ونخوض في الوقت ذاته حربًا ضروسًا ضد الإرهاب وجماعات العنف التي تستغل الوضع الأمني في البلاد وتحاول التمدد على الأرض أو تنفيذ أعمال إرهابية ونخوض حرب أخرى ضد أصحاب المشاريع الضيقة والمطامع الكبرى، وجميعهم يتبادلون الأدوار مع الميليشيات الانقلابية لإقلاق البلاد.

ونتيجة لذلك تفاقمت الأوضاع الاقتصادية لتشكل ما يمكن أن نسميها حربًا رابعة تطارد الناس في معيشتهم وتفاصيل حياتهم اليومية التي تتجلى تحدياتها اليومية في انبعاث الأمراض المنقرضة وغياب الخدمات الصحية والتعليمية وغيرها.

ثم تجابه بلادنا تحديات التخريب الذي أحدثته الارتدادات العكسية للحروب والفساد والإرث الثقيل من تبعات الإقصاء والتهميش التي أضرت بالوحدة الوطنية ومزقت النسيج الاجتماعي وخلقت الفرص أمام النفسيات المريضة والأنانية لتنفث سمومها في وسط المجتمع وتوسع الهوة سعيًا وراء رغباتها في السيطرة والحكم وتقسيم البلاد وبعث الهويات الميتة على حساب المشروع الوطني الجامع الذي مثلته مخرجات مؤتمر الحوار الوطني.

أيها الشعب العظيم:

إننا ندرك تمامًا المخاطر ونبذل الجهود الكبيرة لمواجهتها بالشراكة مع أشقائنا وأصدقائنا.

ولقد كان لقاؤنا بسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مثمرًا في إطار جهودنا المشتركة لمواجهة هذه التحديات والقضاء عليها، وسينعكس إيجابًا في حياتكم على مستوى كل الخدمات.

وبهذه المناسبة نثمن عاليًا دور الأشقاء في المملكة العربية السعودية وقيادتها الحكيمة، ممثلة بأخي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الجهود الاستثنائية التي يبذلها ولي عهده سمو الأمير محمد بن سلمان وكل جهود المملكة والأشقاء والأصدقاء في مساندتهم السخية ومواقفهم النبيلة لأشقائهم في اليمن لتجاوز الظروف الراهنة التي أفرزتها تداعيات الحرب الانقلابية الظالمة للحوثي وصالح على شعبنا ومجتمعنا في كل الميادين العسكرية والاقتصادية وجهود الإغاثة الإنسانية.

الإخوة المواطنون.. الأخوات المواطنات:

لقد اجتزنا- بحمد الله تعالى- الكثير من الأخطار والتحديات، وقادرون اليوم وبإرادة شعبنا الجبارة وبمساعدة ودعم الأشقاء والأصدقاء على استكمال الطريق والسير بالوطن إلى بر الأمان وبناء اليمن الجديد الذي رسمت معالمه مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل.

وسنواصل المضي قدمًا بإيمان عميق وقوي بالمصلحة الوطنية العليا دون المصالح الضيقة، واثقين من عظمة إرادة شعبنا وقواه الحية ودعم المجتمع الإقليمي والدولي بالعبور وتخطي العقبات والانتصار للوطن الموحد الديمقراطي الآمن والمستقر.

يا أبناء شعبنا اليمني الصابر والمكافح:

إن الظروف الاستثنائية التي يمر بها وطننا والتي أشرنا إلى بعضها تتطلب رص الصفوف لكل القوى الوطنية السياسية والشعبية في جبهة واحدة للعمل في خطين متوازيين، خط إنهاء الانقلاب وهزيمة الإرهاب واستكمال مهمة التحرير لكل شبر في الوطن، وخط آخر يتمثل في بسط سلطة الدولة ومساندة الحكومة في مسيرة البناء والتنمية وتثبيت الأمن وترسيخ مؤسسات الدولة والقضاء على مظاهر الاختلال الأمني ودعم الجهود الوطنية لتعزيز المسار الاقتصادي ومحاربة الفساد في المناطق المحررة.

ولقد وجهنا الحكومة في هذا الصدد للعمل الجاد والمتواصل من أجل تحقيق الاستقرار واستتباب الأمن والاهتمام بالتنمية ومعيشة المواطن والتركيز قبل كل شيء على تلبية الاحتياجات الفورية للمواطنين وحشد كل الطاقات والإمكانات المتاحة لتحسين ذلك والعمل على تعزيز الموارد وتثبيت الأسعار ومراقبتها وتنمية الموارد وضمان أداء الحكومة والسلطات التنفيذية على نحو منظم وفاعل يحقق تفاعل جميع القطاعات في تحقيق الاستقرار المأمول.

كما وجهنا الحكومة بمزيد من الاهتمام بإخواننا وأبنائنا المغتربين في المهجر، وفي مقدمتهم أبنائي الطلاب الذي أشعر بمعاناتهم وتقديم الرعاية المطلوبة لهم والتسهيلات الكافية ليسهموا في بناء اليمن الاتحادي الجديد.

وندعو في هذه المناسبة العزيزة كل أبناء شعبنا اليمني للإسهام بصناعة المستقبل والتعلم من تجارب الماضي واستلهام قيم الثورة في الحرية والنضال والإرادة لبناء وطننا جميعًا.

ونحن واثقون من قدرة شعبنا في مواجهة التحديات جميعها، مطمئنين أيضًا من موقف ومساندة الأشقاء والأصدقاء للعبور الآمن، ومع هذا وذاك عدالة القضية وإخلاص الأبطال لوطنهم.

أيها الشعب الكريم:

يسعدني في هذه المناسبة الوطنية العظيمة أن أحيي بحرارة وإجلال الدور النضالي الكبير لأبطال جيشنا الوطني ومقاومتنا الباسلة وأجهزة الأمن المختلفة، وتضحياتهم الجسيمة في سبيل حماية الوطن واستقراره، وصون الشرعية الدستورية. وكلنا ثقة بأن هذه المؤسسة الوطنية الدفاعية والأمنية، ستظل مؤسسة الوطن والشعب، من أجل حمايته وحماية خياراته.

فلكم التحية أيها الإبطال في كل مواقع الشرف والبطولة والفداء، ولكم التهاني القلبية الحارة، ولكم كل العرفان والمحبة والوفاء.

أكرر التهاني الخالصة لكل أبناء شعبنا، وأسال الله جل شأنه أن يسدد خطانا على درب النصر والثبات وتحقيق كافة التطلعات في التغيير والأمن والاستقرار.

الرحمة والغفران لشهداء الثورة اليمنية الأبرار.. ولكل شهداء الوطن.

الشفاء لجرحانا البواسل.

النصر للوطن…. وكل عام والجميع بخير.