كشف مدير كلية الدراسات العليا والعلوم الاجتماعية، أستاذ كلية الاقتصاد في جامعة باريس، صاحب كتاب “الاقتصاد في القرن الـ21″، توماس بيكتي، أنَّ مشروع نيوم، الذي أطلقه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يرتكز إلى نظرية العائد على رأس المال أكبر من النمو في الاقتصاد، ونتيجة لذلك، تصبح الثروات أكثر ثراء فقط.
وأوضح بيكتي، في حديث خاص إلى “المواطن“، أنَّ “فكرة مشروع نيوم قائمة على استغلال الثروة، وهنا الثروة ليست المالية فقط، بل الثروات الإستراتيجية والطبيعية، ولكنّه في الوقت نفسه، يوفّر مضاعفة رأس المال، فضلًا عن حالة الرفاه العالية؛ مما يؤثر تأثيرًا إيجابيًّا على المناخ الاقتصادي داخل إطار المشروع الاستثماري الضخم”.
محمد بن سلمان يسلك درب تعظيم الأصول في الاقتصاد:
وأشار الخبير الاقتصادي الفرنسي بيكتي (47 عامًا) إلى أنَّ “المشروع الاستثماري الضخم، لا يغفل الجانب الاجتماعي، فهو يمنح الرعاية الاجتماعية المطلوبة للنمو الاقتصادي”، مبرزًا أنَّ “الأمير محمد بن سلمان، يسلك عبر قيادة صندوق الاستثمارات العامة، درب التجديد والتخطيط الإستراتيجي، عبر تعظيم الأصول، وخلق قطاعات جديدة، وتحفيز الاقتصاد المحلي، وتفعيل الحوكمة في الشركات المساهمة السعودية، وهو ما يجعل كل مشاريع رؤية المملكة 2030، طريقًا جديدًا في الفكر الاقتصادي، ونظرية لا يمكن إغفالها”.
وأوضح بيكتي، في حديثه إلى “المواطن“، أنَّ “نجاح مشروع نيوم مرتبط ارتباطًا وثيقًا بكون المملكة تضع ثقلها الاستثماري خلفه، عبر استثمارها نصف تريليون دولار أميركي، لاسيّما أنّه أول منصة اقتصادية تدرُّ الأموال، عبر الاستثمارات الكبرى في التكنولوجيا، لاسيّما الذكاء الاصطناعي، وتوطين التكنولوجيا الحديثة في البلاد، الأمر الذي يستقطب المستثمرين، لإدراكهم أنَّ الاقتصاد المعرفي مبني على هذه العوامل، أي رؤوس الأموال الضخمة، والتكنولوجيا الحديثة، التي لن تكون كسابق عهدنا بها في مشروع نيوم”.
تنويع القاعدة الاقتصادية السعودية تحرّك نوعي:
وبيّن مدير كلية الدراسات العليا والعلوم الاجتماعية في باريس أنَّ “السعودية تعمل على تنويع القاعدة الاقتصادية، عبر الاستفادة من كل مواردها، الطبيعية والمالية، الأمر الذي يعدُّ تحرّكًا نوعيًّا، تتوّجه من خلال مشروع نيوم الذي يشكّل نواة مستقبل الكون الجديد”.
وأشار بيكتي، في حواره مع “المواطن“، إلى أنَّ “المملكة تضرب عصفورين بحجر واحد من خلال مشروع نيوم، فهي ستكون قبلة المستقبل، عبر استقطاب العقول والابتكارات التكنولوجية الفريدة، الأمر الذي بدوره يجتذب الأموال بالضرورة، فالاستثمار في التكنولوجيا هو أقوى الاستثمارات في المستقبل، لاسيّما أنَّه نبع لا ينضب، ما يؤكّد حتمية استمراريّته، فضلًا عن احتمالات نجاحه الكبرى”.
الصدمات الخارجية العشوائية لن تؤثر في مشروع نيوم:
وأكّد الخبير الاقتصادي الفرنسي، أنَّ “الاقتصاد المستقر للمملكة، يدعم مشروع نيوم، وهو ما يعني أنَّ الصدمات الخارجية العشوائية، لن تؤثر في مشروع نيوم، الذي ستتكيّف سياساته وفق حاجة الأفراد والشركات، فالطلب على النقود مستقر، وهو ما يؤكّد اعتماد المشروع التاريخي على ميكانيكية الخلاص في سوق العمل”.
وبيّن بيكتي أنَّ “المملكة العربية السعودية، وعلى مدار عامين، صنعت أرضية الاقتصاد المستقر، عبر الاستخدام الأمثل لسياسات الاقتصاد الكلي، إذ نفّذت العديد من التحوّلات الهيكلية، على أساس من الإنفاق الكلي للدولة، الأمر الذي يضمن نجاح مشروع نيوم، فهو ليس القبلة الاقتصادية والاستثمارية الجديدة للشركات العالمية فحسب، بل هو أيضًا الاستثمار المضمون للمليارات”.
بناء بسيط يجذب رؤوس الأموال ويعظّم الاستفادة الإنسانية:
ورأى أستاذ كلّية الاقتصاد في باريس، في حديثه إلى “المواطن“، أنَّ “البناء البسيط الذي يرتكز عليه مشروع نيوم الاقتصادي العملاق، سيجذب رؤوس الأموال من العالم بأسره، فهو ثورة استثمارية وطفرة في عالم الاقتصاد المعرفي”.
وأشار إلى أنَّ “اختيار مدينة نيوم، وهي المدينة الرأسمالية الأولى في العالم، لتكون هي الروبوت الأول في المشروع، يعني بالضرورة الاستثمار في البنى التحتية والصناعة والتجارة الذكية، فالاعتماد هنا على الذكاء الاصطناعي، يفتح الأفق أمام آليات الابتكار، الأمر الذي يتيح بالضرورة التطوّر المستمر، وبالتالي استمرارية الربحية، وتعظيم رؤوس الأموال”.
لا مكان للفكر التقليدي في مشروع المستقبل “نيوم”:
وفي ختام حديثه إلى “المواطن“، أبرز عميد كلية الدراسات العليا والعلوم الاجتماعية، أستاذ كلية الاقتصاد في جامعة باريس، توماس بيكتي أنَّ “ما لفت نظري في مشروع نيوم، هو الضخامة التي تمَّ التخطيط له بناء عليها، فالأمير محمد بن سلمان خطط لمدينة نيوم المُستقبلية وحدها، لتتخطى بحجمها 33 مرة مدنية نيويورك الأميركية، الأمر الذي سيجعلها قِبلة للمُبدعين، ذوي الأفكار الخلّاقة، حيث لا مكان للفكر التقليدي”، لافتًا إلى أنَّ “المستثمرين في المجالات كافة، سيجدون ضالّتهم في مشروع نيوم، المبني على الاقتصاد المعرفي بالدرجة الأولى”.