السعودية ستظل الأرخص في أسعار الوقود والرفع المرتقب يعزز الإصلاحات الاقتصادية

الإثنين ٢ أكتوبر ٢٠١٧ الساعة ١٠:٣٧ مساءً
السعودية ستظل الأرخص في أسعار الوقود والرفع المرتقب يعزز الإصلاحات الاقتصادية

في الوقت الذي لا تزال خلاله السعودية هي الأقل سعرًا في أسعار الوقود، تواصل باقي دول الخليج رفع الدعم عن المحروقات لتحقيق خطط التنمية والتماشي مع أسعار الوقود العالمية، حيث أقدمت كل من الإمارات وقطر وسلطنة عُمان على رفع أسعار البنزين والديزل للشهر الحالي، في إطار خطط معلنة بدول الخليج، تستهدف خفض تدريجي للدعم الحكومي المقدم لأسعار الوقود، مع ترقب لقرارات مشابهة بدول خليجية أخرى خلال الفترة المقبلة.

وَتتصدر الإمارات بقية الدول الخليجية بالأسعار الأعلى للبنزين تليها سلطنة عُمان ثانيًا ثم قطر والبحرين والكويت، فالسعودية بأقل مستوى للأسعار بالخليج، حيث يبلغ سعر اللتر الواحد بالإمارات 2.12 درهم للبنزين الممتاز، 1.94 درهم للبنزين العادي، و2.10 درهم للديزل، بينما تقف السعودي عند أسعار 0.90 ريال للبنزين الممتاز، و0.75 للبنزين العادي، و0.45 للديزل.

عوائد ضخمة لمحدودي الدخل:

ووفقًا للإحصاءات السابقة فلا يمكن تجاهل أن السعودية كانت وما تزال الأقل سعرًا في البنزين، لكن ما يغيب عن الكثيرين أن هذه الأسعار المتدنية للوقود في المملكة تضر كثيرًا بمحدودي الدخل على المستوى المادي، وأيضًا على مستوى الخدمات العامة كالصحة والتعليم؛ كون جزء كبير من الدعم الحكومي موجهًا لأسعار الوقود، في حين أن أصحاب الدخل المتوسط والمحدود هم أقل الفئات استخدامًا للوقود ولمصادر الطاقة الأخرى التي يدخل الوقود في تشغيلها.

ويعد المستفيد الأكبر من دعم الوقود هم أصحاب الدخول المرتفعة، ممن يستخدمونه بكثافة من أجل سياراتهم المتعددة وشركاتهم ومؤسساتهم، والخدمات الأخرى ذات التكلفة المنخفضة بفضل دعم الوقود، إضافة إلى استخدامهم المرتفع للكهرباء في ممتلكاتهم، وهي التي تنتج أيضًا عن طريق الوقود المدعم.

كما يضاف الوافدون إلى قائمة المستفيدين من دعم الوقود، والذين يزيد عددهم على 10 مليون وافد بالمملكة، يوفرون في جيوبهم أموال الدعم، في حين أن المواطن السعودي هو أحق به في برامج التنمية وقطاعات كالصحة والتعليم وغيرها.

تعزيز الإصلاحات الاقتصادية:

ويرى الاقتصاديون أن رفع أسعار المحروقات ضرورة لا غنى عنها لتعزيز الإصلاحات الاقتصادية التي تتبناها المملكة؛ لتقليص فاتورة الدعم التي تثقل كاهل ميزانية الدولة، وتعزيز كفاءة الطاقة وخفض الاستهلاك، حيث سيوفر تقليص الدعم عشرات المليارات للموازنة السعودية، التي عانت من عجز قدره 87 مليار دولار في 2016، جراء انخفاض أسعار النفط، وساهمت الإصلاحات الاقتصادية الجارية في خفضها بمعدل الخمس في الربع الثاني من 2017 الحالي، إلا أن دعم المحروقات لا يزال عائقًا أمام المزيد من الإصلاحات للموازنة.

ويحد الدعم السعودي السخي للمحروقات من تلبية متطلبات الإصلاح الاقتصادي التي تستهدف محدودي الدخل، لاسيما في الإنفاق على قطاعات البنى التحتية، وتطوير التعليم والصحة، بينما يذهب لأصحاب الدخول المرتفعة الذين يستخدمونه في الاستهلاك الترفي.

انتعاش الميزان التجاري:

ويسهم رفع أسعار الوقود من تخفيف العبء عن الميزان التجاري للمملكة، بتقليل الهدر في المحروقات، وترشيد استهلاك المنتجات البترولية والحد من استنزاف الموارد الدولارية المخصصة لاستيراد كميات كبيرة من المنتجات المتعلقة بإنتاج الوقود من الخارج، وهو ما يؤتي بثماره على الميزان التجاري، بالموازنة بين الصادرات والواردات.

حساب المواطن يعوض المتضررين:

وتعد فكرة برنامج “حساب المواطن” ميزة هامة جدًّا لتحقيق أقصى استفادة من رفع أسعار الوقود بالمملكة، تسهم في وصول الدعم لمستحقيه، مع تعويض المواطن محدود ومتوسط الدخل، في حالة تضرره من الخطوة الاقتصادية، لاسيما المواطنين المرتبطين باستهلاك الوقود، كملاك التاكسي ومنتجي السلع المعتمد على الوقود.

مساواة بالأسعار العالمية في 2020:

ولأن الأرقام والبيانات لا تكذب؛ فإنه حتى إذا أقدمت المملكة على رفع أسعار الوقود ستظل كلفته الأقل عالميًّا، وهنا ينصح خبراء الاقتصاد بأن تبدأ السعودية رفع الأسعار تدريجيًّا لإحداث مساواة لأسعار الطاقة في المملكة بالأسعار العالمية بحلول ٢٠٢٠، تماشيًا مع مقتضيات الاقتصادات الدولية واللجوء للبدائل الأخرى من الطاقة الأرخص سعرًا والأقل تكلفة، وتحقيق أهداف برنامج التحول الاقتصادي الطموح الذي أطلقته المملكة العام الماضي.

إقرأ المزيد