ولما كانت الأوضاع الشكلية المشار إليها، لا تدل على الروابط العميمة الكائنة بين أفراد السكان، ولا على التضامن الموجود بينهم، على ما فيه عز البلاد وتعاليها -كما ظهر ذلك جلياً في التضامن في حوادث ابن رفادة الأخيرة – ولا على الارتباط الحقيقي بين شقي المملكة المهيبين تحت ظل جلالة الجالس على العرش.
فإن المجتمعين، يرفعون بكمال الخضوع، إلى سدة صاحب الجلالة أمنيتهم الأكيدة، في أن يتكرم بإصدار الإدارة السنية، بالموافقة على تبديل اسم المملكة الحالي إلى اسم يكون أكثر انطباقًا على الحقيقة، وأوضح إشارة إلى الأماني المقبلة، وأبين في الإشادة بذكر من كان السبب في هذا الاتحاد، والأصل في جمع الكلمة وحصول الوحدة وهو شخص جلالة الملك المفدى، وذلك بتحويل اسم “المملكة الحجازية النجدية وملحقاتها” إلى “المملكة العربية السعودية” الذي يدل على البلاد التي يقطنها العرب، ممن وفق الله جلالة الملك عبدالعزيز آل سعود إلى توحيد شملهم وضم شعثهم.
هذا ولما كان الاستقرار والديمومة والثبات من الشروط الأساسية التي تستهدفها الأمم في حياتها السياسية والاجتماعية والتي لا أمل بمواجهة صروف الحدثان وكوارث الدهر إلاّ بها، والتي لا تقوم لبلاد ولا لأمة من دونها قائمة، كما هو مشاهد في تاريخ الأمم والحكومات والدول التي أهملت مثل هذا الأمر الخطير، وما آلت إليه من سوء المنقلب والمصير.
فإن المجتمعين يتقدمون إلى سدة صاحب الجلالة، الجالس على العرش، أطال الله بقاءه وأمد في حياته، باستعطاف آخر، مواده: أن يتفضل جلالته بإصدار الأمر الكريم بالموافقة على سن نظام خاص بالحكم وتوارث العرش، لكي يعلم الجميع من صديق وعدو، قريب وبعيد، أن هذا الملك موطد الأركان ثابت الدعائم لا تزعزعه العواصف ولا تثني عوده الأيام. وجلالته أطال الله عمره من يقدر أهمية هذا الأمر الخطير وفوائده العميمة في داخل البلاد وخارجها، وتقوية مركزها الأدبي والمادي. والله تعالى نسأل أن يوفق جلالة الملك المفتى إلى ما فيه الخير والصلاح.
قرار الملك
وعليه أصدر الملك عبدالعزيز في 17 جمادى الأولى عام 1351ه الأمر الملكي الآتي تحت رقم (2716) بعد الاعتماد على الله، وبناء على ما رفع من برقيات من كافة رعايانا في مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها، ونزولاً على رغبة الرأي العام في بلادنا، وحباً في توحيد أجزاء المملكة العربية أمرنا بما هو آت:
المادة الأولى: يحول اسم “المملكة الحجازية النجدية وملحقاتها” إلى اسم “المملكة العربية السعودية”، ويصبح لقبنا بعد الآن “ملك المملكة العربية السعودية”.
احتفال أهالي الرياض
ويقول آل الشيخ: إن الاحتفالات أقيمت في مدن وقرى المملكة، ففي الرياض العاصمة أقيم حفل شرّفه الأمير سعود الذي خطب في الجماهير قائلاً: “إننا لم نكن نشعر منذ تأسيس هذه المملكة بأية تفرقة بين أبنائها؛ لأن الله قد وحد بينهم في الدين واللغة والقومية، ولذلك فإننا ما كنا نرى مانعاً من قبل في اختلاف الأسماء، ولكن عندما أعربت الأمة عن رغبتها في هذا التوحيد بهذا الاسم، ووافق عليه جلالة الملك أيده الله واتخذ منه دليلاً على نضوج الرأي العام وشدة ترابطه، بل وتمكن الحب من قلوب أبناء هذه الأمة مما جعلهم يتذوقون لهذه الوحدة، ثبت لدينا أن في احتفالنا هذا ما يعبر عن ذلك أصدق تعبير، وإني أعلن باسم جلالة الملك المعظم أيده الله أن هذه المملكة أصبح اسمها: “المملكة العربية السعودية” بدلاً من “المملكة الحجازية النجدية وملحقاتها” وإيذاناً بزوال جميع الفوارق التي كانت تسيطر على أجزاء هذه المملكة.
احتفال أهالي مكة
كما أقيم حفل مماثل في مكة المكرمة خطب فيه الأمير فيصل النائب العام لجلالة الملك فقال: إنني لا أستطيع أن أعبر لكم عما يخالج نفسي من الغبطة والفرح والسرور في هذا اليوم الذي من الله به علينا، وعلى هذه الأمة العربية المسلمة بالتوحيد ضمن مملكه واحدة، وزوال جميع الفوارق بين أبنائها، وإني أبلغكم شكر جلالة الملك المعظم نزولاً عند رغبة الأمة وأصدر أمره العالي بالموافقة على ما رأيتموه من جعل اسم المملكة هذه: “المملكة العربية السعودية” بدلاً من “مملكه الحجاز ونجد وملحقاتها”.