مناقشات بشأن مستجدات واحتياجات التدريب التقني والمهني في مكة المكرمة 25 يومًا على دخول الشتاء أرصاديًّا موسم الرياض يطلق تذاكر نزال Fury vs Usyk Reignited يوم 21 ديسمبر النيابة: المشمول بالحماية له الحق في الإرشاد القانوني والنفسي أبرز الاشتراطات الجديدة لعمل مغاسل الملابس والمفروشات هاريس تتصل بـ ترامب فماذا دار في المكالمة؟ نيوم تستضيف لقاء هدد السنوي 2024 للحفاظ على سلالات الصقور تشغيل رادار حديث للطقس في رفحاء الأسهم الأمريكية تفتتح على ارتفاع بعد فوز ترامب يايسله: الرائد من الفرق الصعبة ولكننا نملك الحلول
شارك صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيصل، رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، في الجلسة الافتتاحية لمنتدى أمبروستي السنوي في مدينة سيرنوبيو في إيطاليا، خلال الفترة من الأول إلى الثالث من سبتمبر 2017م، والذي جاء بعنوان: “الاستخبارات في العالم وأوروبا وإيطاليا”.
وألقى الفيصل خلال الجلسة كلمة بعنوان: “تأمل في حالة عالمنا”، أكد فيها أن أي تحولات كبيرة عبر التاريخ تحمل معها المخاطر والفرص للأفراد والدول والمجتمعات والمجتمع الدولي بأسره. وأن الفوضى والفراغ السياسي هما أخطر التهديدات التي تواجه عالمنا اليوم، حيث كانت الحروب الكبيرة نتيجة طبيعية لهذه الحالات والفشل في التصدي للتحديات التي تواجه البشرية. مشيرًا إلى أن العالم وحده، ومن خلال الحكمة والتعاون والقيادة الدولية، سيتصدى للتحديات الهائلة التي تواجهنا في هذه المرحلة لتفادي الكوارث والمخاطر.
وتطرق الفيصل خلال كلمته إلى الأزمات التي تهدد العالم اليوم وأنها تقبع في كل زاوية على خريطة العالم ودون أفق واضح للحلول الحقيقية. مشيرًا إلى الأزمة النووية في الشرق الأقصى والتي تمثلها كوريا الشمالية وخطر المواجهة مع الولايات المتحدة، وليس بعيدًا عنها أزمة الحدود في جبال الهيمالايا، التي وضعت مؤخرًا الجيش النووي الهندي والجيش النووي الصيني في حالة استعداد للمواجهة العسكرية. موضحًا أن هذه الأزمات ليست خطرًا على الشرق الأقصى فقط ولكن على العالم بأسره. فالسلام والأمن اللذان سمحا لليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وحتى الصين وبقية آسيا بالازدهار اقتصاديًا خلال العقود الستة الماضية أصبحا مهددين الآن، ونتيجة لذلك سيعاني الاقتصاد العالمي أكثر من غيره. وفي جنوب وغرب آسيا هناك العلاقات السيئة بين الهند النووية المتصاعدة ومحركها القومي المتطرف وباكستان النووية. حيث تمثل هذه العلاقات وضعًا يحمل معه خطر الانفجار في أي وقت إذا لم يعالجه الطرفان والسلطات المعنية على محمل الجد.
واستعرض الفيصل واقع الصراعات والحروب في مناطق أخرى من العالم، في أفغانستان التي تتواصل فيها الحرب ويغيب فيها السلام وتغيب معه الحلول السياسية منذ الغزو السوفياتي في عام 1979م. وفي غرب آسيا، أو في الشرق الأوسط تحديدًا، حيث لا يزال الوضع معقدًا بسبب الحروب الداخلية المستمرة في العراق وسوريا واليمن والتي تهدد هذه الدول كدول قومية ذات سيادة. وكذلك صعود المنظمات والكيانات غير الدولية وغير الحكومية في بعض الدول، مثل حزب الله في لبنان؛ والتهديدات الإرهابية المتزايدة، وانقسام المجتمعات، والسلوك الإقليمي العدواني للدول الإقليمية، مثل إيران. أيضًا التدخلات الخارجية كما يتضح من التدخل الروسي والإيراني في سوريا. الأزمة الدبلوماسية في الخليج بين قطر وأخواتها: السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة ومصر، الأزمة التي تهدد وحدة وبقاء مجلس التعاون الخليجي كمنظمة إقليمية موحدة، وإضافة إلى هذه القضايا هناك الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المطول الذي يزيد من تعقيد الصورة، لأن استمرار هذا الصراع سيكون دائمًا مصدرًا لزعزعة الاستقرار في المنطقة، ومصدرًا لانتشار التطرف والإرهاب. ولا يختلف الوضع في شمال أفريقيا عن بقية أنحاء الشرق الأوسط. حيث الفوضوية هي سيدة الموقف في ليبيا. والإرهاب يزعزع الاستقرار في مصر وليبيا وبقية دول المغرب العربي. إن تمدد هذا الاضطراب وعدم الاستقرار سيؤثر على باقي أفريقيا من خلال انتشار الإرهاب، وعلى أوروبا من خلال طوفان اللاجئين.
واستطرد الفيصل بذكر المزيد من القضايا والحالات لتوضيح حالة عالمنا، حيث في أوروبا، التي كان ينظر إليها على أنها مهد الاستقرار على الساحة العالمية غير محصنة أيضًا. فالإرهاب يضرب في العديد من المدن الأوروبية؛ وانقسام المجتمعات واضح مع تزايد الاتجاهات الخطيرة مثل، اليمين المتطرف، والخوف من الإسلام، ومعاداة الأجانب، ومعاداة الهجرة؛ والتساؤل عن مستقبل الاتحاد الأوروبي ومستقبل الناتو. ومستقبل العلاقات بين روسيا وتركيا، وتحديات الأزمة الأوكرانية، وخروج بريطانيا من المنظمة الأوروبية. والولايات المتحدة، التي تعتبر قائد العالم، وينتظر منها الكثير، يسودها حالة من القلق وعدم اليقين، وهناك في أمريكا اللاتينية تبرز الأزمة الفنزويلية، ومع ذلك، فإن ما ذكر آنفًا يشير إلى أن عالمنا اليوم في مأزق. وفي عالمنا المعولم والمترابط، يمكن أن تتحول كل قضية أو مسألة إلى قضية عالمية تهدد الجميع وتعرض جميع الإنجازات البشرية للخطر، في جميع الميادين، بما في ذلك العولمة نفسها.
وأكد رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية أن جميع القضايا المذكورة في كلمته هي مخاطر جيوسياسية وأنها أعراض للمشاكل الهيكلية العميقة في النظام الدولي، والناجمة عن فشل مجتمعنا العالمي في الارتقاء إلى مبادئ الحكم العالمي الجيد على النحو المحدد في ميثاق الأمم المتحدة قبل سبعين عامًا. مضيفًا أن النظام الدولي الذي تصوره المنتصرون في الحرب العالمية الثانية للحفاظ على “السلام والأمن في العالم” أصبح الآن في أزمة ولا يستجيب للأزمات والمخاطر التي تواجه البشرية.
وشدد الفيصل على أن عالمنا المعولم والمترابط المعتمد بعضه على بعض ليس عالم عام 1945م، ولكن لا تزال تديره عقلية عام 1945م والحرب الباردة. فالنظام الدولي يحتاج إلى إعادة هيكلة لكي يكون عادلاً وشاملاً يعكس الواقع الدولي، حيث العديد من الدول والمجتمعات تتقاسم القوة بكافة أشكالها. ولذلك، ومن دون إعادة الهيكلة هذه، ستستمر زيادة المخاطر الجيوسياسية في تهديد السلم والأمن العالميين. وكما نراه في الأزمة السورية، فإن فشل المجتمع الدولي وخاصة فشل الدولتين الكبيرتين، الولايات المتحدة الأميركية وروسيا، في معالجة هذه القضية منذ البداية وفقًا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة، أدى إلى المواجهات الدبلوماسية والبلاغية الحالية، التي تهدد السلم والأمن العالميين.
وحذر الأمير تركي الفيصل من أن العالم لا يحتاج إلى حرب عالمية من أجل إقامة نظام عالمي جديد لإثبات أن الأنظمة العالمية على مر التاريخ هي نتاج للحروب الكبرى. فالإصلاح يتطلب من النظام الدولي الحالي تفكيرًا جديدًا يشارك فيه جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بما في ذلك الأعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الأمن. وقال” :إن العالم يدرك عدم عدالة هذا النظام ويرى أنه هيكل عفى عليه الزمن ولا يستطيع أن يعالج قضايا اليوم. كما أنه لا يمكن أن يحافظ على السلم والأمن في العالم ويواجه التحديات والتهديدات الملحة التي تواجه البشرية، والعودة إلى نمط سياسة القوة في إدارة الشؤون العالمية ليست حلاً. ويتعين على قادة العالم أن ينظروا إلى الصورة الكبرى للعالم ومستقبله. وإذا لم يتمكن العالم بعد من الاتفاق على تعريف محدد للإرهاب، فكيف سنعالجه بفعالية”.
وختم الفيصل قوله بأن على أوروبا، وهي ضحية التغيرات التاريخية في الأنظمة العالمية السابقة، أن تتحمل مسؤولية إقناع بلدان العالم بهذه الحاجة قبل فوات الأوان. وستقدم المملكة العربية السعودية، الدعم اللازم لهذا الدور، من أجل إعادة هيكلة النظام العالمي الراكد.