العلاقات السعودية الروسية بالأرقام .. أرضية قويّة لتعزيز التعاون المشترك واستثمار الفرص

الجمعة ٢٩ سبتمبر ٢٠١٧ الساعة ١:٥٦ صباحاً
العلاقات السعودية الروسية بالأرقام .. أرضية قويّة لتعزيز التعاون المشترك واستثمار الفرص

يعتبر الاقتصاد الثنائي بين الدول، محدّدًا ومحرّكًا أساسيًا في العلاقات بين الدول الكبرى، وهذا هو الحال في العلاقات بين السعودية وروسيا، إذ تجتمع الدولتان على أرضية واسعة مشتركة في مجالات عدّة، استثماريًا وتجاريًا، تهيئ لتعزيز التعاون في الميادين كافة.

 

العلاقات السعودية الروسية الحديثة:

شهدت العلاقات الروسية السعودية نموًا وتطورًا ودخلت مرحلة نوعية جديدة، في أيلول/سبتمبر من العام 2003، بعد الزيارة التي قام بها ولي العهد آنذاك الأمير سلمان بن عبدالعزيز، إلى موسكو، حيث أعطت هذه الزيارة زخمًا ودفعة قوية للعلاقات السياسية بين البلدين، وساعدت في بناء الجسور الاقتصادية، إذ تمَّ خلالها التوقيع على خمس اتفاقات بين حكومة روسيا الاتحادية والمملكة العربية السعودية، واتفق الطرفان على الاستمرار في التطبيق الكامل للاتفاقية العامة المبرمة في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 1994 بين الحكومتين، بهدف تمتين العلاقات والنهوض بها.

وجاءت زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الرياض، في شباط/فبراير 2007، وما أعقبها من زيارات للعديد من المسؤولين الروس إلى المملكة، لتشكّل علامة بارزة في تاريخ العلاقات بين البلدين في الألفية الجديدة، وإضافة قوية لتمتين هذه العلاقات والارتقاء بها، حيث تم التوقيع على العديد من الاتفاقات بين البلدين في شتى المجالات، شكّلت أرضيّة قويّة لتعزيز التعاون في الميادين التجارية والاقتصادية والاستثمارية بين الجانبين.

 

العلاقات الثنائية بالأرقام:

وفي السنوات الأخيرة، أخذ التوجه نحو تكثيف التعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين يتشكل تدريجيًا، حيث ارتفع حجم الصادرات والواردات بين البلدين من 235 مليون دولار أميركي في عام 2005 إلى حوالي 450 مليون دولار في عام 2008، بينما بلغ حجم تجارة إعادة التصدير حسب مصادر الجانب السعودي نحو بليون دولار، علمًا بأن حصة الصادرات الروسية للمملكة تستحوذ على 99% من مجمل حجم التجارة المتبادلة بين البلدين.

وتتركز واردات المملكة من روسيا الاتحادية بالدرجة الأولى، على قضبان حديد والتسليح والشعير، وقضبان النحاس المصقول والأنابيب ومعدات الحفر، إضافة إلى المنتجات المعدنية شبه الجاهزة. وقد بلغت واردات المملكة في عام 2007 حوالي 32% من إجمالي حجم الصادرات الروسية من أنابيب الحديد الصبّ، بينما بلغت وارداتها من الشعير نحو 40% من إجمالي صادرات روسيا من الشعير خلال الفترة من 2006 إلى 2010.

وتصدّر المملكة إلى روسيا المنتجات البتروكيماوية (الأصباغ) والتمور ومعدات صيانة السفن والأدوات الصحية. وخلال عشرة أعوام، انتقل ترتيب روسيا في قائمة شركاء المملكة التجاريين من المرتبة الستين إلى الرابعة والعشرين من ناحية الصادرات، ومن المرتبة التاسعة والتسعين إلى المرتبة الثانية والثمانين من حيث الواردات.

ورغم النمو السنوي المطرد في التبادل التجاري بين البلدين، إلا أنَّ هذا المستوى الذي يتجاوز بليون دولار رغم ضخامة إمكانات وطاقات البلدين ورحابة الفرص الاستثمارية المتاحة، إذ إنَّ اقتصاد المملكة هو أكبر اقتصاد في العالم العربي، ويتمتع الاقتصاد الروسي الذي يبلغ حجمه 2.5% من إجمالي الناتج المحلي العالمي بإمكانات هائلة غير مستغلة بالكامل.

 

التنمية العالمية والشراكة بين الرياض وموسكو:

وتلتقي روسيا مع المملكة العربية السعودية، من حيث إن لكليهما وزنًا عالميًا كبيرًا يؤثر به على طبيعة ووتيرة التنمية في العالم. إذ يمتلك كلا البلدين إمكانات ضخمة من منتجات الطاقة، أي حوالي 10% من الإنتاج العالمي من الهايدروكربون الخام.

ومن الطبيعي، أن يكون لهاتين القوتين العالميتين مثل هذه القاعدة القوية من الموارد وتتشاطران مواقف متقاربة من المشكلات والأزمات العالمية، وتعززان تعاونهما الاستثماري الثنائي فيما بينهما، لا سيما في مجال الطاقة الذي يحتل أهمية خاصة بالنسبة للبلدين. ولعل هذا الوقت هو الأنسب لإعادة النظر في الوضع، والخروج في نهاية المطاف بمبادرة جادة لإعادة توجيه جزء من مواردهما الاستثمارية نحو بعضهما البعض، لا سيّما أنَّ الشركات الروسية ليست نشيطة وفاعلة، كما يجب أن تكون، للاستفادة من الفرص الاستثمارية الضخمة في المملكة.

وهناك أيضًا، فرص كبيرة للاستثمار في روسيا، يجري استغلالها في الوقت الحاضر لتنفيذ عدد من مشاريع البنية الأساسية والمشاريع التنموية الكبرى في البلاد، كان منها مشروع سوتشي، الذي تتجاوز قيمتها الإجمالية الـ 10 بلايين دولار، والتي أسند نصفها إلى القطاع الخاص، وهناك مستثمرون سعوديون منخرطون في هذا النشاط، توقّعوا عوائد مرتفعة وسريعة نسبيًا من أصولهم الاستثمارية في هذه المشاريع.

وتنظّم روسيا، أنشطة ومباريات كأس العالم لكرة القدم لعام 2018، وسيكون من الضروري أن تنشئ استادات وملاعب رياضية جديدة، وتطوير الاستادات القائمة، وإنشاء الفنادق وخطوط المواصلات ووسائل الإعلام، للنهوض بأعباء هذا الحدث العالمي على أكمل وجه، وكل هذا فتح المجال واسعًا لفرص استثمارية ضخمة وواعدة نتطلع للترحيب بالمستثمرين السعوديين للحصول على حصة منها.

 

صندوق الاستثمارات السعودي يدخل النشاط في روسيا:

وقد أعلنت إدارة صندوق الاستثمارات السعودي وإدارة نوفار كابيتال عن خطط لاستثمار حوالي 750 مليون دولار في مشروع أورال الصناعي القطبي الضخم بمنطقة الأورال الذي يتضمن إنشاء مجمع صناعي وبنية أساسية فريدة لتعزيز التنمية والتطوير والاستفادة من القاعدة الصناعية القائمة في الأورال، وهي منطقة غنية بالموارد الطبيعية.

ولا شك أن جميع القطاعات الاقتصادية في روسيا تنطوي على فرص استثمارية لا حد لها مثل مشاريع التنمية والتطوير في منطقة الشرق الأقصى، وشق الطرق، والاستثمار العقاري، وبناء السفن وصناعة الطائرات، وإنشاء مدينة أبحاث في سكولكوفو التي ستتضمن إنشاء مراكز تعليمية وعلمية ومراكز أبحاث ومختبرات، حيث سيتم جذب الاستثمارات من جميع أنحاء العالم لا سيما في تطوير منتجات الملكية الفكرية والمنتجات المبتكرة.

 

نقطة تحوّل روسية نحو السعودية:

على صعيد العلاقات الروسية السعودية، فقد كان عام 2009/2010 عامًا مهمًا، وشكل نقطة تحول، إذ إنَّ انخفاض الطلب المحلي وتناقص التمويل داخل روسيا، دفع الشركات الروسية للتفكير في إيجاد أسواق خارجية جديدة، وتحول اهتمامهم إلى المملكة العربية السعودية، التي لم تتأثر كثيرًا كما تأثر غيرها بالأزمة المالية.

وأظهرت الشركات الروسية المتوسطة الحجم نشاطًا كبيرًا، ورغبة أكيدة في الدخول إلى المملكة. وخلال الفترة 2009 – 2010، أقيم أكثر من خمسة عشر مشروعًا روسيًا سعوديًا مشتركًا، وسجلت شركات روسية عدة شركاتها التابعة في المملكة، حيث تركز نشاط هذه الشركات المتشوقة للمشاركة في مشاريع البنية الأساسية في المملكة في مجال الإنشاءات والخدمات. كما أقيمت مشاريع روسية سعودية مشتركة في دول ثالثة جمعت بين التقنية والخبرات الروسية ورأس المال السعودي.