فهد الأحمدي يكتب عن الرجل الذي سرق القمر

الثلاثاء ٢٢ أغسطس ٢٠١٧ الساعة ١٠:٤٧ صباحاً
فهد الأحمدي يكتب عن الرجل الذي سرق القمر

تطرَّق الكاتب والإعلامي فهد عامر الأحمدي إلى أهمية وقيمة الصخور التي أحضرتها مركبة أبولو من على سطح القمر في الستينات والسبعينات، والتي تفوق أثمن وأغلى المعادن على كوكب الأرض.

وأوضح الأحمدي في مقال له بصحيفة الرياض بعنوان “الرجل الذي سرق القمر”، أن الجرام الواحد من هذه الصخور النادرة يقارب ثمنه الثلاثين مليون دولار، إلا أنها تعرضت للسرقة أو البيع في مزادات حول العالم.. وإلى نص المقال:

هناك علاقة واضحة بين ندرة الشيء وغلاء ثمنه.. فكلما ندر وجود الشيء غلا ثمنه، وكلما شاع وكـثر يصبح بسعر التراب..

منذ عرف الإنسان الذهب وهو غالي الثمن بسبب ندرة وجوده وصعوبة استخراجه بشكل نقي.. لو أكتشف الخيميائيون طريقةً لتحويل الرصاص والنحاس إلى ذهب لما أصبحوا أغنياء لأنه سيصبح بسعر النحاس والرصاص.. الألمنيوم كان حتى مطلع القرن التاسع عشر معدناً ثميناً (لدرجة وضع في تاج نابليون) ولكننا اليوم نصنع منه نوافذ الحمامات لوفرته وسهولة استخراجه..

وقاعدة الندرة تنطبق أيضاً على الألماس والبلاتين والروديوم والبلوتونيوم وبعض الأحجار الكريمة (بل وحتى المخدرات النقية كالهيروين والكوكايين والميثامفيتامين) التي يفوق سعرها جرام الذهـب..

ورغـم أن مادة الكاليفورنيوم تعد رسمياً المادة الأغلى على وجه الأرض (حيث يبلغ سعر الجرام الواحد 27 مليون دولار مقارنة بأسعار الذهب التي لا تتجاوز خمسين دولارا للجرام) أعتقد شخصياً أن “صخور القمر” التي أحضرتها مركبات أبولو في الستينات والسبعينات تفوقها ثمناً.. فسعر الجرام من صخور القمر يتجاوز اليوم الخمسة ملايين دولار ــ وهذا إذا وجدتها أصلاً.. فهي ليست فقط نـادرة بـل ومحدودة لا يمكن توفير المزيد منها بسبب توقف مشروعات غزو القمر (التي كلفت هي ذاتها مليارات الدولارات).. ما يزال معظمها في خزائن وكالة ناسا لأغراض البحث العلمي، في حين أهدى الرئيس نيكسون أجزاء منها لرؤساء العالم (من بينهم الملك فيصل).

ورغـم أن صخور القمر لم تُعرض رسمياً للبيع، إلا أن قسماً كبيراً منها إما فُــقـد أو أهدي أو تسرب في ظروف غامضة.. وهناك دراسة عالمية لوكالة ناسا تثبت أن العينات التي منحت لحكومات هندوراس ورومانيا ونيجيريا ومالطا وقبرص والبرازيل وإسبانيا اختفت أو بيعت لاحقاً (ومثال ذلك الحجارة التي أهديت للجنرال الإسباني فرانكو واختفت فور تنازله عن الحكم للملك خوان كارلوس)..

غير أن هذه الحجارة تعود للظهور بين الحين والآخر في مزادات عالمية يعقد بعضها على الإنترنت ووصل سعر الغرام منها إلى خمسة ملايين دولار(في عام 1992).. وليس أدل على مصداقية هذا السعر من وكالة ناسا نفسها التي اشترت في عام 1993 عينات قمرية لا يتجاوز وزنها 0، 2 غرام (من وكالة الفضاء الروسية) بمبلغ 442،500 دولار..

أما أشهر حادثة تسربت من خلالها صخور القمر فحدثت من مركز جونسون الفضائي في يونيو 2002.. فقد قرر عالم متدرب يدعى ثاد روبرتز سرقة بضع غرامات دون أن يشعر به أحـد مستغلاً معرفته بالإجراءات الأمنية.. غير أن صديقه (المتخصص في سرقة الخزائن) عجز عن فتح الخزنة التي تتضمن العينات فقررا أخذهـا كاملة.. وحين تمكنا أخيراً من فتحها وجداً فيها عينات قمرية (وأجزاء من نيازك مريخية) يفوق سعرها المليار دولار..

الشرطة عجزت من جهتها عن فك خيوط اللغز حتى اتصل بها رجل ثري من بلجيكا يدعى إكسيل أميرمان (من هواة جمع الصخور القمرية) ليبلغها بأن أحد علماء ناسا عرض عليه بيع عينات مفقودة منها.. ورغم استعادة ناسا لاحقاً لمعظم الصخور المسروقة ظل 23 جراماً منها مفقودة إلى اليوم.. ورغم الحكم عليه بالسجن أنكر روبرتز بـيـع أي جزء منها الأمر الذي جعل البعض يفترض احتمال فـقـدها قبل قيامه بسرقـتها أصلا!!

وبالمناسبة 23 غراماً لا تزيد عـن نواة التمرة ولكنها تساوي 115 مليون دولار.