التوتّر المتصاعد بين كوريا الشمالية وأميركا .. سيناريوهات عسكرية محتملة لمواجهة تهديد الدكتاتور

الثلاثاء ١٥ أغسطس ٢٠١٧ الساعة ٢:٥٥ صباحاً
التوتّر المتصاعد بين كوريا الشمالية وأميركا .. سيناريوهات عسكرية محتملة لمواجهة تهديد الدكتاتور

على وضعية لا فائز ولا خاسر، يستعد المسؤولون العسكريون الأميركيون، المكلفون بالتحضير للسيناريو الأسوأ، وهو القيام بضربة استباقية ضد كوريا الشمالية، فعند التعاطي العملي مع عنصر ضيق الوقت المطلوب فيه إخلاء الملايين من المواطنين الأبرياء، الذين قد يصبحون عرضة لتبادل إطلاق النار، إذا ما شرعت الولايات المتحدة وحلفاؤها الإقليميون في المبادرة بشن الضربة الأولى، فمن المؤكد أن تلك الضربة ستسفر عن خسائر كبيرة في الأرواح من الجانبين.

 

كيم يأمر جيشه بالاستعداد لاستهداف غوام:

وأعلنت وكالة الأنباء المركزية الكورية، أنَّ زعيم كوريا الشمالية، كيم جونغ أون، تسلم تقريرًا من جيش بلاده، بشأن خططه لإطلاق صواريخ صوب المنطقة القريبة من غوام، مبيّنة أنّه “قال إنه سيراقب أفعال الولايات المتحدة لفترة أطول قبل أن يتخذ قرارً”.

وأكّد كيم أون أنّه “ينبغي على الولايات المتحدة، التي كانت أول من جلب العديد من العتاد النووي الاستراتيجي بالقرب منا، أولاً أن تتخذ القرار الصائب، وتظهر من خلال الأفعال إن كانت ترغب في تهدئة التوتر في شبه الجزيرة الكورية ومنع وقوع اشتباك عسكري خطير”، فيما أمر الجيش بأن يكون مستعدًا دومًا لإطلاق النار إذا ما اتخذ قرارًا بالتحرك.

 

خبراء يشدّدون على ضرورة اتّساع النطاق:

وأكّد المحللون السياسيّون الأميركيّون أنَّه “إذا حدث وشنت الولايات المتحدة الضربة الأولى، لا يجب بأي حال أن تكون محدودة النطاق، ففي نهاية المطاف، الهدف منها العودة ببرامج الصواريخ النووية والصاروخية في كوريا الشمالية مرة أخرى إلى الوراء سنة أو سنتين”.

وألمح الخبراء، في تصريحات إعلامية، إلى أنَّ “أي عمل عسكري محدود لن يسفر عن فوائد استراتيجية طويلة الأجل”، إلا أنّهم نصحوا به شرط أن يكون على نطاق واسع ومتواصل ولفترة غير قصيرة، إذ أوضح جيري هندريكس، قائد البحرية المتقاعد، والعضو البارز في مركز الأمن الأميركي الجديد أنَّ “العملية العسكرية قد تتكون من هجوم سريع، متعدد الأبعاد، لأن نتائج القتال قد تنجلي منذ الدقائق الأولى”، مرجّحًا أنَّ “العملية ستشتمل على الأرجح على استراتيجيات عدة، تهدف بالأساس إلى تحييد القدرات الدفاعية لكوريا الشمالية، ووأد ضرباتها المضادة”.

وأشار إلى أنَّه “لمواجهة قدرات دفاع كوريا الشمالية الصاروخية الهائلة نسبيًا، فإنه سيكون هناك دور بالغ الأهمية لطائرات الشبح الأميركية من طراز F-22 وF-35، وكذلك المقاتلات قاذفة القنابل من طراز B-2، التي يرجح أن تقود حملة جوية مشتركة بمساندة من المقاتلات اليابانية والكورية الجنوبية من طراز F-15 وF-16”.

 

سيناريوهات مفتوحة:

وتوقّع الخبراء والمحللون، في إطار السيناريوهات المتداولة، أن تقوم الولايات المتحدة بإرسال طائرات إضافية إلى المنطقة في حالة الإعداد للقيام بضربة وشيكة، إضافة إلى أنها بالفعل تحتفظ بقاعدتين جويتين رئيسيتين في كوريا الجنوبية، إحداهما في أوسان تضم مقاتلات اف-16 والمقاتلة إيه-10 المعروفة باسم “قاتلة الدبابات”، والقاعدة الأخرى في كونسان، وبها هي أيضاً أسراب طائرات اف 16.

وأوضحوا أنَّ “من بين التحركات المتوقعة أيضاً، أن يتم استنفار القوة الجوية الثقيلة من جزيرة غوام في المحيط الهادي، التي تنطلق منها المقاتلات الأميركية القاذفة من طراز B-1 وB-2 وB-52″، لافتين إلى أنَّ “الطائرات الحربية الأميركية وطائرات الحلفاء سوف تعطي أولوية للأهداف الواجب قصفها من الجو. وسيصاحب ذلك إطلاق البحرية الأميركية وابلاً من صواريخ توماهوك، التي ستتركز أهدافها على قصف مواقع الصواريخ الكورية الشمالية وأنظمة الدفاع الجوي وممرات الرد القادرة على إطلاق سلاح نووي انتقامي”.

وبيّنوا أنَّ “البحرية الأميركية تمتلك 10 طرادات، تحمل صواريخ موجهة عابرة للقارات متمركزة في اليابان، فضلاً عن أنَّ السفن مسلحة بصواريخ توماهوك لأغراض هجومية، فإن بها كذلك نظام الدفاع الصاروخي من طراز إيغيس الذي يمكن استخدامه لاعتراض أي عمليات إطلاق لصواريخ من جانب قوات كوريا الشمالية”.

 

هجمات سيبرانية أميركية تستبق المعركة:

واستبقت واشنطن المعركة المرتقبة، باستخدام الهجمات السيبرانية، بغية تعطيل برامج أسلحة بيونغ يانغ، وهو الأمر الذي يشير الخبراء إلى أنه “سيؤخر عمل تلك البرامج، ولكن لا يعطلها بشكل تام”، فيما حذّر هندريكس من أنَّ “الجهود العاجلة الرامية إلى إلحاق خسائر مدمرة بالأهداف ذات الأولوية مثل أنظمة الدفاع الجوي ومواقع إطلاق الصواريخ الرادعة ومرافق الخدمة، إلى جانب الافتراضات بأن الهجوم الذي تقوده الولايات المتحدة سيواجه بمقاومة شديدة، من المرجح أن يكون له أثر على المخزون الأميركي من القنابل والصواريخ”.

 

تعزيزات إضافية أرضية:

من جانبه، نصح كارل شوستر، المدير السابق للعمليات في مركز الاستخبارات المشترك لقيادة المحيط الهادي الأميركي، بأنه يتعين على الولايات المتحدة التأكد من أنَّ لديها قنابل وصواريخ وطائرات حربية إلكترونية كافية لتدمير أو تعطيل الدفاعات الجوية لكوريا الشمالية، قبل نشر قاذفاتها الثقيلة، من طراز B-1 المتمركزة في غوام، وقيامها بطلعات لضرب مواقع الأسلحة النووية المحصنة في كوريا الشمالية.

وبيّن شوستر أنّه “فى غضون دقائق من بدء الهجوم، ستضطر الطائرات الأميركية والمدفعية أيضاً إلى التنسيق مع القوات المتحالفة لتدمير الآلاف من أنابيب الصواريخ الكورية الشمالية التي توجه مباشرة إلى العاصمة الكورية الجنوبية سول، وسيكون كل ذلك مجرد البداية فحسب”.

بدوره، أكّد الجنرال المتقاعد من الجيش الأميركي مارك هيرتلينغ، أنَّ “الولايات المتحدة تحتاج أيضاً إلى إرسال قوات إضافية في المنطقة على متن حاملات طائرات وسفن حربية، بغية تعزيز الرماة”، مبيّنًا أنَّ “هذه السفن ستشمل سفنا تابعة للبحرية الأميركية وغواصات مسلحة بصواريخ كروز، فضلاً عن قاذفات مقاتلة تابعة للقوات الجوية يمكن أن تعمل انطلاقاً من قواعد عسكرية في اليابان أو غوام”.