“الطابور الخامس” يتحرّك .. قطبا الانقلاب في اليمن يتصارعان إعلاميًا

الثلاثاء ٢ مايو ٢٠١٧ الساعة ٣:٤٦ مساءً
“الطابور الخامس” يتحرّك .. قطبا الانقلاب في اليمن يتصارعان إعلاميًا

صور متعدّدة، عكست تصاعد وتيرة الصراع بين قطبي الانقلاب في صنعاء يومًا بعد يوم، منها الحرب الإعلامية، وتبادل الاتهام بالتآمر والخيانة والتخطيط لأحدهما للوقت المناسب للانقضاض على الآخر، بعد نجاح التحالف العربي والجيش اليمني الوطني، في استعادة المحافظات اليمنية، الأمر الذي أفقدهم كل ما نسجوه من حلم الاستمرار في السلطة رغمًا عن الشعب.

الحوثي يكتم أي صوت يدعم صالح:

وجسّد هجوم ميليشيا الحوثي على إحدى الإذاعات، التي تتبع المخلوع صالح في صنعاء، الخميس الماضي، الخطة التي يقوم بتنفيذها زعيم المتمردين الحوثيين عبدالملك الحوثي، التي أوعز خلالها إلى مشرفي ما يسمى باللجان الشعبية، الذين هم ممن ينتمون إلى أسرة الحوثي، في مصادرة وكتم أي صوت يعود للمخلوع صالح، بهدف إقصائه بشكل كامل عن المشهد اليمني.

وأوضحت مصادر إعلامية، أنَّ مسلحي الحوثي قاموا بتغيير الخطة البرامجية للإذاعة، ‏واستبدالها بشعارات خاصة بالميليشيات، مؤكّدة أنَّ “الحادثة تأتي في إطار تصاعد الخلاف بين حليفي ‏الانقلاب، وبوادر انقلاب للجماعة ضد صالح”.‏

وتوقّف بث إذاعة “يمن أف إم”، منذ الخميس الماضي، غير أنَّ الإذاعة بررته بوجود خلل فنيّ في أجهزتها، وعطل في محطة الإرسال، ووعدت بعودته الجمعة إلا أن هذا لم يحدث.

الحوثي يغسل العقول إذاعيًا:

ومنذ الانقلاب على الشرعية، ودخول ميليشيا الحوثي صنعاء، كثفت تلك الميليشيات من حضورها الإعلامي، عبر الموجات الإذاعية، نظراً لقدرتها على الانتشار والتوسع في نطاق جغرافي كبير وبتكلفة أقل، ساعدها في ذلك طبيعة الريف اليمنية، حيث تنتشر الإذاعة بشكل كبير، ويعدها اليمنيون أهم وسائل الإعلام.

وتجاوز عدد المحطات الإذاعية، التي تبث برامجها في صنعاء، 27 محطة، بينها 13 تجارية وواحدة حكومية، وهي “إذاعة صنعاء”، والبقية تمتلكها شخصيات موالية لجماعة الحوثي، وتبث برامج مساندة للجماعة، وباتت تمتلك جمهوراً كبيراً من المتابعين.

ويغطي بث تلك الإذاعات ضواحي صنعاء، ويصل بث بعضها إلى المحافظات القريبة منها، مثل ذمار وعمران والمحويت وحجة.

حزب الله والحرس الثوري يلبّدون سماء اليمن بخطاب الحوثي:

وساعد الحوثي في هذا الانتشار الإعلامي استعانته بالخبراء من ما يسمى بـ “حزب الله” الإرهابي في لبنان، والحرس الثوري في إيران، وعدد من الإعلاميين الذين أغراهم بالانضمام إليه عقب انقلابه على الشرعية.

وأصبحت سماء المحافظات التي تسيطر عليها الميليشيات، ملبدة بالخطاب الحوثي، بعد أن أنشأت فيها محطات إذاعية، تروّج من خلالها لأجندتها وخطابها التحريضي.

كما لجأ الحوثي إلى الاعتماد على القيادات الإعلامية والصحافية والإذاعية المنتمية إلى أسرته، لتعزيز تغلغلها في المجتمع اليمني.

تهريب معدّات إذاعية على أنّها طبّية!

وأكّدت مصادر مطلعة في الداخل اليمني أنَّ “الميليشيات الحوثية بمساعدة من قوات المخلوع صالح صادرت بداية دخولها صنعاء في 21 أيلول/سبتمبر 2014م، سبع إذاعات محلية في صنعاء وبعض المدن اليمنية الأخرى”، مشيرة إلى أنَّ “جماعة الحوثي وزّعت تلك الإذاعات على قياداتها، ليتم تركيبها من جديد في صنعاء، أو مدن أخرى، بمسميات جديدة، وقامت خلال أشهر عدة بعد دخولها صنعاء بشراء أجهزة إذاعية متكاملة، وتم إدخالها كشحنات تأتي بشكل منفصل عبر وسطاء متنوعين، في اليمن وخارجها، ويتم إدخال تلك الشحنات على أنها أجهزة طبية”.

وكشفت المصادر أنَّ “ميلشيا الحوثي الانقلابية قامت كذلك بمساعدة مهندسين متخصصين في تصنيع وتعديل بعض القطع، بغية تقوية البث، وتحسين جودة الصوت، أو صناعة أجهزة البث الخاصة بها، من خلال قطع متوفرة في الأسواق اليمنية في بعض المدن والقرى بالمحافظات التي تقع تحت سيطرتهم، لإذاعة وبث الأناشيد والزوامل الحوثية والخطب السياسية طوال الوقت”.

تمويل إيراني بوساطة لبنانية:

ولفتت المصادر إلى أنَّ “الإذاعات التي تبث في صنعاء وصعدة تموّل من إيران، ويتم إرسال المبالغ إلى اليمن من لبنان، بواسطة مسؤولي الملف اليمني في حزب الله اللبناني، ضمن قوائم طويلة من التمويل للإذاعات والصحف والصحافيين.

تحوّل الولاء من صالح إلى الحوثي:

وكان الإعلام قد شكل بوسائله المتعددة، ذراعاً طولياً اتكأ عليها المخلوع صالح، غير أنه حالياً وجد كل المؤسسات التي بناها على أسس الولاء له ولنظامه أصبح ولاؤها للميليشيات، وتوالي السلطة الأقوى في المساحة الخاضعة لسيطرة الانقلابين.

وأوضحت المصادر الإعلامية، في الداخل اليمني أنَّ الآلة الإعلامية الضخمة التي شيدها المخلوع لخدمة نظامه تحولت اليوم إلى سلاح تم تصويبه إلى صدر المخلوع، وحزبه، وبقايا نظامه ومساعديه، حيث سيطرت الميليشيات الحوثية الانقلابية على مؤسسات الإعلام الحكومية كافة، وحوّلتها للعمل لصالحها، بعد أن أطاحت بأتباع المخلوع من قيادة تلك المؤسسات، وعينت مدراء من الميليشيا ينتمون أسريًا للحوثي على رأس تلك المؤسسات لإنتاج خطاب إعلامي يخدم ميليشيا الانقلاب ومشروعها”، مشيرًا إلى أنّه “أصبح المخلوع محاصراً إعلامياً، إذ لا يسمح بظهوره على أي وسيلة إعلامية من الوسائل التي سيطرت عليها ميليشيات الانقلاب”.

قطع تمويل صالح واستدعاء إعلامييه:

وأكّدت، أنه لم يعد للمخلوع سوى قناة “اليمن اليوم”، وصحيفة “اليمن اليوم”، التي بدأت ميليشيات الحوثي الانقلابية أخيراً حملة لإيقافهما، من خلال إظهار وثائق تكشف تمويل القناة والصحيفة من إيرادات شركة النفط اليمنية، الأمر الذي يشير إلى تحرك الميليشيات لقطع تمويلها وإيقافها.

وبيّنت أنَّ ميليشيا الحوثي بدأت حرباً مفتوحة لطرد أتباع المخلوع صالح وحزبه من داخل الصحف، إذ استدعت النيابة أخيرًا 14 صحافياً من مؤسسة “الثورة” من أتباع المخلوع وحزبه، للتحقيق معهم في قضايا فساد، لمطالبتهم بمرتباتهم، مفيدة بأنَّ “توجيه التهم يأتي بهدف التخلص منهم وطردهم”.

يذكر أنّه أطلق زعيم التمرد عبدالملك الحوثي أخيرًا وصف “الطابور الخامس”، على المنتمين لحزب المؤتمر الشعبي العام، وأوعز لقياداته باستهداف وتصفية أتباع المخلوع من النشطاء والإعلاميين، سواء كانوا ضمن مؤسسات إعلامية أو مستقلين، بغية إسكات الأصوات كافة التي تنتقد الميلشيا بتهمة عمل طابور خامس.