“الاستصيون” محطة قطار الحجاز وآثار الدولة العثمانية

السبت ٦ مايو ٢٠١٧ الساعة ١١:٣٢ مساءً
“الاستصيون” محطة قطار الحجاز وآثار الدولة العثمانية
 بدءًا من التبرعات بالأموال الشخصية لأصحاب المال ومشاركة الحجاج بتبرع كل حاج بريال واحد عن نفسه مرورًا بحملات التبرعات الإسلامية من الدول المجاورة وصولًا إلى استقطاع عشرة بالمائة من رواتب موظفي الدولة العثمانية.. هكذا تم جمع تكلفة إنشاء “قطار الحجاز” أكبر إنجازات الدولة العثمانية في المملكة العربية السعودية حتى يومنا الحالي، والذي يبدأ مسيره من دمشق قاطعًا عدة محطات أهمها الديرة – عمان – جزا – عطرانة ـ القطرانة ـ معان – غدير الحج – بطن الغول – مدوارة ـ المدورة ـ تبوك – الأخضر- المعظم – الدار الحمرا – مدائن صالح ـ الحجرـ العلا – متوقفًا  في المدينة المنورة في رحلة لا تتجاوز 5 أيام بعد أن كانت 40 يومًا.
كانت فكرة القطار موجودة مسبقًا لدى السلطان عبدالحميد، ولكن لم تتيسر الظروف لها؛ لضخامة التكلفة وكثرة العوائق، ولكن بعد تسلم السلطان عبدالحميد الخلافة تحمس لإنجازه لخدمة حجاج بيت الله الحرام والتقليل من مشقة السفر، وحرصًا على أمن زوار بيت الله وتقوية العلاقات بين البلدان الإسلامية والنهوض بالمصالح المشتركة فقام بتوجيه النداء للعالم الإسلامي بالتبرع لهذا المشروع، والذي سراعًا ما لقي استجابة من مسلمي العالم وانهالت لأجله التبرعات؛ فكان أكبر إنجاز برأس مال إسلامي والذي بدأ العمل فيه في شهر سبتمبر من عام ١٣١٨هـ الموافق ١٩٠٠م، مستغرقًا 7 سنوات من العمل حتى تم إنجاز سكة حديد الحجاز بتكلفة تبلغ ثلاثة ملايين جنيه إنجليزي، وبطول يبلغ ١٣٢٠ كم من دمشق إلى المدينة محاذية للطريق القديم الذي كانت تسلكه قوافل الحجاج.
بعد أول رحلات القطار إلى المدينة المنورة في ٢٢ رجب ١٣٢٦هـ الموافق ٢٣ أغسطس ١٩٠٨م  أقيم الاحتفال الرسمي لافتتاح الخط الحديدي، وتم إنارة الحرم النبوي الشريف لأول مرة يوم افتتاح سكة الحديد، استمرت السكة تعمل بين دمشق والمدينة قرابة التسع سنوات، استفاد من النقل بها التجار وحجاج بيت الله الحرام، ولكن بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى بشهرين ظهرت أهمية الخط وخطورته العسكرية على بريطانيا؛ لذلك لجأ الشريف حسن إلى تخريب الخط ونسف جسوره وانتزاع قضبانه في عدة أجزاء منه تنفيذًا لمشورة ضابط الاستخبارات البريطاني لورانس، معلنًا بذلك توقف القطار عن العمل نتيجة الصراعات، وذلك في أواخر عام ١٣٣٤هـ.
وقد تم حفظ ما تبقى من آثار محطة سكة حديد الحجاز وتحويلها في يومنا الحالي إلى متحف عام للمدينة جرى افتتاحه عام ١٤١٩هـ على يد صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز رحمه الله، ليبقى ذكرى وشاهدًا على تاريخ ما قبل الأجداد.

إقرأ المزيد