السعودية دولة عظمى .. هكذا كان الحضور والتحرك الدولي خلال عامين

الجمعة ١٩ مايو ٢٠١٧ الساعة ١٠:٥٨ مساءً
السعودية دولة عظمى .. هكذا كان الحضور والتحرك الدولي خلال عامين

على مدار عامين متتالين، كسرت المملكة العربية السعودية، القواعد المألوفة، راسمة لنفسها وللمنطقة، خطًا واضحًا على المستويات كافة، يؤكّد كونها قوّة عظمى، تعيد رسم الخارطة السياسية في العالم أجمع، لا سيّما عقب الإعلان عن “رؤية السعودية 2030″، التي دلّت على أن الرياض لم تطمح فقط إلى الخروج من دائرتها النفطية إلى رحاب الاستثمار المتنوع، وإنما هي في طريقها لترسيخ مكانتها الدوليّة، بين الدول الكبرى.

 

رؤية المملكة تعيد رسم الخارطة:

كشفت الجولة الآسيوية الكبرى، التي قام بها خادم الحرمين الشريفين، وما سبقها من زيارات تمهيدية، فضلاً عن التحركات الخارجية التي تقوم بها، وعمق علاقاتها مع دول الجوار، سواء كان سياسيًا في حل الأزمات، أو اقتصاديًا بزيادة حجم الاستثمارات، والتوقيع على العديد من الاتفاقات، أنَّ “رؤية السعودية 2030” لا تقتصر على المملكة وحسب، وإنما المنطقة والإقليم.

 

السعودية لاعب محترف:

اعتمدت السياسة السعودية أخيرًا على تحركات ذكية، إذ تجنبت الدخول في تكتلات يناوئ بعضها بعضًا، فكانت زيارات ولي ولي العهد، النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، الأمير محمد بن سلمان إلى روسيا، وفي المقابل زيارات إلى فرنسا وغيرها من الدول المناوئة لروسيا، وكذلك تحركاته في دول منطقة الشرق الأوسط، معتمدًا بذلك خيار ألا تحسب بلاده على طرف دون آخر، سوى توثيق علاقاتها مع الدول التي يقوم بزيارتها.

وتعاملت الرياض مع أحداث بعينها كدولة ذات مسؤولية، لا تجرّها العواطف نحو مواطن الزلل؛ ويشهد التاريخ للمملكة العربية السعودية، ما قدمته عام 1967، لمواجهة آثار العدوان في البلدان المتضررة ، فضلاً عن استخدامها سلاح النفط إبان حرب أكتوبر 1973، وممارستها ضغوطًا على واشنطن لتوقف دعمها للاحتلال الإسرائيلي، فكانت الكلمة للرياض هي النافذة.

 

الاستراتيجية العربية:

وباتت السعوديّة لاعبًا استراتيجيًا مهمًا، كان له وقفاته القوية لمصلحة الدول العربية، كما صارت أحد الموازين المهمة في الاستقرار والأمن الإقليمي والدولي.

وبرهنت اتفاقية الطائف 1989، أنَّ خطوات المملكة تهدف إلى استقرار المنطقة، والحد من المشاحنات في الداخل والخارج، إذ لعبت الرياض دورًا كبيرًا في إنهاء الحرب الأهلية في لبنان، عبر الاتفاقية التي صارت مرجعية وسقفًا سياسيًا للتيارات والأحزاب اللبنانية، ما يعزز من السلام الأهلي بين طوائف المجتمع المتناحر.

وإبان غزو العراق للكويت في 1990، الذي يعتبر الكارثة الكبرى على المنطقة العربية آنذاك، كان للسعودية دور حاسم، بعدما انقسم العرب بين مؤيّد وحاسم.

ووصولاً إلى دعم الشرعية في اليمن، عبر التحالف العربي الذي تقوده المملكة، والذي يواجه الانقلاب الحوثي بحزم، وفي الوقت نفسه يدعم إعادة إعمار اليمن، وتوفير الإغاثة الإنسانية.

كل تلك الخبرات المتراكمة وغيرها، مهّدت الطريق أمام السعودية لترسم بوضوح رؤيتها لعام 2030، وليكون طريقها نحو الصعود “دولة عظمى” معروفاً سلفاً.

 

المعرفة قاطرة الرؤية:

تتحرك السعودية قدمًا، لتزاحم القوى السياسيّة والدوليّة، ويكون لها دور مهم في الأمن الدولي، اعتمادًا على خبراتها في إدارة أزمات المنطقة سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا، ومواردها التي يجري العمل على تنويعها، وموقعها الجغرافي بين 3 قارات.

ورسمت المملكة خطوات واضحة المعالم وثابتة لتحول المجتمع السعودي إلى مجتمع معرفي ومساهم في تحوّل اقتصاد المملكة القوميّ إلى اقتصاد معرفي بحلول عام 2020، إذ عززت السعودية من مؤسساتها التعليمية، فدفعت الطالب السعودي ليشارك المجتمع الدولي على الصعيد المعرفي، فكانت له إسهاماته وابتكاراته المتعددة، التي عززت إمكان الوصول إلى حلول وأفكار صناعية وتجارية جديدة.

 

السعودية قوة اقتصادية:

العلاقات الاقتصادية بين المملكة ومختلف دول العالم، والخطط السعودية لصياغة علاقة قائمة على المصالح المتبادلة وحماية مصالح المملكة، دفعت المراقبين والخبراء إلى وصف الحراك السعودي بالتحوّل السريع للمملكة، في دفعها لترسم معالمها كدولة إقليمية، ودولة عظمى مع دول العالم، إذ كانت العلاقات البناءة التي حققها الأمير محمد بن سلمان بداية قوية لرسم هذا الدور المحوري الذي لا يمكن الاستغناء عنه بأي صورة كانت.

وتستحوذ السعودية على مكانة اقتصادية متقدمة، فهي واحدة من دول مجموعة العشرين، التي تملك كبرى اقتصادات العالم، فضلاً عن الجانب الاقتصادي للرؤية، سواء عن طريق شركة أرامكو وطرح أسهمها للتداول وإعادة هيكلتها، أو إنشاء أكبر صندوق ثروة سيادية في العالم، من المفترض أن يحوي أصولاً تصل قيمتها إلى تريليوني دولار، والاعتماد على الاستثمار مصدر دخل رئيسيًا للحكومة عوضًا عن النفط في غضون 15 عامًا.

 

التحالفات العسكرية:

نجحت السعودية في بناء تحالفات عديدة، في الآونة الأخيرة، على الصعيد العسكري، منها تشكيل وقيادة التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، ثم التحالف الإسلامي العسكري، الذي يضمُّ تحت لوائه 41 دولة إسلامية.

وأدارت المملكة بنجاح، مناورة رعد الشمال بمشاركة 20 جيشًا. كما استضافت قادة الدول المشاركة لحضور الحفل الختامي، لتكون رسالة إلى العالم بأنَّ السعودية اليوم ليست كالأمس، وأنّ قواعد اللعبة في المنطقة ولاعبيها، في طريقهما للتغيير، فضلاً عما أثبتته المناورة من أنَّ جاهزية الجيش السعودي مكّنته من أن يكون على الثغور وفي الوقت نفسه يشارك بقطعات كبرى في التمرين الأكبر في المنطقة.