قبيل زيارة الملك إلى نمر النمور الآسيوية.. صورة مشرقة وثّقها التاريخ

الأحد ١٢ مارس ٢٠١٧ الساعة ٢:١٩ صباحاً
قبيل زيارة الملك إلى نمر النمور الآسيوية.. صورة مشرقة وثّقها التاريخ

جمعت العلاقات التاريخية، المملكة العربية السعودية، وإمبراطوريّة اليابان، منذ أمد بعيد، متميّزة بالتعاون الاقتصادي، الذي ارتكزت عليه تلك الرابطة التاريخية، بواسطة النفط، لكنّه ليس الوجه الوحيد لهذه الصورة المشرقة منذ العام 1938م.

وتعزز زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ـ أيّده الله ـ إلى اليابان، ضمن جولته الآسيوية الكبرى، العلاقات التاريخية بين الرياض وطوكيو، لاسيّما أنّها تأتي مواكبةً لتطلعات قيادتَي البلدين في مختلف المجالات التنموية، مع التركيز على سبل دعم العلاقات الثنائية بين البلدين، وتوسيع آفاقها لتشمل الطاقة، والاستثمار، ونقل التقنية، والتعاون في الأبحاث، وقطاع المواصلات، والطاقة الشمسية، والتدريب، وحظر الانتشار النووي، ومكافحة الإرهاب، والمساعدات الإنسانية، وتدفق الاستثمارات اليابانية في القطاعات الصناعية، والخدمية.

ويعني الاستثمار مع اليابان، أن تفتح المملكة الأبواب على اليابان، التي أضحت نمر النمور الآسيوية، فعلى الرغم من افتقارها للمواد أولية لصناعة أو زراعة أو تجارة، إلا أنّها من الدول التي أجادت استغلال العنصر البشري، ومنحته الثقة والروح للانطلاق.

صندوق رؤية سوفت بنك:

وهو الصندوق الذي كشفت عنه المجموعة اليابانية، بالتعاون مع صندوق الاستثمارات العامة السعودي، باستثمارات تصل إلى 100 مليار دولار، بغية تعزيز الاستثمارات في القطاع التقني على مستوى العالم.

وتعني هذه الشراكة، الغنى والتنويع في روافد الاقتصاد السعودي في العقدين المقبلين، فالتلاقي الاستثماري مع اليابان يعدُّ نوعًا خاصًا يحمل الكثير من الدروس والعبر لدول المنطلقة في سماوات السيادة والريادة الاقتصادية.

ويتجاوز التعاون المالي والاستثماري مع اليابان المكاسب المالية والاقتصادية، على أهميتها والحاجة إليها، لخلق حالة اقتصادية جديدة في المملكة، تتصل بالانفتاح على تراث إنساني وتجربة قومية رائدة، يمكن استلهام روحها والاستفادة من مكنونات نجاحاتها بل وإبداعاتها بما يقود للتناسق والتناغم بين طرفي الأصالة والمعاصرة، والحفاظ على الهوية الوطنية.

شراكة استراتيجية بعيدة المدى:

وتعدُّ اليابان شريكًا هامًا واستراتيجيًا للمملكة العربية السعودية، أصبحت اليابان الشريك التجاري الثالث للمملكة، والشريك الاستثماري الثاني لها في مجال البتروكيماويات.

إذ تبلغ نسبة النفط الذي يتم استيراده من المملكة العربية السعودية ٢٧٪ إلى ٣٠٪ من إجمالي الواردات.

ولا يقتصر التعاون بين البلدين على الدعم التكنولوجي الذي تقدمه الحكومة اليابانية من خلال مساعدات التنمية الرسمية، بل هناك رابطة قوية من الجانب المالي والنقدي باعتبار أن كلا البلدين عضو في مجموعة العشرين (G20).

وتعمل القيادة السياسية في الدولتين على تعزيز برامج الشراكة الاقتصادية، إذ يضم هذا البرنامج خمسة مجالات هي: السيارات، وقطع الغيار، ومشاريع المياه، والبنية التحتية، والطاقة.

التعليم:

ودخل التعليم الياباني، إلى المملكة العربية السعودية، من بوابة “التدريب المهني”، عبر ثلاث منشآت، أحدهما في جدة، واثنتين في الرياض، وفي مجال تنمية الموارد البشرية، فذد دخل نظام التدريب الياباني “إدارة الجودة الشاملة TQM”، وبرنامج “مراقبة الجودة الشاملة TQC”، وبرنامج “الصيانة الإنتاجية الشاملة TPM”.

ويدرس في اليابان، قرابة الـ 500 طالب سعودي، عبر برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث، الذين يرجى منهم أن يكونوا طرفًا في الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.

عمق تاريخي:

ويجد المتأمل في العلاقات السعودية ـ اليابانية تميُّزًا وتعاونًا وثيقين، في مختلف المجالات التنموية، وتطورٍ دائمٍ يعكس مدى وعي قيادة البلدين، والتزامهما بما يحقّق مصالحهما وتطلعاتهما المشتركة.

إذ بدأت تلك العلاقة، في عام 1938 م.، كأول اتصال رسمي، إذ زار مبعوث الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ـ رحمه الله ـ حافظ وهبة، اليابان لحضور افتتاح مسجد طوكيو، وردت اليابان بزيارة مبعوثها لدى مصر ماسا يوكي يوكوياما إلى السعودية في العام 1939م، التي تعدُّ الزيارة الأولى لمسؤول ياباني، التقى خلالها بالملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن ـ طيّب الله ثراه.

أول وفد اقتصادي ياباني في المملكة:

وتطوّرت العلاقات السعودية ـ اليابانية، وتعمّقت بشكلٍ مستمرٍ، لاسيما مع توالي الأحداث السياسية في المنطقة العربية، وبعد الحرب العالمية الثانية، التي عجّلت بإرسال أول وفدٍ اقتصادي ياباني للسعودية عام 1953م، وإقامة العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين البلدين عام 1955م.

وتعزّزت العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين الصديقين بشكلٍ أكبر بعد منح السعودية عام 1957م، حق امتياز التنقيب عن البترول لشركةٍ يابانية هي شركة الزيت العربية، وتوقيع اتفاق الامتياز بين البلدين.

ولعل من أهم المراحل التي مرّت بها العلاقات السعودية قيام الملك فهد بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ ورئيس وزراء اليابان الأسبق “ريوتارو هاشيموتو”، بصياغة “الشراكة الشاملة نحو القرن الحادي والعشرين”، عام 1997م، وكذلك عندما زار الملك عبد الله بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ (ولي العهد آنذاك) اليابان عام 1998م.

تطابق سياسي في الرؤى:

وتعد العلاقة بين البلدين من أهم وأبرز العلاقات الدولية، إذ سادها الصدق، والالتزام في المجالات التي تم الاتفاق عليها، إذ يتوافق البلدان على رؤية مشتركة حيال القضايا الراهنة في المنطقة، انطلاقًا من القناعة المشتركة بأن تعاونهما يمثل أهمية كبيرة من أجل الاستقرار، والازدهار في المجتمع الدولي، لاسيما منطقة الشرق الأوسط.

وميّز التطابق في الرؤى حيال الكثير من القضايا العلاقة السعودية ـ اليابانية، لاسيّما تأييد طوكيو لعملية “عاصفة الحزم”، التي جاءت تلبية لنداء الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، بغية إعادة الشرعية التي سلبها الانقلابيّون في اليمن، وحماية الشعب اليمني من البطش الحوثي.

وظهر التأييد الياباني للموقف السعودي في القضية السورية، إذ التزم البلدان بتحقيق السلام، والعدل الدائم، والشامل في الشرق الأوسط، وفقاً لمبادرة السلام العربية، وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وإدانتهما للانتهاكات المستمرة لحقوق الانسان، ورغبتهما في تعزيز الحوار الأمني ليشمل الأوضاع الإقليمية، والأمن البحري، وأمن خطوط الملاحة البحرية، والقرصنة، وحظر الانتشار النووي، ومكافحة الإرهاب، وللمساعدات الإنسانية، وإغاثة الكوارث.

 

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
  • سليمان الهميلي

    الله يوفقك يلي تفكر بلاجيال القادمه

إقرأ المزيد