إغلاق جزئي لطريق الكورنيش الفرعي في جدة حتى 4 ديسمبر ضبط 6695 دراجة آلية مخالفة خلال أسبوع سيناريوهات قتالية في ختام مشاركة القوات المسلحة بـ السهم الثاقب خطة استباقية لسلامة قاصدي بيت الله الحرام تزامنًا مع موسم الأمطار خبراء يبحثون تطورات الطب المخبري بالرياض 22 ديسمبر حريق طائرة روسية يعلق عمليات الهبوط بمطار أنطاليا التركي تعليق الدراسة الحضورية في بيروت ومحيطها حتى نهاية العام الدراسة عن بعد غدًا في مدارس الليث المدني يحذر: لا تقتربوا من تجمعات السيول لوران بلان: أهنئ اللاعبين على الفوز وبنزيما جاهز للاتفاق
المواطن – الرياض
تناول الكاتب محمد السلمي في مقال له بصحيفة “الوطن” صورة العرب في العقلية الإيرانية منذ القدم.
وأوضح السلمي في مقاله بعنوان “الآخَر العربي في العقلية الإيرانية”، أنه من خلال النظر وقراءة الماضي القريب، وبالتحديد في القرنين التاسع عشر والعشرين فسنجد أن العرب يظهرون في الغالب كشخصيات سلبية، وإلى نص المقال:
بدأت الصورة السلبية للآخَر العربي في الفكر الإيراني المعاصر، أو ما يمكن أن نطلق عليه اسم “فوبيا العرب” (Arabophobia)، من قبَل عدد ضئيل من التنويريين الإيرانيين الذين تَشَربوا الفكر الغربي وزعموا أنهم اكتشفوا أسباب تخلف إيران ورجعيتها مقارنة بالدول الغربية. مثل هذه المفاهيم، خلال عصر الحداثة، قادت بعض الإيرانيين إلى رحلة فكرية تسعى لتحجيم الدين والتقاليد والعادات واعتبارها الأسباب الأساسية للوضع المؤسف في بلادهم. في الوقت ذاته فقد تَبَنوا فكرة الرومانسية الأوروبية وعصر النهضة الفكرية، لتلفيق قومية إيرانية جديدة تميل إلى إحياء الثقافة الإيرانية والعادات الجاهلية والخرافات القديمة.
هذا النوع من الآيديولوجيا أطلق شرارة الصراع الفكري بين «الأنا» و«الآخر»، وما يسمى بالأنا الإيرانية النقية مقابل الآخَر العربي والإسلامي. بالإضافة إلى ذلك أصبح تقييم ماضي إيران قبل الإسلام ممكناً فقط في الربع الثالث من القرن التاسع عشر، عندما «اطلع المثقفون الإيرانيون على النتاج الفكري والأدبي الغربي وبدؤوا يدركون أنهم، مثل الأوروبيين، كان لهم ماضٍ قديم ومجيد يمكنهم أن يستندوا إليه في توجهاتهم القومية والفكرية الجديدة».
تصور هؤلاء الكتاب لرجعية إيران، بالمقارنة مع التقدم الأوروبي، دفعهم نحو البحث عن ماضٍ إيراني مجيد يفصلهم عن تاريخ إيران الإسلامي، فوصلوا إلى سببين لحالة إيران: أولا وقبل كل شيء كان الإسلام، الذي وصفه بأنه «دين العرب»، قيد الإيرانيين عن تحرير أنفسهم من عبء الجهل والخرافات، وثانياً الأمية التي عانت منها إيران كثيراً، على حد زعمه. ومن أجل التغلب على هذه المشكلات، شجع بعض هؤلاء الكتاب الإيرانيين على أن يستبدلوا بالإسلام القومية الحديثة، وإصلاح الأبجدية الفارسية بحيث يصبح تعلمها أكثر سهولة ويسراً.
بمعنى أوسع، إذا حللنا المفهوم الإيراني لـ«الأنا» و«الآخَر» (Self and Other) في الماضي القريب، في القرنين التاسع عشر والعشرين، فسنجد أن العرب يظهرون فيه غالبا كشخصيات سلبية كلما صورتهم هذه النصوص، أي إن القوميين الإيرانيين في النصف الأول من القرن العشرين استخدموا الثقافة واللغة والتاريخ أدوات آيديولوجية لبناء هوية وطنية أحادية حديثة، اعتمدت بشكل واضح على الهوية القومية العلمانية بدلاً من الإسلامية. وكان لوضع الانتماءين العرقي (الآري) واللغوي (الهندو-أوروبي) في قلب هوية الدولة الأثر الكبير من خلال استبعاد المجموعات غير الناطقة بالفارسية وغير الآرية في البلاد من الهوية الوطنية لإيران.
من المهم جداً أن نذكر هنا أنه في هذا السياق، وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وهزيمة النازية، شهد الاهتمام بالتاريخ القومي انخفاضاً كبيراً. إن رفض أسطورة التفوق العرقي قاد الداروينيين والعنصريين والكتابات العدائية التي انتشرت في الفترة السابقة إلى استنتاجات واقعية ومنطقية، وهو تطور كان لا يمكن تصوره قبل نهاية الحرب العالمية الثانية. هذا التحول أثر على المؤرخ زرين كوب، ومن ثم غيّر أفكاره وقناعاته، وكانت النتيجة انخفاض الاهتمام بالكتابة التاريخية من منطلقات قومية في إيران.
علاوة على ذلك، فإن الحركة المعادية للعرب التي ظهرت في العصر الحديث على يد بعض القوميين والإصلاحيين الإيرانيين تشبه تلك الحركة الشعوبية التي ظهرت خلال الفترة بين القرنين التاسع والحادي عشر الميلاديين، في ما يمكن أن يطلق عليه «الشعوبية الحديثة»، وتجاهل معظم القوميين الإيرانيين الذين انخرطوا في الحركة المعادية للعرب نقاط الضعف والمشكلات التي كانت سببا في سقوط الإمبراطورية الساسانية خلال الفترة السابقة للفتح الإسلامي، متجاهلين التقدم الحضاري والإنجازات العلمية التي شهدها العصر الذهبي للحضارة الإسلامية، والتي لعب فيها عدد من العلماء المسلمين الإيرانيين دوراً مهماً.
مثل هذا الخلل في الهوية الإيرانية قد يستمر لعقود مقبلة، لأن المنتج الثقافي والإعلامي في إيران عزز هذه الأزمة في الشخصية الإيرانية من خلال الأفلام والمسلسلات وأدب القصة القصيرة والرواية والشعر ونحو ذلك، ودونَ مشروع جاد لحل هذه «الأزمة» فقد يقود الأمر إلى مزيد من الصعوبات لدى هؤلاء الشباب في فهم هويتهم.
أخيراً، ينبغي تأكيد أنه لم يستخدم جميع الكتاب الإيرانيين الخطاب المعادي للعرب والإسلام في أعمالهم، بل على العكس من ذلك، كان بعض الكتاب والمثقفين الإيرانيين منصفين تماما في تعاملهم مع الآخر العربي وعاداته وثقافته، ولكن عدد هؤلاء الكتاب كان ضئيلاً جداً مقارنة مع أولئك المنتمين إلى التيار المعادي للعرب، لاسيما في فترة ذروة هذه الموجة، كما أنهم لم يكونوا صرحاء جداً في إدانة الصور السلبية للآخر العربي التي انتشرت في الأدبيات الفارسية المعاصرة لهم.
وحتى بعد الثورة الإيرانية التي رفعت شعار التوجهات الإسلامية وجعلت من ذلك اسماً رسمياً للبلاد، لا تزال النظرة السلبية العدائية تجاه الآخر العربي ظاهرة وبارزة بين الكثير من الشرائح السياسية والثقافية والفكرية في الداخل الإيراني، ولم تؤثر تلك الشعارات على النزعة القومية أو تهذبها، بل ربما ازدادت حدتها في ظل التطورات السياسية التي تشهدها المنطقة، وبالتالي يمكن القول بأن الإشكالية بين العرب والفرس قومية-سياسية أكثر من أن تكون مذهبية أو طائفية.