المواطن _ نوف العايد _ الخفجي
عالم المدخنات عالم كئيب تحاصره مفرزات من المشاكل والضغوط المجتمعية التي تراكمت على مدى سنوات الطفولة والمراهقة والشباب، وتُركت دون علاج، لتتغلغل تلك العادة السيئة رويداً رويداً في حياة الفتاة كالسم الزعاف دون أن تدري.
“المواطن” فتحت هذا الملف لبيان أسباب إقبال الفتيات على التدخين، وأضرار تلك العادة عليهن، وكيف يمكنهن الإقلاع عن تلك العادة الذميمة وكيفية الخلاص منها.
فضول وتحدٍ وتسلية
عادة ما تكون البداية في عالم التدخين إما الفضول أو الفراغ والرغبة في التسلية وقضاء الوقت، خاصة بين المراهقات، فضلاً عن قرينات السوء وانعدام الثقة بالنفس.
بهذه العبارات كشفت “س. م” 18 عاماً لـ”المواطن” عن بداية دخولها عالم المدخنات، وأضافت: “قادني الفضول وأنا أرى أخي يدخن المعسل إلى تجربته لأكثر من مرة حتى أصبح المعسل رفيقي”.
وقالت (م، ال) مبتعثة عن تجربتها: أثناء دراستي بالخارج وتحرري نوعاً ما من رقابة الأهل زاحمني الفضول لتجربة كل ممنوع، فكانت زميلاتي لا تفارقهن علب السجائر، سواء في حقائبهن أو في جلساتهن، حتى ذات مرة قدمت لي إحداهن سيجارة للتجربة، ومع مرور الأيام أدمنتها.
” أم ريما” 40 عاماً ، متقاعدة – عللت انتشار الكبائن والمطاعم الخاصة للنساء التي تقدم الشيشة لمن تطلبها دون مراعاة السن القانونية للمدخنة التي غالباً ما تكون قاصراً، وتقول إن حب المغامرة كان سبب إشعال أول سيجارة وصولاً لإدمانها حتى أصيبت بسبب كثرة التدخين بالتهاب حاد بالرئة.
وتقول “ر، م، ح” 30 عاماً: ضغوط العمل جعلتني أتجه للتدخين اعتقاداً أن السيجارة تهدئ الأعصاب، بينما العكس صحيح التوتر والقلق، ساعات العمل المعمول به كنظام الشفتات متعب نفسياً وصحياً والتدخين وسيلة للترفيه عن النفس على حد وصفها.
بينما كان تقليد أبطال المسلسلات الأجنبية والتركية سبب إقبال المراهقة ” و، ي” 13 عاماً، على التدخين.
وتحكي “و. ي” قصتها مع التدخين والتي بدأت بتقليد ممثلتها المفضلة والتي كانت تشاهدها وهي تدخن مما دفعها إلى محاولة تقليدها، حتى انكشف أمرها على يد والدها لتكون بداية الرجوع إلى جادة الطريق.
موضة وبرستيج
بينما قال عدد من الطالبات الجامعيات إن التدخين فيما بينهن أمر لا يستدعي الغرابة في المجتمع، معللات ذلك، بأنه يدخل ضمن الاستقلالية والشخصية الذاتية، بل إنه أصبح موضة بين الفتيات، حسب وصفهن.
الأسرة المدخنة
وقالت (ص. ر) إن من أسباب إقدام المراهقات على التدخين هو وجود مدخنين حولهن من الأسرة كالأب والأم والإخوة، مما يجعلها تقلد ما تراه، من باب التجربة حتى يتحول الأمر إلى كارثة بعد ذلك.
وتشاركنا برأيها الأخصائية الاجتماعية ابتسام الداوود، حول انتشار رقعة المدخنات بالمنطقة الشرقية التي جاءت حسب آخر إحصائية في المركز الثاني بعد المنطقة الغربية بنسبة التدخين بين النساء تحديداً وتحديداً الفتيات.
عوامل نفسية واجتماعية
وتضيف ابتسام: “تلجأ الفتاة للتدخين بسبب عدة عوامل نفسية واجتماعية، فمنها حب الاستطلاع والتجربة خاصة إذا كان هناك صديقات مدخنات ، وأيضاً انتشار محلات تقدم (المعسل) من ضمن خدماتها”.
وكشفت عن الدور السلبي لقلة الوعي المجتمعي وعدم التوجيه والإرشاد من قبل الوالدين، كشكل من أشكال الحرية المفرطة أو ضعف الرقابة الوالدية بسبب التفكك الأسري أو انشغال الوالدين، موضحة أن تدخين الفتاة أصبح من الموضة الذميمة التي تستهوي الفتيات خاصة في المرحلة الثانوية و الجامعية وهناك من تعتبر التدخين سمة للقوة والاستقلالية.
أما من الناحية النفسية فتضيف أن وجود بعض الضغوط النفسية والاجتماعية والقلق العام والتوتر يدفع الفتاة للتدخين لتخفف من حدة الضغوط عليها، خاصة إذا كانت تلجأ إلى مجتمع الصديقات كبديل عن الأسرة.
وتابعت الداوود قائلة: “هذا مؤشر على وجود وقت فراغ غير مستغل بشكل صحيح”، مبينة أن انتشار عادة التدخين بين الطبيبات دلالة على التوتر والضغوط خاصة في مجال العمل.