انشغل العامة في إيران، مؤخراً، بتصريحات غريبة صدرت من مرجع شيعي بارز في مدينة قم الإيرانية؛ حيث زعمت تصريحاته أن المهدي المنتظر (الإمام الثاني عشر لدى الشيعة الإمامية)، يستخدم صحناً طائراً للسير في السماء.
هذا ما أورده المرجع الشيعي مكارم شيرازي، رداً على سؤال عن غيبة المهدي المنتظر، حينما قال: “يركب وسيلة فائقة التطور قد تكون أشبه بالصحن الطائر، ويشق بواسطتها قلب السماء”؛ بحسب وكالة فارس للأنباء شبه الرسمية، الجمعة.
وعلى التو، انشغلت مواقع التواصل الاجتماعي الناطقة بالفارسية بتصريحات شيرازي، حينما استند إلى رواية منسوبة إلى الإمام الخامس في المذهب الشيعي، محمد بن علي الباقر، الذي يُنقل عنه أن المهدي المنتظر يستخدم وسيلة تسير كالغيم في السماء.
إلا أن بعض النخبة في إيران استغربوا ما يدّعيه ذلك المرجع، وباتوا يتساءلون: “كيف يصدّق العامة إدعاءات عودة المهدي المنتظر على صحن طائر؟”.
خرافة ولادة الخميني!
ضمن الموسم الثقافي لأصيلة في المغرب، اندهش الأكاديمي الإيراني علي نوري زادة، رئيس مركز إيران للدراسات العربية بلندن، من استمرار هذه الخرافات في بلاده، وقال: “هناك علماء أصبحوا يؤمنون بالخرافات، ومنهم طبيب يشغل منصباً في جامعة الطب، زكّى كلاماً لشقيقة الخميني الراحلة، والتي كانت تقول قيد حياتها إن الخميني عندما خرج من رحم أمّه كان يردّد: “يا علي”.
وأكد زادة أن تجميد دور النخب الإيرانية أدّى إلى انهيار الأدب والشعر، وأثّر بالتالي على المجتمع الإيراني، وضرب مثلاً بقوله: “رواية تتحدث عن ظهور المهدي المنتظر بيع منها نصف مليون نسخة في إيران، في حين إن دواوين الشعراء ومؤلفات الكتاب المتنورين لا تبيع ألف نسخة”.
ووصف زاده واقع النخب الإيرانية بـ”المأساة الكبرى” ظل نظام الملالي، وقال عبر إحدى ندوات “أصيلة”: “إيران لم تكن بلداً متخلفاً قبل الثورة الإسلامية، بل كانت من البلدان المتطورة، وكان المجتمع المدني الإيراني حضارياً ومثقفاً، لكنّ عودة الإمام الخميني من باريس قلبت كل شيء؛ إذ بدأ في تنفيذ مسعاه بتجميد دور النخب، وكانت البداية بالجبهة الوطنية، ثم الشعراء والكتاب”.
خرافة خامنئي والمهدي المنتظر
يقول بعض الموالين للمرشد الإيراني علي خامنئي، إنه “السيد الخراساني” (خامنئي من مواليد مشهد في خراسان)، الذي يسلم الراية إلى المهدي المنتظر، حسب مخطوطة ابن حماد التي تروي ظروف ظهور المهدي بحسب المذهب الإمامي.
وتقول الرواية بحسب مخطوطة ابن حماد (صفحة 86): “إذا خرجت خيل السفياني (عدو المهدي المنتظر) إلى الكوفة بعث في طلب أهل خراسان، ويخرج أهل خراسان في طلب المهدي (أي لمبايعته)؛ فيلتقي هو الهاشمي (الخراساني) برايات سود على مقدمته شعيب بن صالح (قائدة الجيش)، ويلتقي هو وأصحاب السفياني بباب اصطخر (منطقة بجنوب إيران)، فيكون بينهم ملحمة عظيمة، فتظهر الرايات السود (أي تنتصر) وتهرب خيل السفياني”.
رد ابن باز على الخرافة
في الموقع الرسمي لمفتى المملكة السابق سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز، وجّهت سائلة سؤالاً مفاده: “هل صحيح أن المهدي المنتظر سوف يظهر أم أنها بدعة؟، مع العلم أنه لا يوجد بعد وفاة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم معجزات، أرشدونا جزاكم الله عنا خيراً”.
وكان رد الشيخ ابن باز رحمه الله؛ كما يلي: “المهدي المنتظر صحيح وسوف يقع في آخر الزمان قرب خروج الدجال وقرب نزول عيسى، عند اختلاف يقع بين الناس عند موت خليفة؛ فيخرج المهدي ويبايع ويقيم العدل بين الناس سبع سنوات أو تسع سنوات، وينزل في وقته عيسى بن مريم عليه السلام، هذا جاءت به الأحاديث الكثيرة”.
وأضاف جزئية مهمة: “أما المهدي الذي يدعيه الرافضة مهدي الشيعة صاحب السرداب؛ فهو لا أصل له عند أهل العلم، بل هو خرافة لا أساس لها ولا صحة لها.. أما المهدي المنتظر الذي جاءت به الأحاديث الصحيحة فإنه من بيت النبي صلى الله عليه وسلم من أولاد فاطمة رضي الله عنها، واسمه كاسم النبي صلى الله عليه وسلم: محمد وأبوه عبد الله، هذا حق وجاءت به الأحاديث الصحيحة، وسيقع في آخر الزمان، ويحصل بسبب خروجه وبيعته مصالح للمسلمين من إقامة العدل ونشر الشريعة وإزالة الظلم عن الناس.
وزاد بالقول: “جاء في الأحاديث أن الأرض ستملأ عدلاً بعد أن مُلئت جوراً في زمانه، وأنه يخرج عند وجود فتنة بين الناس واختلاف على إثر موت الخليفة القائم، فيبايعه أهل الإيمان والعدل بما يظهر لهم فيه من الخير والاستقامة، وأنه من بيت النبوة”.