الدخيل في مقاله الأول بالشرق الأوسط : ندم كاظم على تحطيم تمثال صدام!

الثلاثاء ١٢ يوليو ٢٠١٦ الساعة ٩:٥٣ صباحاً
الدخيل في مقاله الأول بالشرق الأوسط : ندم كاظم على تحطيم تمثال صدام!

في مقال هو الأول له بصحيفة الشرق الأوسط اليوم , أطل مدير قناة العربية والكاتب السعودي تركي الدخيل على متابعيه ومحبيه بمقال تحت عنوان ” ندم كاظم على تحطيم تمثال صدام! وكان الدخيل تنقل في الكتابة بين الرياض والوطن وعكاظ .

ويقول تركي الدخيل :

أطلّ العراقي كاظم، محطّم تمثال صدام حسين، على قناة «بي.بي.سي»، معبرًا عن ندمه الشديد على ما فعله، بالنظر إلى ما آل إليه العراق!

بإمكان الجميع، متابعة عشرات التصريحات، لعراقيين يتمنّون ظلّ صدام حسين، ليكون حاكمًا لهم. قيمة الفكرة هنا بمفارقتها، وإلا فالكل يعلم مدى بطش صدام، وطغيانه واستبداده.

قبل إسقاط صدام، كتبتُ عشرات المقالات عن طغيان صدام حسين، وتسببت هذه الكتابات، بشتائم لا تُحصى، سواء في معناها ومبناها وحجمها، نالتني وأسرتي الصغيرة والكبيرة، فما بالك بأمي، وأبي، ولا سقف لخيالك!

لكن.. لا بأس من استخدام الذاكرة المرتجعة لفهم وضع العراق من قبل، وما آل إليه الآن، في ظلّ حكم الدولتين (دولة العبادي) ودولة (المالكي)، وهما دولتان تتنافسان على الحكم والنفوذ والاستحواذ على الأمن والمال ومفاصل السياسة، بعض العارفين يرون دولة المالكي العميقة، أقوى من دولة العبادي التي لم تستطع حماية الناس ومصالحهم.. ولعل تفجير الكرادة أكبر مثال، والتاريخ وحده، سيكشف لنا تفاصيله!

ربما كان العالم أكثر أمنًا برحيل صدام حسين، لكن الأخطر تجاهل أعداد المشابهين لصدام حسين ممن جاءوا بعده!

كنا أمام صدام واحد يمكن التفاوض معه، أو الحرب عليه، أو التحالف معه. لكننا الآن أمام نسخ من ذلك الطاغية، وهم أخطر منه وأشدّ فتكًا وإيذاءً، ويتحالفون مع قوى دموية، مثل النظام الإيراني، و«حزب الله»، و«القاعدة».

تلك هي الحالة المشهدية للعراق الحالي، وحالة الحنين النستالوجية الشعبية بالعراق لها ما يبررها على الأرض، ورحم الله شاعر العرب، والعراق، المتنبي، إذ يقول:

ومن صحب الدنيا طويلاً تقلّبت

على عينه حتى يرى صدقها كذبا

في زمن صدام حسين، كانت هناك دولة، وكانت الأمور تدار عبر المؤسسات، بغض النظر عن عنف الدولة، ومستوى استقلالية المؤسسات، لكن عراق ما بعد صدام، بات ريفًا محكومًا من قبل أفراد منتفعين!.

هُشمت الدولة وحطمت، وعاثت القوارض الإرهابية في بنيان ما تبقى من الدولة، ولم يعد هناك سوى كياناتٍ معزولةٍ، لا يعرف بعضها بعضًا. هذه هي الردّة الكبرى، إن الحرب الأميركية على العراق لم تكن حرب تحريرٍ بالمعنى الاجتماعي والسياسي، بل ما حدث كان أشبه بفتح غطاء عن كهوف مهجورة، سرعان ما أفصحت عن مكنوناتها الثقافية بكل عيوبها الطائفية والاجتماعية والاختراقات السياسية، ثم خرج مارد التوحش وكأنه «فرانكشتاين»، يجوب بغداد، كما في رواية أحمد سعداوي: «فرانكشتاين في بغداد»، التي تتحدث عن وحوش تجوب الشوارع وتضرب ما أمامها بلا هوادة!

العراق يحتاج إلى تأسيس محكم للدولة، ومهمة الدولة ضبط الواقع.. يتحدّث عبد الله العروي، في كتابه: «مفهوم الدولة» عن كون هذه «الدولة منذ بداية التاريخ، تحمل معها قدرًا من العقلانية، إن قليلاً وإن كثيرًا، وهذا شيء طبيعي ما دامت الدولة تعني التنظيم، والتنظيم يعني اكتشاف طريقة أسهل وأقرب لتحقيق هدفٍ ما.. إن الأحداث الكبرى من تاريخ أوروبا الحديث، الإصلاح الديني، الثورة التجارية، والصناعية، نشأة المدن، تنميط القانون، تنويط الموسيقى، يمكن أن نعتبرها كلها مراحل في عمليّة عقلنة متواصلة، وتوجد الدولة دائمًا في نقطة لقاء جميع هذه التطورات».

هذا هو عراق الأمس السيئ، وعراقه الحالي الأسوأ، وما أعظم عراق أول من أول من أمس. وما أبشع الاختيار بين المرحلتين؛ الأولى والثانية.

حين يضعف العراق وينهار، تنقبض الروح العربية، وما أبلغ وصف أمل دنقل، في قصيدته: «كلمات سبارتكوس الأخيرة»:

لا تحلموا بعالم سعيد

فخلف كلّ قيصر يموت: قيصر جديد!

وخلف كلّ ثائر يموت: أحزان بلا جدوى..

ودمعة سدى!

هل أخطأت في موقفي، تجاه صدام؟!

ما زلت أظن أنه طاغية، لكن طغيانه، أقل سوءًا من حالة عامة الناس في العرق اليوم، مع شديد الأسف!

إقرأ المزيد