فيصل بن فرحان يلتقي وزير خارجية فرنسا لبحث العلاقات الثنائية غرامة التخييم دون ترخيص تصل إلى 2000 ريال معلومة خاطئة بشأن 90% من أمراض القلب إغاثي الملك سلمان يسلّم دفعة جديدة من المساعدات لقطاع غزة أبرز الأسئلة الشائعة عن خدمة محفظة لوحات المركبات الرقمية قلاع أبو نقطة في طبب التاريخية ضمن أفضل القرى السياحية لعام 2024 جامعة القصيم تفتح باب التقديم على 13 برنامجًا للدبلوم عن بعد الشيخ البعيجان في خطبة الجمعة بكوشين الهندية: أوفوا بالعقود والعهود واتقوا محارم الله تحديات تواجه قطاع محطات الوقود في السعودية خطيب المسجد النبوي: تزكية النفوس وتنقيح الأفكار بما حمله الإسلام يضمن صلاحها
تجلّت الرؤية الثاقبة لسمو وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل – رحمه الله – طوال مسيرته العملية، وفي تمثيله المملكة العربية السعودية في المؤتمرات الدولية المختلفة، ونشر استراتيجياتها، وتوقيع مذكرات التفاهم، وتشكيل مكانة ذات أبعاد قوية رسّخت من خلالها هوية أرض الحرمين بين دول العالم، وعلى جميع المستويات، وفي مقدمتها قوة القرار السياسي والاقتصادي للمملكة في عهده.
العراق يعاني العنف الطائفي والتدخل الخارجي
حين نعود بالذاكرة إلى الوراء نجد أن الأمير سعود الفيصل عندما يتحدث تجد لكلماته التي دوّنها التاريخ في مناسبات مختلفة صدى واسعًا، ومكانةً مرموقةً في جميع أنحاء العالم، ومن ذلك مداخلته – رحمه الله – في مؤتمر الأمن والسلام في العراق المنعقد في فرنسا في 15 سبتمبر 2014م، التي قال فيها: “اليوم بعد تطورات سياسية وأمنية عاصفة شهدتها الساحة العراقية، والتي تضع هذا البلد أمام مفترق طرق بين ماضٍ شهد حالة من الاضطراب السياسي والعنف الطائفي وأشكال التدخل الخارجي المصحوبة بتحديات هددت سيادته ووحدته الوطنية، وحاضر يمثل فرصة لخروجه من هذا المأزق مع قيام حكومة جديدة، نأمل أن يتوفر فيها التوازن السياسي، الذي افتقدته الحكومة السابقة، ورئيس للدولة يوفّر ضمانة للدستور، ويعد راعيًا لأمن واستقرار الوطن”.
محاربة الإرهاب مسألة لن تنتهي بمعركة
وأضاف سموه: “إن من حق العراق علينا، ونحن نجتمع اليوم أن نؤازره في مواجهة ما يهدد سلمه الأهلي، موفرين للحكومة ورئيس الدولة الجديد ما يساعدهما على المضي قدمًا في تطبيق أوجه الإصلاح السياسي المطلوب، والعمل على تحقيق متطلبات الحكم الرشيد، وتكريس العدالة، وتحقيق المساواة بين مكونات الشعب العراقي، في سياق الإجراءات أو الترتيبات التي يمكن أن يوصي بها المؤتمر للتخفيف من المعاناة الإنسانية، التي تسبب فيها تنظيم (داعش) في المناطق التي تعرضت لفظائع، وتجاوزات هذا التنظيم الإرهابي، والتي طالت السكان الأبرياء في تلك المناطق، وهنا يمكن الإشارة إلى ما سبق لحكومة خادم الحرمين الشريفين من تخصيص مبلغ (500 مليون) دولار أمريكي لتغطية الاحتياجات الإنسانية للشعب العراقي، وستستمر حكومة بلادي في مؤازرة العراق الشقيق إلى أن يستعيد عافيته، وعلى ضوء ذلك تودّ حكومة المملكة العربية السعودية أن توضح في سياق أعمال مؤتمرنا هذا أن محاربة الإرهاب مسألة لن تنتهي بمعركة واحدة، أو خلال فترة قصيرة، ومن هذا المنطلق فإننا نرى ضرورة أن يستمر هيكل التنظيم المزمع إقامته لمحاربة (داعش) على الأقل عشر سنوات، حتى نضمن – بإذن الله – زوال هذه الظاهرة البغيضة”.
أزمة سوريا: أكبر الكوارث في تاريخنا المعاصر
وحول الأزمة السورية، كان للأمير الفيصل كلمات متميزة ومؤثرة، أبرزها ما جاء في مؤتمر جنيف الدولي 22/01/2014م، عندما قال سموه – رحمه الله-: “اليوم شارفت الأزمة السورية على نهاية عامها الثالث دون بارقة أمل يوقف نزيف الدماء المستمر للشعب السوري، وما لحق بالبلاد من ألوان الدمار والخراب، الأمر الذي جعل من هذه الأزمة أكبر الكوارث في تاريخنا المعاصر”.
وأضاف سموه: “تشارك المملكة في هذا الاجتماع تأكيدًا على نهجها واستمرارًا لسياستها الرامية إلى التوصّل لحل سلمي للأزمة، فمنذ الأيام الأولى لنشوبها في مارس 2011م، بادر خادم الحرمين الشريفين بإجراء خمسة اتصالات مباشرة بالنظام السوري، في محاولةٍ لثنيه عن استخدام العنف غير المبرر، وحثّه على المبادرات السلمية في مواجهة المطالب المحدودة لشعبه، غير أن النظام أبى واستكبر وأصرّ على الاستمرار في استخدام العنف إلى حد اللجوء للحل العسكري، بل إن النظام تمادى في غيّه حين استخدم السلاح الكيماوي، دونما وازع من ضمير أو أدنى احترام للقوانين الدولية، التي تحرم استخدام هذا السلاح”.
وأضاف في كلمته: إن تلبية المملكة الدعوة لهذا المؤتمر، جاءت بناءً على الضمانات والتأكيدات التي تضمنتها دعوة الأمين العام للأمم المتحدة، التي نصّت على أن الهدف من مؤتمر (جنيف 2)، هو التطبيق الكامل لما ورد في مؤتمر (جنيف 1).
وندرك جميعًا أن أهم مضامين هذا الإعلان، هو تشكيل حكومة انتقالية تتمتع بصلاحيات كاملة تمكنها من استلام زمام الأمور، وإدارة شؤون البلاد من مختلف الجوانب السياسية والأمنية والعسكرية، ومن البديهي ألا يكون لبشار الأسد أو أي من رموز نظامه أو مَنْ تلطخت أيديهم بدماء السوريين أي دور حالي أو مستقبلي في هذا الترتيب.
نشر مبادئ الاعتدال والتسامح والوسطية
أما في مجال الأمن والسلم العالميين، فقد شارك سموه بكلمة ضافية في افتتاح مركز الملك عبدالله العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في فيينا، كانت تدور حول تكريس مبادئ الاعتدال والتسامح والوسطية لنشر الحوار بين أتباع الأديان والثقافات.
وقال الفيصل في كلمته: “إن ما نأمله ونتطلع إليه هو أن يجسّد هذا المركز انطلاقته التاريخية المرجوة نحو تشجيع حوار إنساني هادف ومسؤول، يستند إلى تعزيز القواسم المشتركة بين أتباع الأديان، التي هي لب الرسائل السماوية والثقافات الإنسانية”.
التعاون السعودي – المصري
ولم تكن كلمة الفيصل في المؤتمر الصحفي الذي عقده مع وزير خارجية مصر غائبة عن الأذهان، فقد تمحورت حول عقد الاجتماع الوزاري الأول للجنة المتابعة والتشاور السياسي بين البلدين، وتوطيد الشراكة مع دولة مصر من خلال طرح العديد من موضوعات التعاون المشترك، بما في ذلك أعمال اللجنة السعودية – المصرية المشتركة التي يرأسها وزيرا التجارة في البلدين، والتطرق كذلك إلى سُبل تسهيل الاستثمارات، وبرنامج الدعم الاقتصادي للشقيقة مصر، وغيرها من القضايا التي تصب في خدمة شعبي البلدين، وترتقي إلى طموحات القيادات.
العلاقات السعودية – الأمريكية
تُعد كلمة الأمير سعود الفيصل عام 2004م، أمام مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك من الكلمات المهمة عبر تاريخه؛ إذ قال فيها: “إن من المعروف أن كلًا من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة تحظيان (بعلاقة خاصة)، وهي علاقة شهدت في غضون السبعين سنة من عمرها ازدهارًا ونموًا نحو تحالف استراتيجي لمصلحة البلدين، بيد أن هذه العلاقة قد تعرّضت في الآونة الأخيرة لتوتر شديد؛ إذ تمر الآن بمفترق طرق سيؤدي إلى إلحاق ضرر كبير بها ما لم يتم بذل جهود مشتركة لتناول الأسباب الحقيقية ومعالجتها، ولا يحتاج الأمر إلى حصافة زائدة لاستنتاج أن الجريمة الشنيعة المتمثلة في أحداث الحادي عشر من سبتمبر قد أدت إلى إعادة ترتيب العوامل المؤثرة على العلاقة بين البلدين. لقد تم بذل جهد كبير لتحليل ما وقع من خطأ؛ ويتراوح ذلك بين المقنع والمتبصر إلى السخيف واللا معقول، وما تلا ذلك من هجوم على المملكة العربية السعودية اتصف بالكثافة والعداء المتعمد”.
وأضاف الفيصل: “سوف أُركز على الاتهامات الرئيسية، وهي عديدة، مما كانت تستند عليه تلك الهجمات، وبالصبر التي تتحلون به، مع تعاونكم بالطبع، فسوف نستطيع جميعًا، وعلى حد تعبير أحد الرؤساء الأمريكيين (أن نجلس ونفكر سوية لفرز الحقائق عن الأوهام) من أجل الحد من الانسياق وراء محاولات العزل والاتهام والعمل سوية لاستعادة روح التفاهم المشترك والثقة المتبادلة، وهما السمتان اللتان تميزت بهما العلاقة السليمة بيننا في الماضي. لقد كانت المملكة العربية السعودية، قبل الحادي عشر من سبتمبر، هدفًا لبعض النقد في الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها، إلاّ إن تلك الانتقادات، مقارنةً بما واجهناه منذ الحادي عشر من سبتمبر، كانت خفيفة نسبيًا، ويعتبر ذلك فارقًا رئيسيًا ينبغي توضيحه؛ فطالما استخدم التعصب المتطرف ضد المملكة دليلًا ليس فقط على تعاطف المملكة ومجتمعها مع أهداف ومرامي تنظيم القاعدة، إنما على التعاون معها. وهو أمر بعيد كل البعد عن الحقيقة. وللتعرف على المغالطة التي ينطوي عليها هذا الرأي يجب علينا النظر إلى الحرب المستعرة بلا هوادة ضد تنظيم القاعدة في المملكة العربية السعودية، والدعم الذي يبديه المجتمع لجهود الحكومة في استئصال شأفة هؤلاء المجرمين الأشرار، لقد فتحت المملكة أبوابها لوسائل الإعلام العالمية التي تستطيع المجيء لتتعرف بنفسها على ما يحدث، ذلك أن العلاقات بين بلدينا من الأهمية بحيث يتعذر تركها للأهواء والتصورات الخاطئة”.
ومن ناحية الولايات المتحدة الأمريكية، اقترح الراحل الفيصل أن تقوم بمراجعة التشديدات الصارمة التي تطبقها على المسافرين إليها من المملكة، ومن العالم العربي، خصوصًا الطلاب، ويعتبر هذا العامل على قدر من الأهمية في سبيل إرساء دعائم العلاقة، خصوصًا هؤلاء الطلاب سيعودون ليس فقط بما تعلّموه من مهارات، إنما أيضًا بمعرفتهم للشعب الأمريكي والقيم التي يمثلها، وهذان هما العنصران الأساسيان في أي علاقة.
الشراكة بين المملكة وبريطانيا
تناولت كلمة الأمير سعود الفيصل في الدورة الثانية للمؤتمر السعودي – البريطاني جوانب توثيق علاقات المملكتين، بعد إفادته – رحمه الله – في ثنايا حديثه باستمرار السعودية أكبر شريك تجاري لبريطانيا في منطقة الشرق الأوسط، وأن بريطانيا تتبوأ المركز الخامس من بين الدول المصدرة للمملكة؛ إذ ارتفعت واردات السعودية من بريطانيا من (9.5) بليون ريال عام 2004م إلى (10.4) بليون ريال عام 2005م، وتزايد حجم التبادل التجاري بين البلدين في السنوات الثلاث الأخيرة من (10) بلايين ريال عام 2002م إلى نحو (18) بليون ريال عام 2005م، كما تبلغ مساهمة رأس المال البريطاني في عدد من المشروعات الحيوية في المملكة نحو (4) بلايين ريال؛ فقاعدة المصالح الاقتصادية بين البلدين تستمر في النمو؛ حسب ما ذكره الأمير سعود الفيصل.
وفي المجال الثقافي، أوضح قائلًا: “شهد العام المنصرم العديد من المبادلات الناجحة والمعارض المتنوعة، ويشهد عدد الطلبة السعوديين الراغبين في متابعة تعليمهم في المملكة المتحدة نموًا سنويًا مطردًا، ومع ما قد يثيره ذلك من غرابة لدى بعض الإعلاميين البريطانيين، فإن هناك ظاهرة لافتة تتمثل في رغبة جالية بريطانية مهمة في العيش في المملكة العربية السعودية، وبكل تأكيد فإن وجودهم معنا محلّ ترحيبنا، ومصدر لسعادتنا، ولعلي أغتنم هذه الفرصة لشكر السلطات البريطانية على ما يقدمونه لطلبتنا من تشجيع وتسهيلات في إجراءات التأشيرات، ولا يفوتني هنا أن أشكر رجلًا كان له جهد مميز في هذه الأمور، هو سفير جلالة الملكة في الرياض السير Sherard المعروف لدينا بـ(أبو هنري)”.
وتطرّق الأمير سعود الفيصل إلى شراكة البلدين في مجال الحرب على الإرهاب، وذلك بالتعاون مع الدول الأخرى.
سياسة ممتدة بين دول الخليج والاتحاد الأوروبي
كما تركت كلمة الأمير سعود الفيصل في الاجتماع الوزاري للدورة السابعة عشرة للمجلس المشترك لدول الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون لدول الخليج العربية في الرياض عام 2007م، أثرًا كبيرًا في العلاقة بين الجانبين، إذ أكد سموه أن “دول أوروبا ترتبط بمنطقة الخليج عبر علاقات سياسية مميزة ومصالح اقتصادية واسعة، زادت في إطار تطوير التعاون بين المنطقتين خطوات مهمة، وإن كانت أخذت متسعًا من الوقت منذ توقيع الاتفاقية الإطارية للتعاون عام 1988م، التي أنشئ بموجبها مجلسنا المشترك الذي يتيح لنا بصورة دورية استعراض آفاق التعاون فيما بيننا في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية، كما يتيح لنا فرصة تبادل وجهات النظر حول القضايا السياسية الدولية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وإنني على ثقة بأن اجتماع مجلسنا المشترك سيتيح لنا فرصة لاستعراض وتقييم مسيرة التعاون بيننا وفق أهداف وغايات اتفاقية التعاون المبرمة بين مجموعتينا”.
وقال: “إننا تابعنا باهتمام الجهود المكثّفة التي بذلها المفاوضون من الطرفين الخليجي والأوروبي خلال الفترة الماضية لتجهيز اتفاقية منطقة التجارة الحرة، وكنا نأمل عطفًا على التقدم المحرز أن يتم توقيعها على هامش هذا الاجتماع، إلا إن الوقت لم يسعف كما يبدو لتحقيق ذلك، وأخذًا بالاعتبار أهمية هذه الاتفاقية في تعزيز العلاقات الاقتصادية بيننا، أود أن أطلب من المفاوضين والجهات المختصة في كلا الجانبين تكثيف الجهود وسرعة العمل على إنهاء متطلبات إبرامها، والتي نتطلع أن يتم في أقرب فرصة ممكنة”.