مضى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- منذ توليه مقاليد الحكم في الثاني من شهر ربيع الآخر لعام 1436هـ قُدُماً بمسيرة الوطن التي سبقه فيها إخوانه -رحمهم الله- ولم يألُ رعاه الله جهداً في ذلك؛ برغم تعدد نشاطاته في المجالات المختلفة على المستويين الداخلي أو الخارجي.
وبرزت رعايته -حفظه الله- بافتتاحه المؤتمر العالمي الثاني عن تاريخ الملك عبد العزيز -رحمه الله- الذي نظمته جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، مدشناً خلال الحفل مشاريع الجامعة المنجزة التي شملت مبانٍ تعليمية في كل من المدينة الجامعية بالرياض وفروعها ومعاهدها العلمية في مختلف مناطق المملكة، كذلك المشروعات الخدمية والتقنية المتمثلة في ثلاث مراحل من إسكان أعضاء هيئة التدريس، ومواقف متعددة الأدوار للطلاب ومشروعات البنية الأساسية للاتصالات والأنظمة الإلكترونية بقيمة إجمالية بلغت حوالى ثلاثة مليارات ومائتين وخمسة وثلاثين مليون ريال.
كما تفضل -أيده الله- بوضع حجر الأساس لعدد من مشروعات الجامعة إلكترونياً، التعليمية والخدمية والتقنية في المدينة الجامعية بالرياض وفروع الجامعة ومعاهدها العلمية في مختلف مناطق المملكة، بقيمة إجمالية بلغت ثمانية مليارات وخمسمائة وتسعين مليون ريال، بالإضافة إلى افتتاحة المعرض المصاحب للمؤتمر الذي شمل أجنحة لعدد من الجهات المشاركة، ضمّت: إدارة الملك عبدالعزيز، ومكتبة الملك عبدالعزيز العامة، ومكتبة الملك فهد الوطنية، وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
كذلك دشن الملك المفدى متحف تاريخ العلوم والتقنية في الإسلام الذي أنشأته الجامعة، بالتعاون مع معهد تاريخ العلوم العربية والإسلامية بجامعة فرانكفورت في ألمانيا.
وفي الحادي عشر من شهر جمادى الآخرة لعام 1436هـ رعى الملك سلمان بن عبدالعزيز حفل افتتاح معرض وندوات تاريخ الملك فهد بن عبدالعزيز “الفهد.. روح القيادة”، التي نظمها أبناء وأحفاد الملك فهد -رحمه الله- بالتعاون مع دارة الملك عبدالعزيز؛ وذلك في مركز الرياض الدولي للمؤتمرات والمعارض.
وفي العشرين من نفس الشهر افتتح -رعاه الله- مشروع تطوير حي البجيري في الدرعية، الذي أنهت الهيئة العُليا لتطوير مدينة الرياض تنفيذه ضمن برنامج تطوير الدرعية التاريخية موقّعاً -أيده الله- على لوحة محفورة يحملها مجموعة من الأطفال، ثم رعايته -حفظه الله- لحفل تأسيس مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، بتدشين ووضع حجر الأساس للمقر الدائم للمركز، الذي يقوم بتوحيد الأعمال الإنسانية والإغاثة التي تقدمها المملكة؛ حيث قال أيده الله خلال الحفل: “إنه انطلاقاً من تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف التي توجب إغاثة الملهوف ومساعدة المحتاج والمحافظة على حياة الإنسان وكرامته وصحته وامتداداً للدور الإنساني للمملكة العربية السعودية ورسالتها العالمية في هذا المجال؛ فإننا نعلن تأسيس ووضع حجر الأساس لهذا المركز الذي سيكون مخصصاً للإغاثة والأعمال الإنسانية، ومركزاً دولياً رائداً لإغاثة المجتمعات التي تُعاني من الكوارث؛ بهدف مساعدتها ورفع معاناتها لتعيش حياة كريمة”؛ معلناً تخصيص مليار ريال للأعمال الإغاثية والإنسانية لهذا المركز، إضافة إلى ما سبق أن وجّه به -حفظه الله- بتخصيص ما يتجاوز مليار ريال؛ استجابة للاحتياجات الإنسانية والإغاثية للشعب اليمني الشقيق.
وشملت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- في الثالث من شهر شعبان الماضي، افتتاح عدد من المشروعات الطبية في وزارة الحرس الوطني، شملت مستشفى الملك عبدالله التخصصي للأطفال، ومركز الملك عبدالله العالمي للأبحاث الطبية والمختبر المركزي.
وقام -رعاه الله- في الثاني عشر من الشهر نفسه بزيارة للمسجد الحرام في مكة المكرمة؛ مؤدياً ركعتي السنة داخل الكعبة المشرفة، وتشرّف بغسل جدارها، ثم تفقد المرحلة الثالثة لمشروع رفع الطاقة الاستيعابية للمطاف، واطلع -حفظه الله- على مخططات ولوحات توضيحية تُبَيّن مراحل تنفيذ مشروع توسعة الحرم المكي وما تم إنجازه والعناصر المرتبطة به.
وفي شهر رمضان المبارك رعى خادم الحرمين الشريفين ـ أيده الله ـ في مكة المكرمة حفل وضع حجر الأساس لمشروع “خير مكة” الاستثماري الخيري العائد لجمعية الأطفال المعوقين، واطلع – رعاه الله – في مقر إقامته بالمدينة المنورة على العرض الخاص لمشروعات توسعة الحرم النبوي والمنطقة المركزية وشاهد مجسمات ومخططات لمشروعات توسعة المسجد النبوي، ودرب السنة الذي يربط الحرم النبوي بمسجد قباء، وتوسعة مسجد قباء، إضافة إلى مشروع دار الهجرة وما تشتمل عليه تلك المشروعات من شبكة للنقل وتفريغ الحشود، ثم رعى – وفقه الله – حفل تسليم جائزة نايف بن عبدالعزيز آل سعود العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة وجائزة الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود التقديرية ومسابقة الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود لحفظ الحديث النبوي الذي نظمته الأمانة العامة للجائزة في المدينة المنورة، وزيارته خلال الشهر الفضيل مسجد قباء في المدينة المنورة، مؤدياً ركعتي تحية المسجد خلالها.
وتَضَمّنت جهود الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- في رعايته لمسيرة الوطن ومصالح المواطنين افتتاحه -رعاه الله- مطار الأمير محمد بن عبدالعزيز الدولي الجديد في المدينة المنورة، الذي تبلغ طاقته الاستيعابية 8 ملايين مسافر سنوياً في المرحلة الأولى، سترتفع إلى 18 مليون مسافر سنوياً في المرحلة الثانية؛ أما المرحلة الثالثة من المخطط الرئيس فستوفر أكثر من ضِعف السعة الاستيعابية للمطار لتتجاوز 40 مليون راكب سنوياً.
كما دشن -رعاه الله- خمسة مشروعات ضمن التوسعة السعودية الثالثة للمسجد الحرام في مكة المكرمة، تشمل: (مبنى التوسعة، والساحات، والأنفاق، ومبنى الخدمات، والطريق الدائري الأول، وتَفَضّل خادم الحرمين الشريفين بضغط زر تدشين مشروع مبنى توسعة المسجد الحرام المكوّن من ثلاثة أدوار على مسطح بناء يبلغ 320.000 متر مربع يستوعب 300.000 مصلّ، إلى جانب تدشينه ساحات التوسعة التي تبلغ مسطحاتها 175.000 متر مربع، وتتسع لحوالى 330.000 مصلٍّ، وأنفاق المشاة التي تضم خمسة أنفاق للمشاة لنقل الحركة من الحرم إلى منطعة الحجون وجرول، وخصص أربعة منها لنقل ضيوف بيت الله الحرام؛ فيما خصص الخامس للطوارئ والمسارات الأمنية.
وشملت المشروعات أيضاً، مشروع مجمع الخدمات المركزية، وتشمل محطات الكهرباء والمولدات الاحتياطية، وتبريد المياه، وتجميع النفايات والخزان، ومضخات مياه مكافحة الحرائق، ومشروع الطريق الدائري الأول الذي يقع داخل المنطقة المركزية، ويمتد بطول 4600 متر بثلاثة مسارات في كل اتجاه.
وحين رعايته لحفل افتتاح مؤتمر مكة المكرمة السادس عشر الذي تُنَظّمه رابطة العالم الإسلامي قال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حفظه الله: إن الشباب هم الثروة الحقيقية في كل أمة؛ فهم الأغلبية عدداً، والطاقة الناشطة المتجددة دوماً، التي تمثّل عصب التنمية وذخيرتها، في عالم يشتد وطيس التنافس بين الأمم؛ لبناء حضارتها على اقتصاد المعرفة الذي أصبح لغة العصر بلا منازع، ومن يتخلف فقد حكم على نفسه بالقعود خلف مسيرة القافلة.
وفي التاسع من شهر ذي الحجة الماضي وَصَل -بحفظ الله ورعايته- خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود إلى منى للإشراف المباشر على راحة حجاج بيت الله الحرام، وما يقدم لهم من خدمات وتسهيلات ليؤدوا مناسكهم بكل يُسر وسهولة وأمان، وليطمئن -رعاه الله- على جميع مراحل الخطة العامة لتنقلات الحجاج في المشاعر المقدسة.
وفي إنسانية تمتزج بحس الإدارة والمتابعة المستمرة لجميع مصالح المواطن، وحس القيادة، وحسن الخلق، ونبل الرحمة، وعظم المسؤوليات، تفقّد خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- المسجد الحرام عقب سقوط إحدى الرافعات على جزء منه؛ مما نتج عنه سقوط عدد من الشهداء والمصابين؛ حيث ناقش -وفقه الله- خلالها مع المسئولين مسببات الحادث وآثارها، وأعرب خلالها -أيده الله- عن صادق العزاء والمواساة لذوي الشهداء وخالص الدعاء للمصابين بالشفاء العاجل، وقال: “زيارتي اليوم لتفقد ما حدث وكيف نعيد التأهيل مرة أخرى، وسنحقق في الأسباب، وبعدها سنعلن النتائج للمواطنين”.
وتثبيتاً لما مَضَت عليه المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها، أكد خادم الحرمين الشريفين أن هذه الدولة في خدمة البيتين الحرمين الشريفين؛ قائلاً أيده الله: “يشرُف ملكها أنه خادم الحرمين الشريفين، وهذا منذ عهد الملك عبدالعزيز إلى اليوم والحمد لله، مكة تهمنا قبل أي مكان في الدنيا، هي والمدينة المنورة”.
ولا يقف الاهتمام من خادم الحرمين الشريفين على تفقّد مكان الحادثة وحسب؛ بل نراه يسارع الخطى متوجهاً إلى مستشفى النور التخصصي في مكة المكرمة؛ حيث اطمأن على صحة المصابين من عدة جنسيات شملت الجنسية: (الإيرانية، والتركية، والأفغانية، والمصرية، والباكستانية)؛ مواسياً لهم ومستمعاً إلى حالاتهم الصحية والعلاجية.
وقد أعاد ملك الخير الابتسامة لترتسم على وجوه مصابي حادث سقوط الرافعة، بعد أن وجه -حفظه الله- بتكفل الدولة نفقات أداء مناسكهم في المشاعر المقدسة؛ وذلك ما أعاد في قلوبهم الأمل في أداء فريضة انتظروها سنوات طوال.
وبادل المصابون خادم الحرمين الشريفين أروع صور الشكر والتقدير، حينما رفعوا شكرهم وتقديرهم له -رعاه الله- على زيارته لهم، واطمئنانه على حالاتهم الصحية والرعاية المقدمة لهم؛ مشيدين بالرعاية الصحية المتكاملة المقدمة لهم.
وخلال زيارته -حفظه الله- للولايات المتحدة الأمريكية، وحرصاً منه على تلمس احتياجات أبنائه المواطنين والمواطنات، والاهتمام بقضاياهم؛ فقد أمر -حفظه الله- بإلحاق الطلبة والطالبات الدارسين حالياً على حسابهم الخاص في الولايات المتحدة الأمريكية بالبعثة التعليمية، ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي؛ ممن استوفى شروط وضوابط إلحاق الطلاب الدارسين على حسابهم في الخارج، وتحمل الدولة اعتباراً من تاريخه نفقات علاج المواطنين والمواطنات الذين يعالجون حالياً من أمراض مستعصية -شفاهم الله- على نفقتهم الخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية.
واستقبل خادم الحرمين الشريفين هناك أيضاً الملحق الثقافي بسفارة خادم الحرمين الشريفين لدى الولايات المتحدة الأمريكية الدكتور محمد العيسى يرافقه مجموعة من الطلبة السعوديين المتميزين في عدد من الجامعات الأمريكية؛ حيث اطمأن -حفظه الله- على أوضاع الطلبة السعوديين، وشدد على أهمية تنوع تخصصاتهم، والحرص على الاجتهاد في طلب العلم ليخدموا وطنهم ومواطنيهم بكفاءة واقتدار؛ معرباً عن اعتزازه بتميز أبناء المملكة في الجوانب التعليمية وحرصهم على تطور مداركهم.
كذلك استقبل الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود رؤساء تحرير الصحف المحلية، والأكاديميين، والكتاب، والمفكرين، والمثقفين، وقدامى الموظفين الأمريكيين في شركة أرامكو السعودية، قبل أن يختتم -حفظه الله- زيارته للولايات المتحدة الأمريكية.