بوغبا يودع جماهير يوفنتوس ماتياس يايسله قد يرحل للدوري الألماني ترتيب مجموعة الأخضر بعد فوز اليابان ضد إندونيسيا القبض على مواطن ومقيم لترويجهما الشبو والأقراص المخدرة جامعة القصيم تفتح باب التقديم على 13 برنامجًا للدبلوم عن بعد فسخ تعاقد بوغبا مع يوفنتوس رسميًّا تنافس مثير بين الصقارين باليوم الثالث من كأس نادي الصقور الإسترليني ينخفض مقابل الدولار واليورو رونالدو يقود هجوم البرتغال ضد بولندا الأخضر تحت 21 عامًا يتعادل مع البحرين
غالباً لا يشعر الزائر أو المقيم في الطائف بقيمتها، دون اكتمال دورة زيارته لمعالم أخرى سياحية بها، إلا بمشاهدته؛ لما تبقى من تراث أصيل يروي مكانتها على امتداد التاريخ الإسلامي، والتعرّف على تفاصيلها وعادات وطبائع سكانها وقصصهم وحكايات العشق الضاربة في جذور الزمن.
وتُمثل منطقة الطائف المركزية تلك البقعة معيّنة الشكل، التي لا تخطئها عين هي القلب، الذي ينبض بالتراث مُبرزاً تميّزها وأصالتها المرتبطه بشخصية هذه الأمة عموماً.
ويظهر مدى إبداعها من ذوق وحس يجسّد ما هي عليه من حضارات وثقافات متعاقبة صمدت في وجه التغيّر؛ لتقاوم بما بقي معها من أدوات ومفردات عبثيات الكساد والإهمال، الذي طال كثيراً من جوانبها.
ومما لاشك أن كثيراً من مباني وشواهد وسط مدينة الطائف، طالتها الإزالة والهدم وإعادة البناء بشكلٍ حديث؛ حتى اضمحل وجهها التراثي المشرق شيئاً فشيئاً إلى أن أراد الله أن ينقذ ما تبقى منه على يد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان، رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار؛ ليبث فيه روح التماسك والتعاضد حفاظاً على هويتها التاريخية المتبقية في ليلة كان فارسها وهو يتجوّل في ممراتها، وبين أسقف بناياتها القديمة يطالع الوجوه العابرة من الزمان والمكان والإنسان؛ لتبدأ رحلة التطوير والحفاظ قبل ستة أعوام؛ لينطلق بعدها مشروع التطوير القائم حالياً.
الحياة والتاريخ:
ففي المنطقة التاريخية الأسواق والحوانيت والمنازل والميادين الصغيرة القديمة، وكذلك مساجد أشهرها مسجد الهادي والهنود، تحكي للزائر كل تفاصيل التاريخ دون مرشد تراثي؛ لتشرح هي الطراز المعماري الأصيل من أبواب ونوافذ ورواشين وجدران، لا يزال منها ما هو قائم بالأخشاب والطين وسعف الجريد وحركة البيع والشراء للسلع التقليدية القديمة من منتجات زراعية وحيوانية وصناعية تراثية في أجواء تسودها الألفة وتفوح منها روائح العطورات المرتبطة بتراثها كورد الطائف والدهن والعود وأنواع البخور والعسل وماء الورد، الذي في أحيان يرش به الباعة أرضية وعتبات أكواخ محالهم والممرات أمامها لترطيب الأجواء صباحاً أو مساء أمام الزائرين.
وتشاهد البضائع التي ينقلها كبار سن شابوا على هذه المهنة بعربات صغيرة ذات أربع عجلات يدفعونها بجهد سريع لمركبات الزبائن ومعهم أبناؤهم الذين أورثوهم مهنتهم، كما ورثها أباؤهم من أجدادهم، وفيها محال صيانة الخوص ومكائن الخياطة وصقل السيوف والأسلحة المسموح بها، والجنابي والسمن البري والإقط والتمور الجيّدة، ويزيدها جمالا، حين تشاهد كبار السن الباعة من أبناء الطائف، خلف طاولات المحاسبة والمراقبة؛ لأداء عمالتهم، ومنهم من يحرص لتناول الإفطار الجماعي في داخل محالهم، أو في مواقع جانبية خصِّصت فيجلسون؛ حتى قبيل أذان الظهر لينصرفوا إلى مدارس أبنائهم ومنازلهم.
كذلك لا تغيب مشاهدات انتشار عمالة بيع برادات الشاي الصغيرة التي تعرف بـ”أبو ريالين” وأبو أربعة؛ لإيصالها للباعة في محالهم ويشاطرهم الزبائن في تناولها أحياناً.
جعلت هذه الصور والمشاهد الموغلة في النفس من هذه المنطقة قصة تراث وعشق أبدي مسيطر، ويشعر المتابع أن الصورة، بدأت تتحسن مع مشروع التطوير، الذي توليه أمانة الطائف جل اهتمامها وتركيزها الذهني والمعنوي؛ ليكون علامة فارقة في شخصيتها العامة.
رصدت “المواطن” في جولة ميدانية تسارع الخُطى وضجيج الآليات وكمبرشرات ومسدسات الحفر اليدوي ولواري التحميل؛ للمخلفات من الأتربة والصخور وعمال الجرانيت، يحملون فواريعهم وكريكاتهم وحقائب معداتهم على ظهورهم هنا وهناك.
الزيارات المتتابعة:
وتم الانتهاء في كثير من مراحل المشروع لأعمال الأنفاق الداخلية لتصريف المياه وخطوط خدمات الكهرباء والمياه والهاتف، وشيّدت أعمدة للإنارة في شكلٍ يحاكي تراث المدينة نوعاً ما، ودورات مياه وثلاث بوابات للدخول منها والخروج بالمركبات، إضافة لكراسي الجلوس، ويحظى المكان بزيارات متتابعة من أمير السياحة عادةً وفي الغالب يخصص جزءاً من وقته للوقوف على تفاصيل المشروع وخطواته.
وسبق أن زارها عدة مرات ومرات، وعلمت “المواطن” عن زيارة خلال الأسابيع القريبة لسموّه أيضاً للمنطقة التاريخية، في إطار زيارات متتابعة، وحرصه واهتمامه بإعادة هذا التاريخ والمكافحة على مدى سنوات طويلة للحفاظ عليه.
خطوط الخدمات والجرانيت:
ويهدف المشروع في الرؤية النهائية للمخطط العام، والدراسة التي أعدت له للمحافظة على الهوية التاريخية، أولاً، وإنشاء أنفاق خدمات ونقاط تصريف للسيرل، وخدمات إنارة وكهرباء، وفي الشكل الخارجي يتجه لتبليط كل أرضيات الممرات بالجرانيت والملفات والمنعطفات الصغيرة والكبيرة والساحات وبناء عرائش للعنب والفواكه الطائفية وساحات جلوس وبوفيهات ومطاعم صغيرة وتوحيد لوحات وواجهات المحال والمباني، وعدم الإخلال بروح وعبق الحركة الاقتصادية التقليدية.
السالمي: نشاهد بإعجاب للمشروع:
وكشف الأديب والمؤرخ والكاتب “حماد السالمي” لـ”المواطن” أنه يشاهد ما يجري من أعمال تنفذها أمانة محافظة الطائف للمنطقة التاريخية بالطائف القديم، الذي فيه أسواق وحوانيت ومنازل وميادين صغيرة قديمة، وكذلك مساجد أشهرها مسجد الهادي، بكل إعجاب عملية إعادة بناء بوابات الطائف الثلاث: باب الريع وباب ابن عباس وباب الحزم.
وأضاف أن هذه المنطقة وما تحويه اليوم هي ما تبقى من الطائف، الذي نشأ شمالاً من مسجد عبدالله بن عباس رضي الله عنهما في القرن السادس الهجري، وهو ليس الطائف في العصر الجاهلي والعصر الإسلامي المتقدم، الذي كان من جنوبي وغربي وادي وج، والذي كان حوله طوف شيده الثقفيون في تلك الفترة، ثم لم يتبق منه شيء بالمرة.
الطائف التاريخية التي تجري أعمال إعمارها من جديد، عمرها قرابة تسع مئة إلى ألف عام، وفي منطلق القرن الثالث عشر الهجري أحاطها العثمانيون بسور عرف بسور الطائف الذي له بواباته الثلاث، وبطرفه قلعة وقشلة من الشمال الغربي، ولا يدخل فيه مسجد ابن عباس، وقلعة أخرى على طرف العقيق من الشمال الشرقي مربوطة بقلعة باب الريع والقشلة بنفق سري تحت الأرض.
وقال السالمي كانت هذه هي الطائف حتى دخول الملك عبدالعزيز رحمه الله عام 1343 هـ، وكان ما حولها قرى مثل السلامة وباب الريع وشهار والمثناة وغيرها، ثم ظهر حي السليمانية بطرف السوق الشرقي وفتح عليه باب رابع سمي باب جديد، إلا أن سور الطائف ببوابته هذه هدم سنة 1368هـ، نتيجة التوسع المدينة على ما حولها من قرى.
وأوضح بقوله إن فكرة إحياء المنطقة التاريخية، وما يجري من أعمال رصف وترميم وبناء جديد للبوابات ودهانات ومشايات ومرافق خدمية راقية تعد فكرة رائدة للغاية.
٢٣٠ مليون بلغت قيمة كامل مشروع تطوير المنطقة التاريخية للطائف نحو ١٣٠ مليون ريال؛ كمرحلة أولى ثم دُعم في مرحلة ثانية نحو ١٠٠ مليون ريال، وبدأت أولى خطوات المشروع، الذي يهدف للمحافظة على تاريخية المنطقة في ٢٠١٠ م، وواجهت الأمانة صعوبات ومعوّقات كبيرة تجاوزتها بالتقادم كخطوط وشبكات الخدمات الأرضية القديمة المتشابكة، وأسهم في تعقيدها فقدان مخططاتها القديمة، ومساراتها؛ مما ضاعف عمليات الحفر والدفن.