القبض على مواطن بحائل مارس النصب والاحتيال على ضحاياه سحب مليون م3 من مياه الأمطار في سكاكا ابتكار تقنية “مدد” لمراقبة وضعيات الجلوس بالذكاء الاصطناعي بالقصيم القبض على مقيم لترويجه الميثامفيتامين المخدر بالشرقية جوجل تصدر تحديثًا أمنيًّا لملايين المستخدمين مشاهد لهطول أمطار غزيرة على رفحاء تنبيه من أمطار ورياح شديدة وتساقط للبرد على حائل مكة والأحساء تسجلان أعلى درجة حرارة بـ 35 مئوية والسودة الأقل الطائرة الإغاثية السعودية التاسعة عشرة تصل إلى لبنان بدء القبول الإلكتروني للطلاب بكلية المسجد النبوي
حين يقف الحاج في لحظات تأمل ممتدة إلى صفحات تاريخ الحج القديم، كانت المحطات المليئة بالألم والتفكير التي تستوقفه عن إعادة المجازفة بتحجيج كبار السن من عائلته، تتوقف به حول جسر الجمرات، وما كان يشكّله قديماً من مخاوف تنتاب الحجيج في كيفية اختراق الجموع أمام الجمرات، التي كانت عبارة عن عقبات في دور واحد يرجم الناس فيها الشيطان؛ فلا تغيب تلك المشاهد عنه قديماً وصور الصراخ والضجيج لشدة الازدحام، وبالكاد لا يخلو الحج قديماً من حالات وفيات بسبب التدافع حول الجمرات؛ إذ لا خيار أمام أي منهم للنفاذ بأقل الخسائر؛ إلا بالاحتماء خلف مفتولي العضلات وأصحاب البنى الجسمانية القوية.
وكانت صور تشابك الأيدي لمجموعات الحجيج حين زوال الشمس هي المعضلة الكبرى التي تواجه العَجَزة وكبار السن والنساء، وشهد الجسر في آخر حوادثه قُبَيل تسع سنوات عدداً من الوفيات والمصابين.
الملك عبدالله يقرر بناء الطوابق التعددية
تلك المآسي والقصص التي ذهبت بما انتهت إليه؛ حيث قرر الملك عبدالله في عام ٢٠٠٤م، وهو يحمل هَمّ المسلمين بالإعلان عن تنفيذ أكبر مشروع لبناء طوابق تعددية لجسر الجمرات، بعدما كان عبارة عن ممر أرضي يعلوه جسر واحد تتدافع إليه حشود الحجيج.
ولم يتوقع أحد أن يكون هذا المشروع التاريخي حقيقة تشاهد على أرض الواقع وتبدد مخاوف الحجيج وتضيف إليهم مزيداً من جرعات الطمأنينة والخشوع؛ لكن بفضل الله تعالى ثم ما توليه المملكة العربية السعودية من جهود مستمرة لتقديم الخدمات والتسهيل على ضيوف الرحمن، تحقق هذا الصرح الذي صُرِف لأجله مئات الملايين، وتم تنفيذه بسرعة متناهية؛ للتيسير على الحجاج ورمي جمراتهم دون ازدحام أو تدافع؛ مما كان له الفضل الكبير في راحة عباده المسلمين وأداء مناسكهم دون ما يعكر صفوها.
1.7 مليار دولار للتيسير على الحجاج
وكلّف الجسر في آخر مشروع له قبل تسع سنوات نحو 1.7 مليار دولار؛ إذ تم إنشاء جسر بديل للقديم مكوّن من أربعة طوابق مخصصة لسير الحجاج لرمي الجمرات أثناء موسم الحج، ويضم جمرة العقبة الصغرى، وجمرة العقبة الوسطى، وجمرة العقبة الكبرى، وقد شهد هذا الجسر العديد من حوادث التدافع بين الحجاج أدت إلى وفاة المئات.
نبذة تاريخية عن توسعات جس الجمرات
وفي نبذة تاريخية له، شَهِد جسر الجمرات منذ إنشائه عام 1974 عدداً من الأعمال التطويرية بتوسعته 40 متراً، وبمطلعين من الجهة الشرقية والغربية، ومنحدريْن بجوار جمرة العقبة من الدور العلوي من الجهة الشمالية والجنوبية؛ وذلك لنزول الحجاج.
وتَوَاصل الاهتمام بتطوير الجسر ليشهد في عام 1978 تنفيذ منحدرات من الخرسانة المسلحة (مطالع ومنازل) إلى المستوى الثاني من الجمرات على جانبيْ الجسر؛ مقابل الجمرة الصغرى.
وفي عام 1982 شهِد الجسر توسعة بزيادة عرضه 20 متراً وبطول 120 متراً من الجهة الشمالية الموالية للجمرة الصغرى، إضافة إلى توسعة أخرى عام 1987 بزيادة عرضه إلى 80 متراً وبطول 520 متراً وتوسيع منحدر الصعود إلى 40 متراً بطول 300 متر، وإنشاء خمسة أبراج للخدمات على جانبي الجسر، وتنفيذ اللوحات الإرشادية والإنارة والتهوية، وبلغت مساحته الإجمالية 57.600 متر مربع، ودخل جسر الجمرات مرحلة جديدة من التنظيم والتطوير؛ إذ أجريت في عام 1995 عملية تعديل على مراحل مختلفة، بشكل جَمَع بين منظر الجسر وتمثيل حركة الحجاج عليه، أعقبتها تعديلات مماثلة عام 2005 شملت بنية الجسر وتعديل شكل الأحواض من الشكل الدائري إلى البيضاوي، وتعديل الشواخص.
11 مدخلاً و12 مخرجاً لإنهاء تعب الزحام
ويوفر المشروع حالياً 11 مدخلاً للجمرات و12 مخرجاً في الاتجاهات الأربعة، إضافة إلى تزويده بمهبط لطائرات مروحية لحالات الطوارئ ونظام تبريد متطور يعمل بنظام التكييف الصحراوي، يضخ نوعاً من الرذاذ على الحجاج والمناطق المحيطة بالجمرات؛ مما يؤدي إلى خفض درجة الحرارة إلى نحو 29 درجة، وأنفاقاً أرضية.
ورافق مشروع تطوير جسر الجمرات تنفيذ مشاريع جديدة في منطقة الجمرات، شملت إعادة تنظيم المنطقة، وتسهيل عملية الدخول إلى الجسر عبر توزيعها على 6 اتجاهات؛ منها 3 من الناحية الجنوبية، و3 من الناحية الشمالية، وتنظيم الساحات المحيطة بجسر الجمرات لتفادي التجمعات بها، والسيطرة على ظاهرة الافتراش حول الجسر، إلى جانب مسارات الحجاج.
وسيساعد المشروع على تنظيم وتخصيص الأماكن المناسبة للخدمات؛ مثل الأغذية وأماكن الحلاقة ودورات المياه والخدمات الطبية والإسعافية، وقوات الدفاع المدني، والأمن العام.
ولتحقيق أعلى درجات الأمن والسلامة زُوّد المشروع بآلات تصوير تقنية مطورة موزعة في عدة أماكن، ومتصلة بغرفة العمليات التي تُشرف على الجسر والساحة المحيطة به؛ لمراقبة الوضع بصورة عامة، واتخاذ الإجراءات المناسبة وقت وقوع أي طارئ.
العمل للمستقبل.. أساسات تتحمل 12 طابقاً و5 ملايين حاج
ووفقاً للمواصفات؛ فإن أساسات المشروع قادرة على تحمل 12 طابقاً وخمسة ملايين حاج في المستقبل إذا دعت الحاجة لذلك، ويرتفع الدور الواحد اثني عشر متراً؛ فيما يتضمن ثلاثة أنفاق وأعمال إنشائية، مع إمكانية التطوير المستقبلي.
ولا يجد الحاج اليوم أي معوقات ازدحام أو تدافع حول الشواخص لرمي الجمرات كما كان في السابق؛ إذ إن الطوابق الخمسة منذ أن يشرف على منطقة الجمرات مهيأة أمامه، وله الخيار في اتخاذ أي المسارات التي تناسبه دون ازدحام؛ مهللاً ومكبراً حتى وصوله إلى الجمرة ورميها بكل يُسر وسهولة.
وقد ظهرت صور تُبرز ما حققه هذا المشروع العظيم من تسهيلات؛ فيمكن للمعاق الذي على عربته أو العاجز عن المشي، أن تلامس يداه الطوق الدائري حول الشخوص في الجمرات الثلاث، وأن يرمي جمراته دون أي ازدحام، كما للنساء وصغار السن كذلك.. وهذا بفضل من الله سبحانه وما تسعى القيادة الرشيدة إليه في أن يجد الحاج كل السبل اليسيرة أمامه.