“باسماعيل”: عشت 100 يوم مع الإيدز حولت حياتي لجحيم وفكرت بالانتحار

الأربعاء ٢٦ نوفمبر ٢٠١٤ الساعة ٨:٤٢ صباحاً
“باسماعيل”: عشت 100 يوم مع الإيدز حولت حياتي لجحيم وفكرت بالانتحار

ما حدث للمواطن حسن عمر باسماعيل، أقرب للخيال وصعب التصديق، القصة أشبه برواية كتبها مؤلف غزير الخيال، ما زال يعيش فصولها، الفصل الأول من حكاية باسماعيل (58 عاماً) بدأت قبل فترة واستمرت الحكاية 100 يوم، عاش فيها اليأس والألم حتى فكر في التخلص من حياته لكنه صبر حتى انفتح له باب الأمل مجدداً فعاد إلى الحياة لكن بوجه آخر جديد، وفقاً لصحيفة “عكاظ”.

“باسماعيل” عضو الجمعية الثقافية للفنون في المدينة المنورة، ومقدم أمسيات إبداعية على المسارح، وكل هذه العضويات تعرضت إلى الخطر والإشانة بسبب خطأ جسيم وقاتل
يقول “باسماعيل” إنه تلقى صدمة الموت عندما تسلم تقريراً طبياً معتمداً من مستشفى الملك عبدالعزيز في جدة بتاريخ 17 شوال 1435هـ يؤكد إصابته بثلاثة أمراض مميتة أخطرها مرض “الإيدز” وأقلها “التهاب الكبد الوبائي” فتحولت حياته إلى جحيم لا يطاق ليرحل من بيت أسرته إلى منزل آخر للسكن بمفرده تاركاً خلفه أبناءه الخمسة وأحفاده السبعة، كان قراره صائباً إذ كيف لرجل مصاب بالإيدز القاتل أن يقطن مع عائلته؟.

لساعات بدأ “باسماعيل” يفكر في الانتحار ليتحرر من مأساته، لكنه غالب هوى النفس وصبر، يقول: أنا إنسان سوي، لم أخضع لأي عملية نقل دم برغم خضوعي لعملية جراحية بسيطة في أصبع يدي، ولم يركن الرجل إلى اليأس فبدأ في مراجعة عدة مستشفيات ومراكز ومختبرات خاصة للتأكد من حالته وجاءه الفرج: أنت سليم لا تعاني من شيء، وبعد 100 يوم مع المعاناة والألم والهواجس وتحديداً في 1 صفر 1436 أصدر مدير مستشفى الملك عبدالعزيز الدكتور محمد المبارك تقريراً لاحقاً يفيد بورود خطأ في التشخيص الخاص بالمواطن حسن باسماعيل بشأن بمرض نقص المناعة المكتسب “الإيدز” و”التهاب الرئة” تزامناً مع 3 تقارير طبية من مستشفيات ومراكز طبية خاصة تؤكد سلامته من جميع تلك الأمراض التي أبلغ بها.

الذي حدث قبل وبعد البراءة من المرض الوصمة يرويه باسماعيل: عشت أياماً سوداء وكئيبة، عندما راجعت المستشفى لم أكن أعاني من شيء بل أحالني الضمان الاجتماعي في مكة المكرمة إلى المستشفى المذكور بغرض إجراء فحص روتيني وفي الضمان الاجتماعي سلمني شاب خطابا بخجل شديد ويتأسف أن الخطاب يفيد بأني مريض بالإيدز، ونزل التقرير الطبي كالصاعقة التي أصابتني في مقتل، لم أصدق ما احتواه التقرير خصوصاً أنني لم أخضع أبداً إلى أي عملية نقل دم، وساورتني الشكوك في صوالين الحلاقة التي كنت أرتادها، وعشت وساوس وأوهام بل شعرت أنني ميت تماما وبدأ الجميع ينفر مني ويخشاني فضلا عن الشكوك والظنون السيئة التي أحاطت بي، حتى أبنائي الخمسة (3 بنات وولدان) أكبرهم 30 عاماً وأصغرهم 16 عاماً، وأحفادي السبعة صرت أتحاشى لقاءهم والنظر إليهم، وكنت أرى الهلع في عيونهم.

يمضي “باسماعيل” ويواصل حكايته: حتى اليوم أسرتي تعيش في شقة مفروشة ولا تصدق أن مستشفى حكومياً كبيراً ممكن أن يخطئ في أمر خطير كهذا، وأنا عزمت أمري على مقاضاة وزارة الصحة أمام ديوان المظالم، حتى أسترد سمعتي التي شوهها التقرير المكذوب وسأبحث عن محامٍ لمجازاة 3 أطباء وقعوا بخط أيديهم على التقرير الطبي، سأطالبهم بتعويض قدره ثلاثة ملايين ريال ووزارة الصحة بمليون ريال، ولكن هذه الملايين لن تعوضني ساعة يأس وقلق وألم عشتها حتى أنني فكرت في الانتحار للتحرر من الهم الثقيل.

وفي سبيل استرداد حقه حرر “باسماعيل” خطاباً إلى وزير الصحة قال فيه: أنا المواطن حسن عمر، عانيت أكبر معاناة في حياتي كادت أن تعصف بي وبأسرتي لدرجة أنني فكرت في الانتحار لولا أن ثبتني المولى عزوجل. معالي الوزير: تخيل أن أحد أفراد أسرتك تم إبلاغه بأنه يحمل فيروس مرض الإيدز بموجب تقرير طبي من مستشفى حكومي ثم تبين بطلان صحة التقرير.. كيف سيكون حالة ووضع الشخص المبلغ بمرض الإيدز؟ هذا ما حدث لي مع مستشفى الملك عبدالعزيز.. ولن يعوضني أي شيء عن معاناتي الأسرية والتي فرقت بيني وبين زوجتي وأسرتي.

تمسكت أسرة حسن باسماعيل بحقها في معاقبة وردع كل من شارك في صدور التقرير الكاذب، وطالب الأبناء بتعويض والدهم عن كل الأضرار التي لحقت به،وشانت سمعته في محيطه الاجتماعي والعائلي والعملي.

وقالت الابنة الكبرى (مي) إن أسرتها عاشت مشاكل كبيرة بسبب هذا الخطأ الجسيم والقاتل، وأنهم أصيبوا جميعا بالصدمة والذهول. وأضافت (مي) أن والدتها أكثر من فجعت بالأمر وسارعت إلى إجراء تحاليل طبية لنفسها خشية تعرضها للعدوى من المرض المزعوم، ومع تأكيد سلامتها فإن والدتها بدت عليها الشكوك والمتاعب الصحية والنفسية وأوهام حتى تشتت نسيج الأسرة، حيث ترك الوالد منزلنا، فيما عاني الأخوة والأخوات والأحفاد معاناة لا يمكن اختصارها في كلمات.

قالت الزوجة التي لم تفق بعد من هول الصدمة من وقع الخبر عليها : مرض الإيدز مرض قاتل ومميت، لم أصدق أن زوجي الذي عشت معه 30 عاماً مصاب بهذا المرض الفتاك، فأصبت بحالة هيستيرية وطلبت منه الطلاق على الفور، لكنه رفض في بداية الأمر، فاخترنا الانفصال في السكن، فوافق أن أعيش في شقة مفروشة مع أبنائي وأحفادي، وعشت طوال الفترة السابقة في دوامة من المشاكل والمتاعب، وذهبت لإجراء التحاليل الطبية خشية أن يكون مرض الإيدز قد انتقل لي، وكنت في حالة رعب من أي نتيجة، كما طلبت من الأبناء إجراء تحاليل مماثلة للاطمئنان عليهم.. كيف لامرأة في الخمسين من عمرها مثلي أن تصاب بهذا المرض الخطير ولي أبناء وأحفاد.
تضيف -وهي تكفكف الدموع- عشت 3 أشهر في جحيم ودمار ولا أصدق أن مستشفى كبيراً يقع في مثل هذا الخطأ.. وسأعيش منفصلة عنه لحين التأكد من الحقيقة الكاملة.

أما “سامي” فيقول: ما حدث لوالدي وأسرتي أيام صعبة وقاسية، كيف لأب يمثل لنا القدوة أن يصاب بهذا المرض سيء السمعة.

وأضاف: أن الشاب الذي يعمل في الضمان الاجتماعي وتسلم التقرير صديقي، وفوجئ أن والدي مريض بالإيدز وخجل من أن يسلمه التقرير وتردد كثيرا”.

أما “زياد” فقال: إن والده لم يكن مريضاً في الأصل، وأن سبب التقرير (الجريمة) هو إجراءات روتينية في الضمان الاجتماعي ليحصل على معونة، وتمت إحالته للكشف الطبي في مستشفى الملك عبدالعزيز على أن يرسل المستشفى التقارير للضمان الاجتماعي.

يعود “سامي” ويقول: ملايين الدنيا لا تعوضنا الشتات والهلع فضلاً عن كلام الناس وانتشار الخبر ما أوجد لنا بيئة أسرية مُنفرة، وجعلت كل منا يبكي ليلاً ونهاراً، ولا يعرف كيف يتصرف وماذا يفعل؟!

تعليقك على الخبر
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني | الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
  • عابر

    الحمد لله علي سلامه

  • عابر

    هذا ماعتادنا عليه من المستشفيات ولكن نحن في دوله مسلمه لن تترك لك حق
    ونحمدالله على ماوهبنا من نعمة الامن والامان

إقرأ المزيد