6 ملايين عملية إلكترونية عبر منصة أبشر “استدامة” تُعلن نجاح توطين زراعة الهليون لتعزيز الإنتاج المحلي السعودية تندد بأشد العبارات مواصلة الاحتلال الإسرائيلي استهداف وكالة الأونروا خلال زيارة وزير الإعلام لبكين.. شراكة إعلامية سعودية صينية تطلق برامج تنفيذية شاهد.. عودة النعام لصحراء منطقة تبوك هيئة الطرق: فتح الحركة المرورية على جسر نمران في بيشة الملك سلمان وولي العهد يهنئان ملك بلجيكا برعاية الملك سلمان.. افتتاح منتدى الرياض الاقتصادي في دورته الـ 11 غدًا عقرب في طرد “شي إن” يدخل فتاة إلى المستشفى نيابة عن ولي العهد.. وزير الخارجية يرأس وفد السعودية بقمة العشرين في البرازيل
من بين الأصوات التي تاهت في زحام الاحتفالات بالنصر في مختلف أنحاء شبه جزيرة القرم -بعد التصويت بالانفصال عن أوكرانيا والانضمام لروسيا- أصوات التتار، تلك الأقلية المسلمة السنية التي لا يجلب لها احتمال الانضواء مرة أخرى تحت لواء موسكو، سوى الخوف والغموض.
ويعتبر التتار -ذوو الأصول التركية- القرم وطناً لهم، وكانوا يشعرون بارتياح كبير في كنف أوكرانيا، بعد أن رحلتهم السلطات السوفيتية خلال الحرب العالمية الثانية إلى آسيا الوسطى، وبعد ما لاقوه من قمع في عهد جوزيف ستالين.
أما الآن، فإنهم يواجهون ضمهم إلى روسيا الحديثة رغماً عن إرادتهم، وذلك رغم مقاطعة الاستفتاء الذي وافق فيه (97) في المئة من الناخبين في الإقليم على الانفصال عن كييف.
ويمثل التتار (12) في المئة من سكان شبه الجزيرة المطلة على البحر الأسود، ولم يكن احتجاجهم كافياً لتغيير نتيجة الاستفتاء، الذي دفع العلاقات بين الشرق والغرب لأدنى مستوياتها منذ الحرب الباردة.
وتساءل مصطفى أسابا -أحد زعماء تتار القرم-: “لماذا لا أريد أن أكون جزءاً من روسيا؟ حكومة روسيا لا يمكن التنبؤ بتصرفاتها؛ لأن دكتاتوراً يرأسها”. مشيراً إلى الرئيس فلاديمير بوتين هو من دبر عملية ضم القرم وأزعج أوروبا والولايات المتحدة.
وقال أسابا -وهو يرتدي غطاء الرأس الصوفي التقليدي- إنه يخشى أن يلجأ مهيجون -مؤيدون لروسيا في القرم- إلى “الاستفزاز” لإضعاف هوية التتار، بالتضييق على لغتهم وثقافتهم ودينهم.
وقال لرويترز -في منزل صديق له ببلدة بلوجورسك على مسافة (50) كيلومتراً شرقي سيمفروبول -عاصمة القرم-: “تمتعنا دائماً بحرية التعبير.. وأحسب أننا سنقاوم إذا اضطهدونا.. ستحدث محاكمات وسجون، ولن يأتي منها خير.”
ولد أسابا (58 عاما) في أوزبكستان؛ حيث أبعدت أسرته في حملة الترحيل عام 1944، عقاباً للتتار الذين انضموا لوحدات النازي الخاصة وقاتلوا السوفيت.
وخدم كثيرون منهم أيضاً في الجيش الأحمر، لكن عندما استردت القوات السوفيتية شبه جزيرة القرم، أنزل ستالين عقاباً جماعياً بالتتار، ونقلهم بعربات السكك الحديدية المخصصة لنقل الماشية، لقضاء بقية حياتهم في منفى.
ومات كثيرون من المرض والجوع، ولم يسمح لهم بالعودة إلى القرم، إلا في الثمانينات، في عهد ميخائيل جورباتشوف.
أوقات صعبة
ويستمد تتار القرم -الذين واتتهم الجرأة للتعبير عن آرائهم خلال الأزمة الحالية- القوة من المعاناة التي مروا بها في الماضي، لتهيئة أنفسهم للأوقات الصعبة التي يتوقعونها مستقبلاً.
ويقول أسابا: “إذا تحقق أسوأ التصورات بشأن (الانضمام لروسيا) –وما زلنا نأمل أن لا يحدث- فأنا أعتقد أن شعبنا مر بأوقات أسوأ، بما في ذلك الترحيل والحياة في ظل حظر التجول في أوزبكستان.”
وأضاف أنه يعتقد أن عدداً صغيراً من التتار سيغادر القرم الآن، بعد أن اتضح أنها بسبيلها للانضمام إلى روسيا، وهي عملية لم تستكمل رسميا بعد.
وقال: “أعتقد أن (95) في المئة من التتار سيبقون هنا -تحت أي ظروف- لأن القرم وطننا.. ولا وطن غيره.”
ورغم هذه الجرأة الظاهرية، فإنها لا تخفي خوفاً -حقيقياً بين التتار- من أن يؤدي الحكم الروسي إلى تقليص الحريات.
وفي متجر -في نهاية طريق مترب مليء بالحفر في بلوجورسك، تصطف على جانبيه بيوت متواضعة- قالت مديرة المتجر –نيارا- إن الناس يخزنون المواد الغذائية.
وأضافت: “الناس خائفون فعلاً. أنا عندي طفل.. وعن نفسي فأنا مرعوبة.”
وتخشى نيارا من أن يحاول سكان القرم -من الروس- الاستيلاء على ممتلكات من التتار، اعتقاداً منهم أنها ملكهم.
وأضافت: “كثير من منازلنا غير مسجلة.. واللوائح الروسية في هذا الأمر صارمة جداً جداً.”
وتخضع القرم لسيطرة القوات الروسية منذ أسابيع، منذ أرسلت موسكو آلاف الجنود إلى هناك، بهدف ظاهري، هو حماية الروس من “الفاشيين” في كييف، الذين أطاحوا بالرئيس فيكتور يانوكوفيتش، الذي كان يحظى بدعم موسكو.
ويرفض الزعماء الجدد في أوكرانيا والزعماء الغربيون هذا التبرير.
وتزامن الحشد العسكري وتشكيل جماعات من المتطوعين غير المسلحين لتولي مهام أمنية محدودة، مع زيادة في التهديدات اللفظية والبدنية للتتار.
ويذكر القوميون الروس أيضاً خانات القرم، التي حكمها التتار من القرن الخامس عشر حتى القرن الثامن عشر، واشتهرت باستبعاد المسيحيين من أصول سلافية، وبيعهم في الإمبراطورية العثمانية.
وقد نظم التتار -الذين يمثلون نسبة لا بأس بها من سكان بلوجورسك- دوريات غير مسلحة، بحثاً عن أية معدات عسكرية في المنطقة، أو أي شيء -غير عادي- قد يشكل خطراً عليهم.
وقال رأفت شوباروف -أحد زعماء تتار القرم، ممن قادوا الحملة لمقاطعة الاستفتاء للصحفيين يوم الإثنين- إن مصير عشرات من أبناء التتار ما زال مجهولاً، بعد أن اختفوا في الأسبوع الماضي.
وظهرت بلاغات عن حالات اختفاء في القرم -خلال الشهر الأخير- من نشطاء حقوق الإنسان، وأفراد لهم صلة بالاحتجاجات التي شهدتها كييف، وأسفرت عن الإطاحة بحكم يانوكوفيتش، وكذلك صحفيون.
وعثر -الأسبوع الماضي- على جثة أحد التتار -في الثلاثينات من عمره- قال شوباروف، إن اسمه رشاد أميتوف، بعد اختفائه في الثالث من مارس آذار، وقال شوباروف إنه مات بسبب عنف.
السلطات تسعى للتواصل
وقالت السلطات المؤيدة لروسيا في القرم، إنها ستضمن تمثيل التتار في الحكومة المحلية، وتمنحهم حقوق ملكية الأرض، ومساعدات مالية.
كما بحث شوباروف وأسابا، فرص منح تتار القرم شكلاً من أشكال الحكم الذاتي، رغم أن هذه المباحثات في بداياتها.
وقال سيرجي أكسيونوف -زعيم السلطات الانفصالية في القرم- الذي لم تعترف كييف بانتخابه، في مقابلة في الآونة الأخيرة، إن الأموال المتاحة للتتار ستتضاعف هذا العام.
وقال لرويترز: “لا توجد صراعات عرقية أو دينية، ولن نسمح بذلك أبداً”، لكن التتار ينظرون له بريبة شديدة.
فقد قالت لينورا أسانوفا -وهي امرأة تتارية مسنة في بلوجورسك- “أكسيونوف لا يعول عليه، فهو انفصالي، وروسيا تقف وراءه.”
وحذر أسابا بوتين من أن تصرفه العدواني في القرم سيرتد عليه.
وقال: “خلال خمس سنوات سيتكرر الميدان في روسيا” مشيراً إلى الاحتجاجات التي غيرت نظام الحكم في كييف.
وأضاف: “لهذا السبب هو خائف، فمنذ عام لم يكن أحد يتصور أن بوسع أحد الإطاحة بفيكتور يانوكوفيتش.. لا أحد.”